صفقة "إف -16" تكشف سر الصمت على غارات إسرائيل لحرب الجماعات الإرهابية بسيناء
يعتبر العداء لإسرائيل أمرًا طبيعيًا داخل الوجدان المصري، فلا تزال تهمة "التطبيع" تطارد كل من تعامل مع "الكيان الصهيوني"، في المقابل، تضع العلاقات السياسية بين القاهرة و"تل أبيب" الأشياء السابقة جانبًا، فالمصالح والاتصالات والتعاملات السرية بين الجانبين يبدو أنها أكثر كثيرًا مما يظهر على السطح، لدرجة التسامح فيما يخص "السيادة المصرية" على الأرض.
التعاملات الأمنية والعسكرية والمخابراتية بين مصر وإسرائيل تحلق في فلك قريب من التعاملات السياسية، فخلال الأيام الماضية، جرى الحديث عن غارات شنتها "تل أبيب" بطائرات بدون طيار على التنظيمات الإرهابية وخاصة "داعش" في سيناء، ما يعد انتهاكًا واضحًا للسيادة المصرية، ومع ذلك لم نجد أية تحركات أو بيانات من الجانب المصري للرد على هذه المعلومات التي تم تسريبها في داخل الوسط السياسي الإسرائيلي.
الحديث السابق يصبح أمرًا مثيرًا للجدل مع وجود معلومات ذكرها الخبير العسكري الإسرائيلي "رون بن يشاي"، عن أن "تل أبيب" سخرت قدرات جهاز مخابراتها الداخلية "الشاباك"؛ في محاولة منها لجمع معلومات عن "داعش" خاصة في مناطق رفح والعريش و"جبل الحلال".
الأخطر من ذلك، أنه كشف أن المخابرات المصرية على علم كامل بكل تلك التحركات، وهو ما يعد تنسيقا أمنيًا وعسكريًا كبيرًا بين الجانبين، لاسيما أن إسرائيل سمحت من قبل لمصر باستخدام طائرات "إف – 16" في قصف مواقع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على الحدود، فضلا عن أن تل أبيب لا تعارض أن تقوم مصر بإدخال قوات برية أو مدرعات ثقيلة إلى داخل العمق في سيناء.
لكن وعلى الرغم من التعاون العسكري والأمني بين مصر وإسرائيل؛ للقضاء على التنظيمات الإرهابية في سيناء، فإن "تل أبيب" دائمًا ما تتخوف من اشتعال "غارات" الجيش المصري على تلك التنظيمات المتطرفة، خاصة أن أجندة "داعش" لا تقتصر على التمدد والسيطرة في سوريا والعراق وسيناء، بل تمتد إلى جبهات أخرى من بينها الأردن التي تعد أطول حدود برية لإسرائيل مع دولة أخرى، وهو الأمر الذي قد يعزز التدخل العسكري الإسرائيلي المباشر ضد "داعش" داخل أراضي سيناء.
لكن ما حقيقة المعلومات بشأن التدخلات العسكرية في سيناء؟، ولماذا تصمت القاهرة على تلك التدخلات؟، ولماذا لم ترد وزارة الخارجية في بيان رسمي على أحاديث المحللين العسكريين الخاصة بوجود غارات لـ"تل أبيب" بسيناء؟ هذا ما يكشفه الخبراء في السطور التالية..
في البداية، يرى اللواء علاء بازيد، الخبير الأمني، أن الدولة المصرية تمتلك العديد من القدرات المعلوماتية والعسكرية التي تمكنها من الحرب بمفردها على الإرهاب في سيناء، مشيرا إلى أن الأحاديث الخاصة بوجود تدخلات و"غارات" عسكرية إسرائيلية في "العمق السيناوي" يعد حديثًا غير مقنع، والهدف منه هو إثارة الرأي العام في القاهرة.
ولفت الخبير الأمني إلى إن إسرائيل دائما ما يصيبها القلق بشأن صفقات التسليح التي يبرمها الجيش المصري، ولذلك تروج للمعلومات عن التدخلات العسكرية في محاولة منها لـ"احتلال العقول" بأفكار تهز ثقة المصريين في الجيش، وتؤثر على عزيمة الجنود، وثقتهم في المؤسسة العسكرية.
ونفي الخبير الأمني وجود أي تعاون بين الأجهزة المخابراتية والأمنية في مصر، ونظيرتها في "تل أبيب"، خاصة أن القاهرة لا تأمن إسرائيل فيما يخص العمل في هذا الجانب منذ هزيمة 73 التي منى بها "الكيان الصهيوني".
وبشأن عدم وجود رد مصري على المعلومات والتسريبات بشأن وجود تدخلات عسكرية وغارات إسرائيلية داخل سيناء، قال الخبير الأمني: " الرد الرسمي من مصر كان سيتسبب في إحراج الأجهزة الأمنية والعسكرية، فضلا عن إفساد العلاقات السياسية بين القاهرة وتل أبيب".
في نفس السياق، قال العميد محمود قطري، الخبير الأمني، إنه للأسف يصدق كل المعلومات المتداولة بشأن التدخلات العسكرية الإسرائيلية في سيناء.
وأوضح "قطري" أن تصديقه لهذه المعلومات يرجع لعدة أسباب ومنها: عدم وجود بيان مصري بالنفي من وزارة الدفاع والحكومة، وهو أمر يدعو لتصديق هذه التسريبات، واتساع رقعة سيناء، واشتعال الحرب على التنظيمات الإرهابية هناك.
وتابع أن القوات المصرية الموجودة على الحدود قد يبدو أنها"قوات شرطة" ولكنها جميعا تتبع "الجيش" من الباطن، فضلا عن أنه لايمكن للجانب المصري التزود بأسلحة ثقيلة في هذه المنطقة في سيناء إلا بموافقة إسرائيل، وهو ما يعني أنه لابد أن يكون بين الجانبين تعاون أمني ومخابراتي كبير، لاسيما أنه من مصلحة إسرائيل القضاء على الجماعات الإرهابية في سيناء.
وأكد أنه في حالة وجود طلعات جوية إسرائيلية في سيناء، فإن ذلك يتطلب موافقة رسمية من السلطات المصرية، خاصة أنه في حالة عدم الحصول على هذه الموافقة، فإن ذلك سيحرج القيادة السياسية المصرية.