رئيس التحرير
خالد مهران

قصة «ذبح» محمد هشام عبيه في «اليوم الجديد» برعاية الأمن الوطني

محمد هشام عبيه -
محمد هشام عبيه - أرشيفية


لم يكن جديدًا أن نسمع عن التدخلات الأمنية في تحديد مسارات، أو رسم سياسات صحف ومواقع إخبارية معينة، أو منع مقالات من النشر في وسائل إعلامية أخرى؛ فقد أصبح هذا الأمر من طبائع الأمور في مصر، لاسيما مع إدراك «أبانا الذي في المخابرات»، أن «الميديا» كان لها الفضل الأول في شحن الجماهير، وزيادة حدة الغليان ضد أنظمة سقطت بعد الثورة التي انطلقت أولًا على صفحات الجرائد.

نرشح لك




الحديث السابق يؤكده ما حدث في جريدة «اليوم الجديد».. تلك النافذة الإعلامية الوليدة التي وجدت في وقت قصير، صدى سريعًا عند القراء؛ بل إنها تجربة شبابية تستحق الإشادة؛ فهي تقدم مادة صحفية تفوح «رائحة الثورة» من بين سطورها، وتبشر بحالة من التغيير وسط عدد كبير من الصحف والمواقع التي أصبحت لا تغرد ولا تفكر ولا تكتب خارج سرب النظام؛ فالسيسي رئيس الضرورة، والنظام الحالي كله «إنجازات ومعجزات»، والمعترضون هم «أهل الشر».


لكن الأجهزة الأمنية لم ترق لها سياسة تلك الصحيفة الوليدة؛ وبدون سابق إنذار، اختفى اسم الكاتب الصحفي الشاب محمد هشام عبيه، من على «ترويسة» الجريدة.. قد يصبح هذا الأمر غير مهم للقارئ الذي لا يهتم في الغالب بأسماء رؤساء التحرير؛ فتلك رفاهية لا يعرفها المصريون، وعلى الجانب الآخر من النهر، كان عدد كبير من العاملين في الوسط الصحفي يتساءلون عن سر اختفاء «عبيه» الذي ستخسر الجريدة برحيله الكثير.. هل ترك «اليوم الجديد» للانضمام إلى تجربة صحفية أخرى؟.. هل حدثت خلافات بينه وبين الإدارة باعتبار أن هذا الأمر وارد في كل المؤسسات الصحفية؟.. هل وهل وهل…


تعب أصحاب السؤال من «الهلهلة».. لكن مصادر كشفت القصة الكاملة للإطاحة بالكاتب الصحفي محمد هشام عبيه من رئاسة تحرير جريدة «اليوم الجديد»، منوهة إلى أن الجريدة نشرت منذ فترة موضوعًا صحفيًا عن الناشط اليساري، والمرشح الرئاسي السابق خالد علي، وأن هذا الموضوع كان سببًا في غضب جهاز «الأمن الوطني».


وأضافت المصادر لـ«النبأ»، أن المسئولين عن الجريدة حذفوا الموضوع الصحفي بعد نشره على الموقع الإليكتروني، لاحتواء غضب الأمن، لكن هذا الأمر لم يكن كافيًا لإرضاء «الأمن الوطني» الذي طالب بإنهاء عمل الكاتب الصحفي محمد هشام عبيه من رئاسة التحرير، لاسيما أن سياسته في المواد التحريرية التي تنشرها الجريدة لا تُعجب «الأجهزة السيادية»، وأصبحت مصدر إزعاج له.


ولفتت المصادر ذاتها إلى أنه بعد الإطاحة بالفعل بـ«عبيه» من رئاسة تحرير الجريدة، تمت الاستعانة بمدير مكتب جريدة «الوطن» في الإسكندرية لشغل المنصب.


انتهت رواية المصدر عند ذلك، أم صدق تلك الرواية من عدمه فليس من مسئوليتنا، وللمسئولين في الزميلة «اليوم الجديد» حق الرد.

اقرأ أيضًا:






أما الكاتب الصحفي محمد هشام عبيه، فقد أعلن وبصورة هادئة، عبر حسابه بـ«فيس بوك»، مغادرة موقعه كرئيس تحرير جريدة وموقع «اليوم الجديد».


شكر «عبيه» كل من دعم ورحب بالجريدة منذ انطلاقها، وكل من ساهم بالعمل فيها، مُضيفًا:«كل التقدير لكل الزملاء الذين شاركوا- عن محبة وشغف - في صناعة اليوم الجديد المطبوعة والموقع».


وتابع: «تقدير صادق وشكر حقيقي للأب الروحي - فعلا وليس مجازا - لهذه التجربة الأستاذ سليمان القلشي الناشر الجدع، الذي أدار بكفاءة مركب يضج بجموح شبابه في قلب محيط هادر ومضطرب، أعانه الله على كل ما هو قادم».


هل تصبح عبارة «أعانه الله على كل ما هو قادم» توقعات حقيقية بما ستواجهه جريدة «اليوم الجديد» من تضييقات أمنية خلال الفترة القادمة؛ لاسيما أنها أصبحت من النوافذ الصحفية الموضوعة على «القوائم السوداء المزعجة» عند الأمن.


تكشف المعلومات المتوفرة عن الصحفى الشاب محمد هشام عبيه، أنه من مواليد محافظة الدقهلية 17 مايو 1980، وعمل محررًا بجريدة «الدستور»، ومحررًا سابقًا بموقع «بص وطل»، ورئيس قسم الديسك لعدد «الدستور» الأسبوعي، كما عمل رئيسًا لقسم التحقيقات بجريدة «التحرير».


من الجوائز التي حصل عليها عبيه: جائزة أحمد رجب في الكتابة الساخرة من نقابة الصحفيين عام 2010، وجائزة الصحافة الثقافية لعام 2014.


من مؤلفات محمد هشام عبيه: «بدون تأشيرة»، «الكتاب الأمريكاني»،


أما فلسفة محمد هشام عبيه عن الصحافة فقد تكون وحدهًا سببًا في إزعاج الأمن؛ فهو يرى أن  الصحافة «كيف» و«مزاج» لأصحاب الموهبة الربانية لا شفاء منه قط، والشجاعة ليست فقط في أن تقول رأيك، وإنما في أن تشجع الآخرين على الكلام.


هذه الفلسفة استقاها «عبيه» من عمله لفترة طويلة مع الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة «المقال».


نرشح لك:

من «الألف للياء».. قصة الخروج المُذل لـ«عبد اللطيف المناوي» من فضائية «الغد»