محمود بدر و «الإعلام».. من يقف خلف ظهور «فتى المخابرات» على الفضائيات؟
لم يكن هذا الشاب يعلم أنه في يوم من الأيام سيصبح نجمًا في عالم السياسية، ونائبًا في برلمان صنُع في مطبخ «الأمن الوطني»، كان يخرج من جريدة لأخرى دون أن يحقق نجاحًا ملموسًا، لم يترك أثرًا في بلاط صاحبة الجلالة؛ يشفع له في تعيين، أو يكون «بابًا ملكيًا» لدخول نقابة يُقال دائمًا إنها تكره أبناءها، لكن وسط «كومة» هذا الفشل، انتشلته يد الأجهزة الأمنية لتصنع منه صوتًا ثوريًا «مزيفًا» يقود حركة نجحت بـ«دعم الكبار» في إسقاط رئيس منتخب من سدة الحكم في مصر.
ربما يكون الحديث الآن عن «محمود بدر» مثار جدل وخلاف، لكن هناك بعض الأصوات المؤيدة له ترى أنه شاب ورث الاتجاه الناصري عن والده «إسماعيل بدر»، وأنه كان يتطلع للتغيير والعمل في السياسة منذ الصغر، خاصة بعد مشاركته في الحملة المؤيدة لانتخاب الكاتب والباحث ضياء رشوان، نقيبًا للصحفيين، في المعركة التي خاضها في عام 2008، ضد مرشح نظام «مبارك» وقتها الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد.
بعد الهزيمة المتوقعة لـ«رشوان»، قال محمود بدر: «يكفينا شرف المحاولة.. كنا شباباً في مواجهة الدولة»، ولم يكن يعلم وهو ينطق بهذه العبارة أنه سيكون متهمًا في يوم من الأيام بأنه «ابن الدولة» الذي اُستخدم بطريقة مخابراتية كـ«عصا غليظة» لتآليب الجماهير ضد نظام جماعة الإخوان المسلمين، بالرغم من أن الكاتب الصحفي عبد الرحيم قنديل، رئيس تحرير جريدة «صوت الأمة» قال عنه يومًا ما: «إن هذا الشاب سيكون في يوم من الأيام خليفة للمناضل العمالي الشهير كمال أبو عيطة».
على الجانب الآخر من النهر، يراه كثيرون من المتابعين للشأن السياسي أنه كان أداة فعلية استخدمته الأجهزة الأمنية في الحشد ضد نظام «مرسي»، حتى سقط، لكن هذه اليد التي امتدت لـ«بدر» لم تنقطع، حيث ساعدته في الوصول إلى «كرسي البرلمان» بعد ترشحه ضمن قائمة «في حب مصر»، التي شكلها اللواء الذي كان قريبًا من الجيش، سامح سيف اليزل، الذي رحل عن عالمنا، بعد أن كان واحدًا من أكثر النماذج التي دللت على نجاح علاقة الجيش بالسياسة في تشكيل كيانات ستكون هي السلطة التشريعية والرقابية فيما بعد.
«بدر» عاد من جديد للواجهة بعد ظهوره على فضائية «Ten»، مقدمًا لبرنامج «قلب الوطن» الذي يركز على مناقشة القضايا السياسية والاقتصادية التي تشغل الوطن، فضلًا على تخصيص فقرة بعنوان «سلام يا صاحبي» التي تهتم بتوثيق بطولات شهداء سيناء في مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة بـ«أرض الفيروز»، والعمل على تسليط الضوء على القضايا المصرية والعربية.
عند الحديث عن الاتهامات التي توجه لحركة «تمرد» بشأن تبعيتها للمخابرات، كان محمود بدر يقول:«إن تمرد خرجت كصرخة للشعب المصري ضد حكم الإخوان المسلمين وأيضاً كداعم للقوى السياسية التي كانت ضعيفة في المواجهة مع حكم الجماعة، لاسيما جبهة الإنقاذ، التي تضم معظم القوى السياسية التي كانت مكتفية برفع شعار إقالة الحكومة فقط، ولكن الحركة خرجت بمطلبين هما: سحب الثقة من مرسي، وإقامة انتخابات رئاسية مبكرة».
لكن دفاع «بدر» ينفيه ما حدث قبل ترشح عبد الفتاح السيسي للرئاسة؛ حيث أعلن مؤسس حركة «تمرد» بصورة واضحة انحيازه لـ«الجنرال» القادم من بيروقراطية الحياة العسكرية، ما كان سببًا في انشقاق عدد من أهم مؤسسي الحركة، مثل حسن شاهين، ومحمد عبد العزيز، ومي وهبة، وخالد القاضي، وما يقرب من 50 عضوًا، ما يعكس أن هذه القيادات كانت ترى أن محمود بدر صار «غارقًا لشوشته» في أحضان نظام ما بعد 3 يوليو.
كما ظهر تسريب صوتي للواء عباس كامل، مدير مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي، يكشف فيه عن تمويل حركة «تمرد»، كما يظهر تصرف القوات المسلحة بوديعة إماراتية خاصة بالحركة في البنك المركزي المصري، وهو التسريب الذي كذبته الحملة.