زيارة الرئيس الأمريكي بعيون صينية: ترامب يستفيد من الصراع بين الرياض وطهران
حظيت زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لمنطقة الشرق الأوسط باهتمام وسائل الإعلام الصينية التي تابعت وسلطت الضوء على تفاصيل الزيارة، وقللت من أهميتها في تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط رغم رسائل السلام التي حملها ترامب في القمة إلى العالم الإسلامي.
وأبزز المحللون والخبراء الصينيون تناقضات عديدة لترامب لتحقيق مصالح بلاده تحت شعار "أمريكا أولا"، ولاسيما في سياق رسالته المتعلقة بالسلام في ضوء صفقات السلاح الضخمة التي أبرمها خلال الزيارة وتوبيخه لقوى إقليمية أخرى مثل إيران.
وقال "وانغ هاو"، الباحث بمركز الدراسات الأمريكية في جامعة فودان بشانغهاي، إن زيارة ترامب تدل بوضوح على أن المنطقة تتمتع بقيمة جيوإستراتيجية هامة بالنسبة للولايات المتحدة، وأن ترامب يرغب في تحسين علاقات بلاده مع دول الشرق الأوسط بعد تدهورها في عهد سلفه باراك أوباما.
وأفادت "شينخوا"، الوكالة الرسمية للصين، بأن ترامب يرى أن سياسة أوباما المتمثلة في عدم التدخل بالقدر الكافي لمكافحة الإرهاب ساهمت في تدهور الوضع بالمنطقة.
ونقلت الوكالة الرسمية للصين على لسان "دياو دا مينغ"، الباحث بمعهد بحوث الدراسات الأمريكية في أكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية، رأيه بأن تكون إدارة ترامب أكثر جدية ونشاطا في مكافحة الإرهاب وإيجاد حل للقضية السورية.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية العويصة، بدا المحللون الصينيون أقل تفاؤلا إزاء تحقيق تقدم في عهد ترامب.
وسلطت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، المقربة من الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، في مقالة لـ"شو مينغ" الباحث في دراسات الشرق الأوسط بعهد شانغهاي للدراسات الدولية على العديد من الصعوبات التي تقف في وجه تحقيق ذلك، بما في ذلك صعوبة إيجاد حل لقضايا مستعصية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي فيما يتعلق بالاستيطان ووضع القدس.
وكان ترامب تعهد بنقل سفارة بلاده إلى القدس أثناء الحملة الانتخابية، وأعرب صراحة أنه لا يدعم حل الدولتين.
وقال "ما شياو لين"، الأستاذ في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين، إن ترامب يعد رئيسا أمريكيا مقربا لليهود، ولن يضحى بمصالح إسرائيل في القضية، وتحقيق اختراقه في القضية الفلسطينية يتوقف على الخطوات التي ستتخذها الولايات المتحدة في المرحلة القادمة.
ويتفق الصينيون على أن زيارة ترامب تظهر مدى تمسك إدارة ترامب بقيادة العالم وعزمهما على الحفاظ على تأثير الولايات المتحدة في العالم والإمساك بزمام المبادرة في التعامل مع الشئون العالمية.
وأكد "وانغ لين تسونغ"، الباحث في شئون غرب آسيا وشمال إفريقيا بأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية، أن إدارة ترامب توظف صفقات الأسلحة الضخمة في تعزيز علاقاتها مع الحليف، ووقوفها إلى جانب ضد الآخر ما قد يزيد من المنافسة الجيوسياسية في المنطقة ويوسع الفجوة بين الطوائف الدينية، وهو ما قد يؤثر سلبا على تضافر الجهود الرامية إلى مكافحة الإرهاب وتحقيق استقرار المنطقة وإحلال السلام فيها.
كان "وانغ" يشير إلى صفقة الأسلحة التي أبرمها ترامب مع السعودية بقيمة 110 مليارات دولار وخطابه المناوئ إلى إيران.
وقال إن هدف إدارة ترامب من الترويج للتهديد الإيراني يكمن في إغراء الدول العربية لشراء أسلحة من الولايات المتحدة والإسهام بذلك في دفع تنمية الاقتصاد الأمريكي، وهذا قد يحفز المتشددين داخل إيران ويجعل الصراع في المنطقة متصاعدا بين القوى الإقليمية وبعضها البعض وبين أمريكا وروسيا.
ورأى المحللون الصينيون، أن أول زيارة خارجية لترامب إلى المنطقة لا يمكن أن تعني تخلي الولايات المتحدة بشكل كامل عن استراتيجية إعادة التوزان لآسيا والتي تهدف بالأساس إلى احتواء الصعود الصيني.
وقال "ما شياو لين": "إن الانسحاب الجزئى من آسيا قد يحدث، مع احتياج إدارة ترامب إلى مساعدة الصين في تسوية القضية النووية لشبه الجزيرة الكورية، لذلك، شهدت العلاقات الصينية -الأمريكية نوعا من الانسجام والتفاهم غير المسبوقين في الأشهر الأخيرة".
وتابع: "مع كل هذا، لن ينبذ ترامب من المنظور البعيد فكرة احتواء الصين ولن يتخلى عن حلفائه في آسيا. لهذا لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستعمق مستقبلا إنخراطها في شئون الشرق الأوسط".
واتفق الخبراء الصينيون على أنه من المبكر الحكم على مدى تأثير زيارة ترامب على الوضع فى الشرق الأوسط، في ضوء أن الإستراتيجية والسياسة الأمريكية الخارجية لم تتبلور بعد.