رئيس التحرير
خالد مهران

محمود فرج لـ«النبأ»: نظام مبارك تاجر بالعلاقات مع إيران «علشان يقبض» من الخليج

محمود فرج
محمود فرج

لدينا إعلاميون ومواقع إلكترونية موالون لطهران و«الأهرام» في المقدمة

الدولة الفارسية تنتهج سياسة قذرة في بعض دول المنطقة

الشراكة الإيرانية العربية قائمة باستثناء مصر والسعودية

ثلث الخليجيين أصولهم فارسية وسكان القطيف والأحساء يزورون «قم»

«ولاية الفقيه» اختراع إيراني يرفضه معظم الشيعة

رجال الثورة الإيرانية منتشرون بالخليج للتبشير بالأفكار الشيعية

سفارات طهران في الدول الأجنبية ستار لأنشطة الحرس الثوري

حفل المليار دولار الحرام كان القشة التي قصمت ظهر الشاه

يعتبرالسفير محمود فرج، واحدا من أهم الخبراء في الشأن الإيراني حاليا، بعد أن قضى أكثر من عشرين عاما، من حياته الدبلوماسية في إيران، متدرجا من منصب سكرتير ثان حتى منصب القائم برعاية المصالح المصرية، وهو آخر سفراء القاهرة لدى طهران، والذي شهد لحظات سقوط حكم الشاه، محمد رضا بهلوي، وتمكين الثورة الإسلامية بقيادة آية الله الخميني، وقطع العلاقات المصرية الإيرانية؛ مما أدى إلى خفض التمثيل الدبلوماسي المصري لديهم إلى درجة رعاية المصالح. «النبأ»، التقته، وأدارت معه حوارا فتح فيه جميع الحقائب المغلقة، وكشف خلاله بذكريات مثيرة؛ لذا كان من الطبيعي أن نسأله.

نود في البداية أن نتعرف على شكل الحياة في إيران خلال فترة انفجار الثورة الإسلامية؟
إيران بلد يتميز بالتنوع السكاني والمناخي، فهو بلد بطبيعته منفتح، صاحب حضارة وتاريخ، ولديه فلسفة، وفي هذا التوقيت كان الشارع الإيراني يموج بالغضب والحنق على نظام الشاه، الذى بدا في عليائه كأنه حاكم أجنبي؛ بسبب الامتيازات التي كان يمنحها للغرب، ولعل القشة التى قصمت ظهر نظام الشاه، كانت ذلك الحفل الشهير الذي تكلف ما يفوق مليار دولار، بالإضافة لما احتواه من سلوكيات تضرب بالمقدسات الإسلامية عرض الحائط؛ مما جر على الشاه غضبا كبيرا من الطبقات الفقيرة التى تقع تحت وطأة الفقر والعوز.

وكيف ينظر الإيرانيون للخميني؟
الإيرانيون يكنون كل الحب والتقدير للإمام آية الله الخمينى، فهم لا ينسون أنه ناضل كثيرا منذ الهرب عام 1969 إلى العراق؛ خوفا من بطش الشاه بعدما سجنه لسنين طويلة، ثم منها إلى فرنسا بعد استجابة صدام حسين لطلب الشاه بإبعاده، وفي باريس بدأ خطته لتقويض نظام الشاه، وكان معه نخبة من وجهاء المجتمع الإيراني أمثال قطب زادة، وبازراجاني، وشخصيات من حركة تحرير إيران، ولم يعتمد الخمينى على الإسلاميين فقط من أنصاره بل اعتمد على حركة «تود سيوعي»، وهى حركة يسارية، وما إن استقرت الثورة حتى وقعت البلاد في قبضة الحركة الإسلامية ونظام ولاية الفقيه الذى أرسى قواعده الخميني.

جاء الخميني لإيران بأيدلوجيا ونظام حكم مختلفين فهل من بين أهدافه نشر التشيع في المنطقة العربية؟
أولا يجب أن نفرق بين إيران الدولة، وإيران الثورة، فإيران الثورة تعتمد على أجهزة معينة مثل الحرس الثورى والباسيج، ولهما جيش خاص بهما موجود في مناطق كثيرة داخل إيران، وخارجها في المنطقة العربية، وبخاصة منطقة الخليج، يحملون أيدلوجيا الفكر الشيعي، ويبشرون بنظام حكمهم وبثورتهم وبأفكارهم، فالثورة الإيرانية حتى الآن مازالت حاضرة في المشهد العام، وكانت إحدى أفكار الخميني هي نشر الثورة الإيرانية مثلما فعلت الثورة الفرنسية، وهذه الأجهزة مازالت تعمل وتريد تصدير ثورتهم للدول المجاورة، أما إيران الدولة فهي أجهزة الحكم من رئاسة وجيش نظامي وخلافه، ويوجد تنسيق بين الجبهتين بحيث تعمل كل منهما في الإطار المحدد لها سلفا، وكل هذا بحسب رؤية الإمام آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى وضابط الإيقاع.

