الدكتور سعيد أبوعلي: التحديات بالوطن العربي وراء تراجع القضية الفلسطينية.. حوار
قال الدكتور سعيد أبوعلى، الأمين العام المساعد لـ«الجامعة العربية»، والمسئول عن قطاع فلسطين والأراضي المحتلة، إن العالم العربي يشهد العديد من التهديدات الخطيرة التي تصب في مصلحة إسرائيل التي لا تريد السلام، وتحاول تنفيذ مخططاتها الصهيونية.
وأضاف «أبوعلي»، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يريد إضافة الجهود المصرية على المبادرة الفرنسية؛ لحل القضية الفلسطينية، منوهًا إلى أن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية هي السبيل الوحيد لتحقيق المصالحة السياسية بين حماس و«فتح»، وإلى نص الحوار:
ما قراءتك للمشهد السياسي العربي؟
المشهد العربي ليس بحاجة إلى تشخيص وتحليل، فالدول العربية تحيط بها العديد من التهديدات الخطيرة التي ستؤثر على الأجيال المقبلة، وهذه التهديدات تستهدف العديد من كياناتنا ومؤسساتنا جراء الإرهاب المنظم من العصابات الإجرامية التي تستهدف دولنا ومجتمعاتنا، وهذه العصابات تحمل العديد من المسميات التي لا علاقة لها بالدين ولا بالإنسانية ولا بالقيم، وتكون سببًا في بحور الدم، والخراب الذي يهدد مجتمعاتنا.
لماذا تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية؟
ليس تراجعًا بمعنى التراجع ولا التخلي، ولكن هناك تحديات كبيرة تواجه العالم العربي، وهذه التحديات فرضت أولويات سياسية ينشغل العالم العربي بها، وهذه تحديات «مربكة» أضعفت التعاطي مع القضية الفلسطينية، في الوقت الذي تحتاج فيه هذه القضية إلى تركيز وحشد موارد وطاقات؛ لمواجهة الخطر الصهيوني والاحتلال، ولكن بالرغم من ذلك، فإن القضية الفلسطينية مازالت تشغل اهتمام العرب، رغم وجود العديد من الأولويات الأخرى، خاصة أنها قضية محورية للأمة العربية، لأن التهديدات الإسرائيلية خطر على الأمة العربية كلها وليس فلسطين فقط، ولكن تل أبيب هي المستفيدة بالدرجة الأولى من الأحداث الجارية في المشهد العربي الراهن، التي تمكن إسرائيل في نفس الوقت من «الاستفراد» بالقضية الفلسطينية، لإحداث أمر واقع جديد على الأراضي الفلسطينية، سواء فيما يتعلق بالقدس أو الاستيطان، تهويداً وتهجيراً للسكان، وطمساً للقضية الفلسطينية، وهذا ما يواجهه الشعب الفلسطيني بكل ثبات وإصرار وعزيمة قوية.
لماذا رحبت إسرائيل بمبادرة السيسي لحل القضية الفلسطينية ورفضت نظيرتها الفرنسية؟
إسرائيل ترفض أي جهد وأية مبادرة لتسوية ومعالجة الصراع العربي الإسرائيلي، وهي تريد فرض حالة من الجمود؛ لتوظيف المشهد العربي لصالحها، والعمل الحثيث لتنفيذ المخططات الصهيونية، كل هذه الأهداف الإسرائيلية تتطلب تجميد عملية السلام، وتضييق الآفاق، والقضاء على آمال السلام؛ لكي يصاب الشعب الفلسطيني باليأس، ومحاصرة نضاله وصموده، والتملص من تطبيق أبسط متطلبات قواعد القانون الدولي، فهي إذاً تريد عزل القضية الفلسطينية عن أي مسرح دولي، لهذا كانت تضع كل العراقيل أمام استمرار عملية السلام، لذلك فهي ترفض المؤتمر الدولي ولا ترحب بالمبادرة المصرية والجهد المصري بقناعة لتحقيق السلام، سواء كان الجهد مبنياً على المبادرة الفرنسية، أوعلى ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسى الذي يريد إضافة الجهود المصرية على الجهود الدولية ومنها المبادرة الفرنسية لتحريك المياه الراكدة وتوظيف مزيد من الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لاستئناف عملية سلام حقيقية وجادة، تحقق الأهداف المرسومة لها وهي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية وتمكينها من ممارسة سيادتها، وهو بالمناسبة موقف يلتقي مع الاحتياج الفلسطيني ومع الموقف السياسي المعلن، وهو موقف يتسق الموقف الفلسطيني الرسمي.
