رئيس التحرير
خالد مهران

«طعنة جديدة من الشقيقة».. السعودية تنتقم من مصر في مجلس الأمن

السيسي وسلمان - أرشيفية
السيسي وسلمان - أرشيفية


نشرت جريدة «الأخبار» اللبنانية، تقريرًا صحفيًا تناولت فيه الكواليس التي سبقت موافقة مجلس الأمن على قرار إدانة الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين، وكيف تراجعت مصر عن هذا القرار الذي كانت قد تقدمت به في البداية؟.



وقالت «الأخبار» في تقريرها: حالة استياء شديدة سادت أروقة الأمم المتحدة ليومين، بعد طلب مندوب جمهورية مصر العربية، تأجيل مناقشة مشروع قرار لمجلس الأمن، كان قد تقدم به بنفسه، بصفته العضو العربي في المجلس، ينص على إدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.



وتابعت: طلب تأجيل التصويت فجر عاصفة قوية من الانتقادات لموقف البعثة المصرية، وسخطاً لدى الجانب الفلسطيني الذي رأى أن موقف القاهرة «طعنة في الظهر» للجهود الدبلوماسية التي بذلتها البعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة في خلال الأشهر الماضية.



ونقلت الجريدة عن مصادر مطلعة بالأمم المتحدة شاركت في عملية صياغة مسوّدة القرار، وحشد الدعم الدولي اللازم لإمراره، قولها إن مسودة القرار صاغتها البعثة الفلسطينية، وطُلب من مصر لكونها عضوًا حاليًا في المجلس، التقدم به للتصويت عليه، لكن الأخيرة رفضت آنذاك الطلب الفلسطيني بذريعة أن على الفلسطينيين الحصول على تكليف رسمي من اللجنة الرباعية العربية، التي تضم في عضويتها إلى جانب مصر كلاً من الأردن والمغرب والجامعة العربية.



وقالت الأخبار، إن اللجنة الرباعية ردت بمزيج من الرفض والتأجيل، بحجة أنها تريد قراراً يتحدث عن حل شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو أمر تعرقل منذ مدة بسبب إصرار حكومة العدو على مسألة «يهودية الدولة»، ثم طلبت من البعثة الفلسطينية صياغة مسوّدة القرار البديل من أجل تقديمه إلى مجلس الأمن بعد انتهاء الانتخابات الأميركية، خاصة أن الظنون كانت تدور لدى الأنظمة العربية حول فوز المرشحة السابقة هيلاري كلينتون.



بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب وإعلانه دعمه أنشطة الاستيطان الإسرائيلية، أعاد ذلك الأمور إلى الحلقة الأولى، وبعث الحياة من جديد في صيغة القرار الأولى التي تقدم بها الفلسطينيون، وهي تقتصر على إدانة الاستيطان.



يضيف المصدر الأممي، أن الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن كانوا في سباق مع الزمن من أجل استصدار قرار من المجلس «يرسّم حدود الدولتين ويدين الاستيطان ويطالب بوقفه قبيل مغادرة إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما وتسلّم خليفته ترامب زمام الأمور في البيت الأبيض».



في غضون ذلك، أفادت مصادر فلسطينية مطلعة بأن الإدارة الأميركية أبلغت الوفد الفلسطيني، الذي زار واشنطن قبل أيام وضم كلاً من كبير المفاوضين صائب عريقات ورئيس جهاز المخابرات اللواء ماجد فرج، نيتها تجنب استخدام حق النقض «الفيتو» في حال طرْح القرار للتصويت في مجلس الأمن. لكن البعثة المصرية واصلت سياسة المماطلة والتسويف حتى بعدما صدرت إشارات من بريطانيا والولايات المتحدة من أجل التقدم في طرح المشروع.



هذا السلوك المصري دفع نيوزيلندا إلى التقدم بمشروع قرار آخر لقي ــ رغم ضعفه ــ ترحيباً فلسطينياً في ظل غياب أي تحرك عربي بديل، فيما سعى الأردن إلى الضغط على البعثة النيوزيلندية حتى تسحب مشروع قرارها، لكن الأخيرة أوضحت لجميع الأطراف أن السبيل الوحيد لثنيها عن المضي به هو تقدّم أحد الأطراف العربية بمشروع قرار بديل.