إذن هل توجد أجهزة إيرانية لمثل هذه الأنشطة؟
إيران لديها أجهزة بالخارج، وغالبا ما تكون السفارات الإيرانية فى الدول الأجنبية هي المحرك والرأس، ستار أنشطة الحرس الثوري وغالبا ما يتواجد بها ضباط من الحرس الثوري الإيراني، والأجهزة الأخرى.

ما تفاصيل واقعة قطع العلاقات بين مصر وإيران؟
يظن البعض أن لجوء الشاه إلى مصر، وقبول السادات له؛ هو سبب قطع العلاقات، لكن هذا غير صحيح فحتى بعد لجوء الشاه، لم تُقطُع العلاقات لكن الضغط العربي على الإمام الخميني؛ من أجل قطع العلاقات مع السادات؛ كان السبب الأقوى في تدهور وقطع العلاقات، فحين عقد العرب اجتماع بغداد بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وقطعوا علاقتهم بمصر واعتبروا السادات خائنا، ووقف ياسر عرفات، في الاجتماع يصف السادات بالخيانة، وطالب الإمام الخميني قائد الثورة الإسلامية، بقطع العلاقات مع السادات، لكن برغم هذا فإن وزير الخارجية الإيراني وقتها كريم سنجاب، وهو كردي سني، كان متعاطفا بشكل كبير مع مصر، بالإضافة لتعاطف شريعة مداري، وهو أحد آيات الله في مدينة "قم المقدسة" ومن الحوزة الدينية، وكان يحب مصر جدا، وحتى الخميني نفسه كان ضد قطع العلاقات، ورئيس الوزراء مهدى بزرنجاني لم يكن مع قطع العلاقات، لكن الضغوط العربية كانت أقوى وكانت الثورة الإيرانية لاتزال فى بدايتها، وتحتاج لدعم العرب.

هل بين الشيعة من يعارض نظام ولاية الفقيه؟
بالطبع، فهذا النظام هو ابتكار إيراني اختلقته لنفسها، وهو يتماشى مع تقاليدها وحضارتها وثقافتها، لكن شيعة لبنان لا يؤمنون بنظام ولاية الفقيه، والشيعة في العراق لا يؤمنون بنظام ولاية الفقيه، وخرج آية الله علي السيستاني وأعلنها قبل سنوات، والشيعة في باكستان لا يؤمنون بها، وشيعة سوريا كذلك، وهناك أقطاب شيعية رفضتها أمثال الشيخ مهدى شمس الدين، والصدر، والسيستانى رغم أنه من أصول إيرانية لكنه يرفض نظام ولاية الفقيه.

برغم ما يتردد عن عدم وجود علاقات خليجية إيرانية فإن كثيرين يرون أن العلاقات قائمة وتصل لحد الشراكة فما حدود هذا؟
أولا هناك تداخل سكاني بين الخليج وإيران، فما يقارب من ثلث سكان الخليج لهم أصول إيرانية فارسية، ولهم جذور في الدولة الأم، بل إن سكان الشرق في السعودية، وبخاصة في القطيف والأحساء، يذهبون لزيارة «قم» المدينة المقدسة، وهناك اتفاقيات اقتصادية وسياسية بين الخليج وإيران، فهناك اتفاقية تقسيم حقول الغاز بين قطر وإيران في حقول خير، وهناك اتفاقيات سياسية واقتصادية بين سلطنة عمان وبين إيران، كونت من خلالها الدولتان لجنة للإشراف على مضيق هرمز، واتفاقية مع الإمارات، وإيران تمد دول الخليج ببعض الأنواع من الأسلحة، باستثناء مصر والسعودية.

ولماذا لا تستأنف مصر العلاقات مع إيران؟
مصر ارتدت قناع المقاومة واستلمت راية الحرب نيابة عن الإخوة في الخليج؛ وذلك بسبب المصالح التى ربط بها الخليج نفسه بمصر، وكان نظام حسني مبارك لديه دوافع، فقد كان يتاجر بذلك ويقبض الأموال، رغم أنى أبرمت مع بعض الإيرانيين حملة من أجل عودة العلاقات إلا أن حسني مبارك أوقفها، ورفضها، ولم تأخذ مصر أو إيران أى تحركات من أجل عودة العلاقات بعد ثورة يناير، رغم قدوم أحمدى نجاد، لكن الدوافع والمصالح ابتعدت وتشابكت، وعلى الطرفين التقارب؛ لأنها ليست رفاهية بل واجب على أكبر دولتين تعدادا في الشرق الأوسط، وأصحاب أقوى جيوش المنطقة.

