رئيس التحرير
خالد مهران

مصير أهم «3» ملفات كبرى فى الشرق الأوسط بعد قضية «خاشقجى»

بن سلمان وخاشقجى
بن سلمان وخاشقجى - أرشيفية


«الناتو العربى».. هدفه التصدى للعدوان الإيرانى والإرهاب والتطرف وتحقيق الاستقرار فى المنطقة

«صفقة القرن».. أحد أحلام الرئيس الأمريكى لحل الصراع العربى الإسرائيلى

العلاقات العربية الإسرائيلية.. الأثر السلبى الأكبر لأزمة «خاشقجى» يتم الحديث عنه بشكل أساسى داخل «تل أبيب»

«الزيات»: حدوث تغيير في القيادة السعودية يجهض صفقة القرن والناتو العربى والانفتاح على إسرائيل

«مسلم»: قضية الصحفى السعودى سيكون لها تأثير على مستقبل المنطقة

يجمع الكثير من الخبراء على أن قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بـ«إسطنبول»، سيكون لها تداعيات سياسية على منطقة الشرق الأوسط؛ نظرًا للثقل السياسي للسعودية ممثلة في الملك سلمان، وولى عهده.

ومن أبرز وأهم الملفات التي ستتأثر سلبًا بهذه القضية: صفقة القرن، ومشروع الناتو العربي، والتحالف الاستراتيجي بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين، والذي تشكل ضد قطر، ثم الصراع الإيراني السعودي الأمريكي.

ويقول الخبراء إن مقتل «خاشقجي» فجر أزمة جديدة في منطقة تحفها الأزمات؛ فالصحفي السعودي بات يشكل رمزًا للانقسام الذي تشهده المنطقة بين تيارين أحدهما يمثله الأمير الشاب محمد بن سلمان وسياساته الجامحة المعادية لإيران، والمتوافقة بالكامل مع تصور ترامب للشرق الأوسط، والتيار الثاني تمثله قطر والدول الحليفة لها الساعية إلى شراكة لا تقوم على التسليم الكامل برؤية الإدارة الأمريكية الحالية للشرق الأوسط.

أزمة جمال خاشقجي طرحت تساؤلات جديدة حول مستقبل طموحات المملكة وأميرها الشاب في المنطقة على أكثر من صعيد.

الناتو العربي

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عزم بلاده تشكيل ما يسمى بـ«تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي»، أو ما بات يعرف بـ«الناتو العربي»، ويضم دول الخليج الست وعلى رأسها السعودية، بالإضافة إلى مصر والأردن وأمريكا، من أجل التصدي للعدوان الإيراني والإرهاب والتطرف وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.

ويقول الخبراء إن تأكيد المسئولية السعودية عن مقتل خاشقجي قد يعقد الجهود المبذولة لإنشاء التحالف في حال قرر الكونجرس معاقبة الرياض.

كما اعترف وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس أن مقتل «خاشقجي»، قوض استقرار الشرق الأوسط.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن تأكيد مقتل خاشقجي على أيدي السعوديين، سيخلق موجة جديدة من الضغط في الكونجرس لإعادة تقييم العلاقات مع السعودية.

ويضيف الخبراء، أنه على الرغم من أن الفكرة ليست وليدة عهد ترامب، وإنما ظهرت مع بداية الربيع العربي، ثم أعيد طرحها مرة أخرى في 2015 وأهملت بسبب انسحاب السياسة الأمريكية من الشرق الأوسط في الولاية الثانية لأوباما، ولكن قدوم ترامب إلى الحكم وتحسين الشراكة الدفاعية بين واشنطن والرياض أعاد طرح فكرة تأسيس هذا الحلف، الذي يبدو أنه سيدخل مرة أخرى في طور التعثر كواحدة من أهم التبعات السلبية لقضية اختفاء خاشقجي.

وأكد الخبراء على أن قضية خاشقجي ستكون لها تأثيرات سلبية كبيرة على مشروع تأسيس حلف عربي إسرائيلي أمريكي ضد إيران.

صفقة القرن
أما «صفقة القرن» التي تعد أحد أحلام «ترامب» لحل الصراع العربي الإسرائيلي، فقد تتعرض حسب مراقبين لـ«ضربة قاضية» بسبب قضية مقتل «خاشقجي».

وقالت وكالة «أسوشيتد برس» إن مقتل خاشقجي يهدد الخطط الطموحة لـ«ترامب» في الشرق الأوسط، بما فيها خطة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأشارت الوكالة في تقرير لها، إلى أن قضية «خاشقجي» قد تضع حدًا لـ«صفقة القرن» التي من المفترض أن يلعب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الدور الرئيسي فيها عبر تقديمه الغطاء الدبلوماسي لطرفي النزاع.

وذكرت الوكالة أن ترامب قد يراجع إستراتيجيته الإقليمية في ظل التساؤلات الكثيرة فيما إذا كان الأمير السعودي متورطا في مقتل الصحفي.

وأكدت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية في مقال نشرته للدبلوماسي الإسرائيلي «يوسيبيلين»، أن أحد أسباب التأخير في الكشف عن خطة ترامب، هي الصعوبة المتزايدة في التعويل على ولي العهد السعودي؛ لخلق الغلاف العربي الذي ستحتاجه، مؤكدة أن قضية خاشقجي وضعت أمام البيت الأبيض صعوبة جديدة في الاستعانة بالمملكة بهذا الخصوص.

العلاقات العربية الإسرائيلية
يقول الخبراء إن الأثر السلبي الأكبر لأزمة «خاشقجي» وتأثيرها على السعودية وأميرها الشاب يتم الحديث عنه بشكل أساسي داخل إسرائيل، «فمحمد بن سلمان كان الأكثر اندفاعًا في الدفاع عن التقارب مع إسرائيل، وهناك بالتالي تخوف كبير من الجانب الإسرائيلي مما قد تؤول إليه السياسة السعودية تجاهها من بعد بن سلمان».