ما آخر التطورات في ملف المصالحة الفلسطينية؟
التطورات الآخيرة تتمثل في اقتراب إجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة والضفة الغربية، وإعلان حماس استعدادها ونيتها لإجراء هذه الانتخابات والمشاركة فيها إلى جانب كل القوى الفلسطينية، خاصة أن هذه الانتخابات تمثل عملية ديمقراطية سيتوقف عليها تحقيق العديد من الأهداف، ومن يستطع إقامة الانتخابات المحلية سيكون بوسعه التقدم للأمام نحو الانتخابات التشريعية، وهذا الهدف هو أحد مرتكزات تحقيق المصالحة الفلسطينية من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون بداية للوحدة، وإنهاء وحسم الانقسام وتحقيق المصالحة بين حماس وفتح، وتحقيق المصالحة الفلسطينية التي تعد المطلب الأول والأساس لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني.
هل منحت الجامعة العربية مقعد سوريا للائتلاف السوري؟
لا.. مقعد سوريا شاغر حتى الآن بناءاً على قرار من مجلس الجامعة خاص بتجميد العضوية، وهذا يعتمد على الدول العربية وليس الجامعة فقط.
ما تعليقك على قمة نواكشوط التي لم تشهد إقبالا عليها وتجاهلت القضية اليمنية؟
قمة نواكشوط تناولت كل القضايا العربية، وعليكِ مراجعة قرارات القمة التي شارك فيها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وكان له خطاب ومداخلات مهمة، وقررت القمة الانعقاد القادم برئاسة الجمهورية اليمنية، وبدأت التحضيرات لها من اليوم، فكيف يقال إن هناك تجاهلاً لموضوع اليمن؟! القمة نجحت، وتتمثل أهمية نجاحها أولاً في الحفاظ على دورية انعقاد القمة العربية في ظرف استثنائي حتى على المستوى اللوجيستى، وكل مشاريع القرارات التي تمت مناقشتها على مستوى المجالس التحضيرية من المندوبين وحتى وزراء خارجية العرب تم إقرارها، وبالتالي هي وفق الآليات والأصول المتبعة في جامعة الدول العربية، في القمم العربية، حققت النجاح المنتظر من عقدها، ولا أعلم لماذا يحاولون في بعض وسائل الإعلام الإشارة إلى ضعف القمة، كل الدول كانت حاضرة وممثلة برؤساء وأمراء وأخذت القرارات المطروحة التي تم إعدادها حتى قبل أن يتقرر عقدها في نواكشوط، والجمهورية الإسلامية الموريتانية جزء من الوطن العربي لها الحق في استضافة القمة العربية ورئاستها، ومن المهم في رأيي الشخصي أن يتنوع مكان استضافة القمة، وأن تصل القمة إلى نواكشوط شيء مهم، وأسأل الله أن تعقد القمة مستقبلاً في القدس المحررة عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة.
هل هناك خطة لتنفيذ سايكس بيكو جديدة بالمنطقة العربية؟
هناك بعض الأحداث في العالم العربي تأخذ منحنياتٍ طائفية أو مذهبية، وهذا أمر لا نستطيع إنكاره، وهذه الأحداث هي جزء من مخططات تستهدف مصالح الدول العربية، وإجهاض انجازاتها، والعبث بمصائرها ومستقبل أجيالها، وفي نطاق هذا التعسّر تختلط الكثير من الأوراق لتأخذ أبعاداً في نطاق ما أسفرت عنه مجريات الأحداث الدموية من تقويض لكيان بعض الدول مثل ما يجرى في سوريا على سبيل المثال، بالنسبة لكل العرب وكل سوري، سوريا هي قلب العروبة النابض، معاناة الشعب السوري وما لحق به من دمار وغرق في بحر الدماء، وتقسيمها جغرافياً على الأرض من عصابات وجماعات، يعطي انطباعًا سيئًا، وينذر بتقسيم ما هو مقسم أصلاً من البلاد العربية.
وما دور جامعة الدول العربية في مواجهة ذلك؟
المهمة الأساسية للجامعة العربية أصلاً، هي معالجة هذا الانقسام، والارتقاء بالعلاقات «العربية - العربية» نحو مزيد من التكامل والتضامن والوحدة، فلا يجوز أن نستسلم لمقولات أو محاولات فرض واقع التجزئة والتقسيم، يجب أن نكون أكثر إيماناً وإصراراً على إنقاذ الوضع العربي الراهن وعلى توفير الحماية لمستقبل أولادنا، بمزيد من التكامل والتضامن على طريق الوحدة، والطريق الوحيد الى هذا السبيل، هي القضية الفلسطينية، فلسطين هي التي تجمع الشمل والصف الواحد، وتستنهض قدرات وموارد الأمة العربية دون التقليل بطبيعة الحال من مواجهة خطر الإرهاب، لأنها مواجهة واحدة إذ أن الإرهاب الإسرائيلي هو الأساس لكل مظاهر العنف الإرهابي، وهو المستفيد الأكبر مما يحدث في المنطقة العربية.