البعض يرى أن وجود علاقات مع إسرائيل وعدم وجودها مع إيران مفارقة مصرية غريبة.. تعليقك؟
ابتعاد مصر عن إيران سبب مشاكل للمنطقة العربية، وجفاء العلاقات أدى لانتهاج إيران سياسة قذرة فى بعض الدول العربية؛ لاستعمالها كوسيلة ضغط حال المواجهة، فالعلاقات المصرية الإيرانية سترطب الأجواء الخليجية، وسيكون هناك تقدم ملحوظ فى القضية السورية، فإيران الدولة الوحيدة التي تستطيع الضغط على بشار الأسد؛ لحل المشكلة ومنع بحور الدماء، وأحد مفاتيح المشكلة اللبنانية في يد إيران، والعراق وما فيه، واليمن وما تفجر به، رعاية إيرانية، ومدخل إيران ومفتاحها في يد سلطنة عمان فهى الوحيدة القادرة على إعادة تقييم العلاقات وربط مفاصل الشرق الأوسط.

ولماذا سلطنة عمان؟
المصالح الاقتصادية والسياسية والاتفاقيات بين البلدين أقوى كثيرا مما نتخيل، والمقاربة المذهبية بين الدولتين تضع علاقتهما في مستوى متقدم جدا، فضلا عن وجود تقارب بين النظامين الحاكمين في البلدين، والدور الذى لعبه السلطان قابوس بن سعيد فى الاتفاقية الأخيرة كان هائلا ومحوريا، ويجب على الجميع السماع لسياس داهية مثل قابوس قبل أن يغيبه الموت.

هناك قضايا عربية عالقة مع إيران فهل من تسوية متوقعة؟
قضية جزر الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ليست معقدة بالشكل الذى يصفه الإعلام، ذلك لأن جزر طنب الصغرى صحرواية تسكنها الأفاعي، وطنب الكبرى ليست مأهولة، لكن جزيرة أبو موسى من الممكن والمنتظر أن تكون هناك محاولات لطرح الحلول بخصوصها، ولكن الاتفاق البريطاني الإيراني قضى بترك جزر البحرين للعرب، على أن تكون جزرأبوموسي وطنب بديلا للإيرانيين، ومسألة الأهواز أوعربستان، فهي قضية لم تحسمها الحروب ولا السياسة؛ ذلك لأن صدام الذى أفقد العراقيين زهرة شبابهم هو نفسه الذى وقع اتفاقية "الجزائر عام 1975"، والتي تنازل بموجبها عن الأهواز، ثم رجع فى الثمانينات ليرفع السلاح، ولم يكسب المعركة بل فقد ثروته وكرامته.

هناك من يتهم إيران بأنها تحاول التكويش على دول المنطقة؟
إيران تعتبر المنطقة العربية المجال الحيوي الخاص بها، لكن القضية هنا تتمثل في سؤال وهو هل يسمح العرب لإيران بالتكويش على المنطقة العربية؟ وهل تستطيع هي باقتصادها الضعيف أن تسيطر على العمالقة العرب.

هل توجد علاقات إيرانية إسرائيلية؟
إيران تضغط على الولايات المتحدة من خلال «زر إسرائيل»، فهي تعلم أن إسرائيل مدللة لدى الولايات المتحدة، ولن تستطيع أن تغض الطرف عنها؛ لذا تلجأ إيران للتهديد أحيانا لإجبار الولايات المتحدة على سياسة ما أو موقف معين، لكن إذا رجعنا للتاريخ فلا توجد حادثة عداء واحدة بين إسرائيل وإيران، وحتى حادثة السفارة الأمريكية في إيران، رأينا كيف ساعدت إسرائيل على حلها من خلال تفاهمها مع إيران، ولا ننسى أن الإمام الخميني نفسه، عقد صفقة أسلحة بـ600 مليون دولار مع إسرائيل، فضلا عن وجود يهود إيرانيين مازالوا يعيشون في إسرائيل يعملون في السجاد الإيراني، ولهم احترامهم وتقديرهم وسط المجتمع.

ماذا عن الوفود المصرية التي تزور إيران خاصة تلك المنتمية للصوفيين وبعض الإعلاميين؟
لم أمانع طوال وجودى في السفارة المصرية بطهران، في قدوم وفود مصرية من جهات مختلفة، ويجب أن نعرف أن الإيرانيين لديهم أذرع في مجال الإعلام يستخدمونهما كما يشاءون، وبخاصة في جريدة الأهرام، ولهم بعض المواقع المصرية الممولة من قبلهم، وإن كانت شحيحة الموارد، فالإيرانيون «أبخل خلق الله»، والقائم بالأعمال يريد ملء الطائرة فقط، ويوجد صحفيون كبار لديهم علاقات مع إيران أمثال محمد حسنين هيكل، وفهمي هويدي وغيرهم.

وماذا عن الشيخ أحمد كريمة وزيارته التي أحدثت ضجة؟
الشيخ كريمة، وضعه مختلف وأعتقد أنه لن يرتمي بأحضان الإيرانيين، وهو لم يحصل منهم على أكثر من جبة وقفطان، أو شوية فستق.