وتحت عنوان «إسرائيل في وضع حرج بعد زعزعة دور السعودية في المنطقة عقب اغتيال خاشقجي»، كتب رفائيل أهرين، في موقع «تايمز أوف إسرائيل» مقالا قال فيه: جمال خاشقجي، الصحفي السعودي الذي قُتل بوحشية داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في وقت سابق من هذا الشهر، لم يكن متقبلا وجود إسرائيل، على أقل تقدير.

إن مقتل خاشقجي الوحشي، ومحاولات النظام الحماسية للتغطية عليه، تسبب في ضرر لا يمكن قياسه للهيبة الدولية للمملكة العربية السعودية وحاكمها الفعلي الأمير محمد بن سلمان.

ويقول العميد صفوت الزيات، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن العالم أمام جريمة قتل متعمد اعترف بها القضاء السعودي، وبالتالي هناك ثلاثة أسئلة رئيسية لا يجيب عنها حتى الآن الجانب السعودي وتتمثل في: من الذي أصدر الأمر بالقتل في ظل توجيه أصابع الاتهام مباشرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، السؤال الثاني هو أين الجثة، أما السؤال الثالث فهو عن محاكمة فريق القتل التي طالبت تركيا في محاكمتهم في تركيا، بينما السعوديون يرفضون هذه الفكرة.

وأضاف «الزيات»، أنه إذا ما تم حدوث تغيير في القيادة السعودية حسب ما تريده تركيا وأمريكا، وخاصة شخص ولى العهد محمد بن سلمان، وهو شخصية محورية في الكثير من الملفات من أهمها عملية الانفتاح على إسرائيل وصفقة القرن وحصار قطر ومواجهة إيران، ومقاومة جماعات التطرف وحركة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات الإسلامية، ربما سيؤدي ذلك إلى إجهاض هذه الملفات، في ظل وجود ضغوط هائلة من الجانب الخطير في أمريكا المتمثل في الكونجرس والإعلام لفرض عقوبات على السعودية.

وتابع: كما أن تغيير محمد بن سلمان نتيجة لهذه الجريمة، سيكون له تأثير سلبي كبير على التحالف الرباعي بين القاهرة والرياض وأبو ظبي والمنامة نتيجة غياب محمد بن سلمان، كما أن مشاريع أمريكا في المنطقة ستتأثر، لأن الولايات المتحدة كانت تعتمد في هذه الملفات على شخصية ولي العهد الأمير، كما أن غياب ولى العهد السعودي عن المشهد سيحجم كثيرا من نفوذ أمريكا في المنطقة، وبالتالي المنطقة العربية أمام امتحان عسير وعملية قتل تاريخية، لاسيما وأن السعودية تواجه أخطر قوى موجودة في واشنطن، وهي الكونجرس والإعلام الأمريكي، وخاصة الصحف الثلاثة الكبرى المتمثلة في نيورك تايمز والواشنطن بوست وول ستريت جورنال، وبالتالي الحملة ضد المملكة لن تهدأ فى أمريكا.

وأكد الخبير العسكري، أن هذه القضية سيكون لها تأثير سلبي كبير على مشروع الناتو العربي، لاسيما أن فكرة الناتو العربي هي فكرة مشوهة من البداية، الذي جاء بعد قيام أمريكا وأطراف عربية حليفة للقاهرة بإجهاض فكرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنشاء قوة عربية مشتركة، وكذلك فشل فكرة التحالف الإسلامي، وبالتالي الناتو العربي سيلقى مصير القوة العربية المشتركة والتحالف الإسلامي، وهذا المصير تزايد بعد قضية «خاشقجي» وحالة التردي للنفوذ الأمريكي في المنطقة وزيادة الانقسام فى الصف العربي والإسلامي.

وأشار إلى أن الأيام القادمة صعبة على السعودية، وأن المنطقة في حالة غليان وحالة عدم استقرار، وأكبر مؤشر على ذلك أن مديرة المخابرات الأمريكية ذهبت إلى أنقرة، وتعرفت على التسجيلات والأدلة لدى الأجانب التركي، والرئيس الأمريكي منذ أيام صامت تماما بعد أن أخذ موقفا مدافعا عن القيادة السعودية في بداية الأزمة، وبالتالي العالم أمام حدث تاريخي كبير، والشرق الأوسط أمام اختبار صعب لا يستهان به.

وعن صفقة القرن قال: «صفقة القرن متعثرة ولن ترى النور، وهناك رفض فلسطيني عام للصفقة»، مشيرا إلى أن النفوذ السعودي الذي كان يمثله بزوغ نجم ولي العهد السعودي الجديد لتنفيذ الصفقة وتقديم حوافز للجانب الفلسطيني، أصابه قدر من الوهن بسبب مقتل جمال خاشقجي، وبالتالي صفقة القرن ستبقى مجرد حديث، ومآلها في النهاية هو الفشل. 

ويقول اللواء طلعت مسلم الخبير العسكري والاستراتيجي، هذه القضية سيكون لها تأثير على العلاقات الأمريكية السعودية، وستعطى الفرصة لأمريكا لممارسة المزيد من ابتزاز المملكة، والحصول منها على أكبر قدر ممكن من المال، مؤكدًا أن هذه القضية سيكون لها تأثير على مستقبل المنطقة بالكامل على المدى المتوسط والبعيد، مستبعدا أن يكون لهذه القضية أي تأثير على الصراع مع إيران، كما استبعد أن يكون هناك تأثير لهذه القضية على مشروع الناتو العربي، لأن هذا المشروع مرتبط بمصالح أمريكا.