وائل العشري يكتب: أزمة في صرف الأدوية بالتأمين الصحي

أزمة في صرف الأدوية بالتأمين الصحي.. مرضى يواجهون مشقة في الحصول على العلاج
تتفاقم معاناة المرضى داخل منظومة التأمين الصحي، خاصة فيما يتعلق بصرف الأدوية، حيث تتكرر الشكاوى من تعنت في تطبيق بروتوكولات العلاج دون مراعاة للظروف الصحية الخاصة بكل حالة.
في واقعة بمستشفى أكتوبر للتأمين الصحي، توجه أحد المرضى إلى عيادة التأمين الصحي بمستشفى 6 أكتوبرالتابع لها بعد معاناة من آلام شديدة في البطن. وبعد إجراء الفحوصات والتحاليل، تبيّن إصابته بجرثومة المعدة. ورغم وجود تحاليل تؤكد الإصابة، طلبت طبيبة الجهاز الهضمي منه إجراء منظار للمعدة حتى يتمكن من صرف علاج الجرثومة، مؤكدة أنها "تعليمات ملزمة" رغم عدم قناعتها الشخصية بالأمر، ثم قامت بتحويل المريض لإجراء المنظار.
وعند توجهه لحجز موعد المنظار، فوجئ بأن الموعد المحدد سيكون بعد شهر كامل بسبب قائمة انتظار طويلة، فاضطر للانصراف بعد تثبيت الموعد.
ومع تزايد حدة الآلام، قرر المريض العودة مجددًا للمستشفى، وحجز هذه المرة بعيادة الباطنة. وبعد الاطلاع على التحاليل، أوصت الطبيبة بكورس علاجي مكثف لمدة أسبوعين، خاصة وأنه سبق له الإصابة بنفس الجرثومة وتم علاجه، لكنها عاودته مجددًا.
إلا أن المفاجأة كانت عند صرف العلاج، حيث رفضت المسؤولة عن الصيدلية منحه الجرعة الكاملة، مشيرة إلى وجود بروتوكول يمنع صرف المضادات الحيوية لأكثر من أسبوع. ورغم إصرار الطبيبة المعالجة على ضرورة الالتزام بالخطة العلاجية لمدة أسبوعين، أكدت مديرة الصيدليات أن البروتوكول لا يسمح بصرف أكثر من أسبوع، ما اضطر المريض إلى قبول نصف العلاج فقط.
عاد المريض لاحقًا إلى الطبيبة التي أصرت مجددًا على صرف العلاج الكامل لمدة أسبوعين، معتبرة أن الحالة تستدعي ذلك، وقررت تصعيد الأمر إلى مدير المستشفى. وعلى الرغم من استدعائه لمديرة الصيدليات، فقد تمسكت الأخيرة بقرارها، وأصرت على صرف أسبوع واحد فقط، مطالبة المريض بالعودة في موعد لاحق لاستكمال العلاج، وهو ما تم بالفعل، رغم اعتراض الطبيبة المعالجة.
في الموعد المحدد، حضر المريض في الصباح الباكر لاستلام الجرعة المتبقية، وبعد الوقوف طويلًا في الطوابير، فوجئ برفض طبيبة باطنة أخرى صرف الدواء مجددًا، بحجة أنه "تم صرفه مسبقًا". ورغم توضيحه أن ما تم صرفه لم يتجاوز نصف الجرعة، إلا أن الرد جاء بتعنت شديد.
توجه المريض إلى مدير المستشفى الذي كان على علم بتفاصيل الواقعة منذ بدايتها، لكنه لم يتخذ أي إجراء فعلي، واكتفى بالرد بلامبالاة: "لقد صرفت العلاج منذ خمسة أيام، والعلاج مدته أسبوع". وبعد تصحيح المعلومة له بأن الصرف تم قبل ستة أيام ونصف الجرعة المحددة فقط، اكتفى بالقول: "عليك انتظار الطبيبة التي كشفت عليك في المرة الأولى"، مشددًا على أنه لا يوجد بديل.
اضطر المريض للانتظار لأكثر من أربع ساعات، نظرًا لأن طبيب الباطنة في التأمين الصحي يعمل وفق جدول زمني وعدد محدد من المرضى لكل فترة. وإذا لم يحالف المريض الحظ في اللحاق بالدُفعة الأولى، فعليه الانتظار حتى حضور طبيبة الفترة الثانية.
وبمجرد حضور الطبيبة المعالجة، قامت على الفور بصرف العلاج المتبقي، دون أي عوائق.
تطرح هذه الواقعة تساؤلات جادة حول مدى مرونة تطبيق البروتوكولات الطبية، خاصة في الحالات التي تستدعي استثناءات واضحة. فبين صرامة القرارات وواقع المرضى اليومي، يجب أن تكون هناك مساحة للتقدير الإنساني تراعي الوضع الصحي لكل حالة، دون الإخلال بضوابط الصرف،
حتى لا يتحول العلاج إلى معاناة تضاف إلى ألم المرض.