جراء ذلك، أمر وزير الخارجية المصري سامح شكري مندوبه في الأمم المتحدة بطرح مشروع القرار الأصلي على طاولة المجلس، فكان أن استجاب المندوب لطلب بلاده وزاد عليه بتحديد يوم أول أمس الخميس في الساعة الثالثة بتوقيت نيويورك موعداً للتصويت.



تضيف المصادر، أن الوزير سامح شكري كان يقصد من وراء هذا الطلب الالتفاف على الشرط النيوزيلندي من دون أن يصل الأمر إلى حد التصويت الفعلي، لكن مندوبه في الأمم المتحدة، أخطأ فهم التوجيه الصادر إليه.



وقالت الصحيفة اللبنانية، إن إعلان موعد التصويت على القرار فجّر غضب إسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، فتدفق سيل من الاتصالات الإسرائيلية مع الدائرة المحيطة بالرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أدت إلى اتصال الأخير بالرئيس عبد الفتاح السيسي، ومطالبته بكبح عملية استصدار القرار، الأمر الذي امتثل له مباشرة، وطلب بذلك تأجيل التصويت.



لكن الوقت كان قد دهم السيسي، لأنه وفق النظام الداخلي المعمول به في الأمم المتحدة، فإن المادة رقم 35 تنص على أن من حق الأعضاء التي وقّعت على مشروع القرار التقدم به للتصويت عليه في أي وقت، خاصة إذا مضى موعد التصويت الأول الذي حدده المتقدم الأصلي.



وأشارت الصحيفة اللبنانية، إلى أن هذه المادة كانت هي البوابة التي حاججت بها البعثة الماليزية لإعادة التصويت، خاصة أنها تصدرت جهود الحشد للتصويت على القرار، فيما عزز جهودها مطالبة السعودية كل الأطراف العربية بدعم تحركها في الأمم المتحدة، وهي خطوة سعودية فسّرها البعض بأنها تندرج ضمن تصفية الحسابات مع مصر.



وفعلاً، أبلغت ماليزيا الأطراف العربية بأنها ستطلب تحديد الساعة الثالثة بتوقيت نيويورك من يوم، أمس الجمعة، للتصويت على مشروع القرار، كما أراده الفلسطينيون، بعد انقضاء المهلة التي كانت أربعة دول أعضاء قد منحوها للجانب المصري للتراجع عن موقفه، وجاءت النتيجة بأن صوّت أعضاء المجلس على القرار، الذي حمل رقم 2334، بموافقة 14 عضواً من أصل 15 وامتناع واشنطن عن التصويت.



وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الجمعة، أن إسرائيل لن تمتثل للقرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي الجمعة والذي يدعو إلى وقف الاستيطان.



وقال مكتب نتانياهو في بيان إن "إسرائيل ترفض هذا القرار المعادي لإسرائيل والمخزي من الأمم المتحدة، ولن تمتثل له".


وفي أول تعليق على تبني مجلس الأمن قرار بإدانة المستوطنات الإسرائيلية، وجه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، رسالة إلى مجلس الأمم المتحدة.



وقال «ترامب» عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، الجمعة: «فيما يخص قرار مجلس الأمن، أقول إن كل شيء سوف يتغير بعد 20 يناير المقبل».



وانتقد الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، سحب الوفد المصري في مجلس الأمن مشروع قرار، لإدانة الاستيطان الإسرائيلي.



وقال "البرادعي" عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "من المؤسف أيًا كانت الضغوط والمصالح الضيقة أن نفقد بوصلتنا القومية أو التزامنا الأخلاقي".



وكان مجلس الأمن قد وافق على قرار تقدمت به كل من فانزويلا ونيوزيلاند وماليزيا والسنغال، لإدانة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، مساء الجمعة، وذلك بعد سحب مصر مقترحها الذي اعدته لإدانة الاستيطان بالأمس.



وصوتت مصر مع 13 دولة أخرى لصالح القرار، في حين امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت.