رئيس التحرير
خالد مهران

على الهواري يكتب: حظر الإجهاض في أمريكا.. ما علاقة الإسلام؟

النبأ

منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، حرم الإسلام الإجهاض، وأعتبره قتلا للنفس البشرية، وكذلك حرمه علماء وفقهاء الإسلام على مر التاريخ.

واليوم الجمعة ألغت المحكمة العليا في الولايات المتحدة  الأمريكية "التشريع التاريخي" الذي يمنح حق الإجهاض في الولايات المتحدة منذ عام 1973.

إلغاء الحق في الإجهاض «يوم حزين للولايات المتحدة»

وقد اعتبر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قرار المحكمة العليا الأمريكية، إلغاء الحق في الإجهاض "يوم حزين للولايات المتحدة".

وأعرب عن أسفه لقرار المحكمة العليا الأمريكية، إلغاء الحق في الإجهاض.

وقال، في كلمة اليوم الجمعة، إن إلغاء الحق في الإجهاض "أمر مشين"، وتجريمه سيعيد الولايات المتحدة 8 قرون للوراء.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز، أنه من المؤكد أن القرار الذى أعلنته أغلبية القضاة المحافظين اليوم الجمعة لإعادة تشكيل المجتمع الأمريكي بشكل جذرى من خلال قلب سابقة 1973 التاريخية، سيشعل عاصفة سياسية ويؤدى إلى خليط معقد من قوانين الدولة التي ستمنع بشكل فعال قطاعات كبيرة من السكان من إنهاء الحمل غير المرغوب فيه. 

ويتوقع من نصف الولايات تقريبا أن تحظر الإجهاض أو تقيده بشدة نتيجة لقرار المحكمة العليا، وبهذا القرار، عادت الولايات المتحدة إلى الوضع الذي كان ساريا قبل 1973 عندما كانت كل ولاية حرة في أن تسمح بالإجهاض أو أن تحظره.

وكان الرئيس الديمقراطي جو بايدن المؤيد للحق في الإجهاض، قد قال في وقت سابق إن صدور قرار عن المحكمة العليا بإلغائه، من شأنه أن يشرع الأبواب أمام تغيير الأحكام المتعلقة "بمجموعة كاملة" من القضايا التي تؤثر على الحياة الشخصية. 

وأوضحت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن القرار التاريخي الذي اتخذته المحكمة العليا الأمريكية، سيتيح للولايات نفسها حظر الإجهاض، ما لم يتخذ الكونغرس إجراءات.

وتابعت أنه يمكن أن تحظر نصف الولايات الأمريكية عمليات الإجهاض بعد قرار المحكمة العليا اليوم.

وقالت "سي إن إن"، إن قرار المحكمة العليا الأمريكية بشأن الإجهاض يوم الجمعة، قد يفتح الباب أمام المحاكم لإلغاء الزواج من نفس الجنس، ومنع الحمل وغيرها من الحقوق.

وأوضحت أن قرار المحمة العليا الأمريكية اليوم يثير بالفعل جدلا بين القضاة والمشرعين حول ما إذا كان إسقاط حق الإجهاض، يعرض بعض القوانين الأخرى مثل زواج المثليين للخطر.

الإجهاض محظور في الإسلام منذ أكثر من 1400 عام

يحرم الإسلام الإجهاض ويعتبره قتلا للنفس البشرية منذ أكثر من 1400 عاما، وهذا ما أكدت عليه دار الإفتاء المصرية أكثرمن مرة.

فقد ردت دار الإفتاء المصرية، على سؤال لمواطنة ورد خلال بث مباشر عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" بخصوص حكم الإجهاض فى الإسلام.

وأجاب الدكتور، أمين الفتوى بدار الإفتاء قائلا: «الإجهاض لا يجوز شرعا، والفقهاء فرقوا شرعا ما بين الشهور الأربعة الأولى قبل نفخ الروح فى الجنين، وما بعدها، وفقهاء الشافعية والحنفية، يرون أن حياة الإنسان فى الأربعة أشهر الأولى قبل النفخ أقل من حياته بعد النفخ، ولا يجوز أبدا أن يعتدى على حياة الطفل بعد نفخ الروح ودخوله فى الشهر الخامس، إلا إذا كان هناك خطر على حياة الأم، أما قبل الشهر الخامس فقد أجاز الفقهاء الإجهاض إذا كان فيه خطر على صحة الأم، أو لديها إشكالية فى الإنفاق على هذا الطفل، أو أن زوجها دخله قليل، ولا يجد ما ينفقه على أولاده، وتحتاج الأم للنزول للعمل من أجل مساعدة زوجها وأولادها وتوفير متطلبات الحياة لهم، عندئذ يجوز الإجهاض، ولا يجوز بعده».

وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أنه يحرم شرعا اللجوء إلى الإجهاض فلا يجوز قتل النفس البشرية أو الاعتداء عليها لأي سبب أو بأي شكل.

وأضاف في فتوى له عن حكم الإجهاض في الإسلام، أن مسألة عدم القدرة على الإنفاق ومن ثم اللجوء للإجهاض هو أمر يتنافى مع التوكل على الله ومع أن الله هو الرزاق وأن الله لم يطلب منا أن نضمن لأنفسنا ولأبنائنا الرزق فكل ما طلبه منا هو العمل والرزق هو الموكل به ليس غيره، منوها أن التسليم بقضاء الله نتيجته الوصول إلى أن المنع هو عين الطاء فالله هو الذي يعلم ما فيه مصلحة العباد ولذلك يرزقهم ما يحتاجونه.

وتابع: السيدة مريم ضربت أروع الأمثلة في هذه الحالات، فكان سيدنا زكريا يأتي إليها ويجد عندها أشهى الأطعمة فيجد فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في فصل الصيف فتقول السيدة مريم كما ورد في القرآن الكريم "وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ".

علينا أن نؤمن بقضاء الله وقدره ومع ذلك ينبغي الأخذ بالأسباب فلا مانع من تناول وسائل منع الحمل وتنظيم النسل فإن قدر الله حمل الزوجة فعلينا القضاء بقدر الله وعدم اللجوء للإجهاض فقد يكون الطفل الذين يريد الأبوين إجهاضه هو سببا في سعادتهما في الدنيا والآخرة

المرأة الحامل لا يجوز لها ان تجهض إلا إذا كان هناك خطر على صحتها وإذا فعلت هذا تكون أثمة شرعًا وعليها أن تتوب إلى الله وتستغفر وتتصدق، هناك بعض حالات يسمح فيها للمرأة الحامل أن تجهض نفسها بأن يكون هناك تقرير طبي من أن بقاء هذا الحمل يؤدي إلى خطر على حياتها وصحتها فيجوز لها ذلك ولا بد أن يكون هذا الإجهاض قبل إكتمال الـ4 أشهر أى قبل نفخ الروح فى الجنين، إما إذا أكمل الـ4 أشهر فلا يجوز لها ذلك.

إذا كان الإجهاض بعذر شرعي فلا إثم على الأم ولا كفارة عليها، أما لو كان الإجهاض دون عذر، فالكفارة تكون بالاستغفار، وليس بالمال.

وقال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن تنظيم النسل مباح شرعًا ولا يجوز الإجهاض بدعوى الخوف على جمال المرأة أو إصابتها بالإرهاق أو الانشغال؛ فهذا لا يجوز بعد تكون الجنين؛ فالشريعة الإسلامية تحمي الجنين في بداياته الأولى وهو مشروع إنسان، واتِّخاذ الأسباب يكون قبل تكوُّن الجنين.

وأضاف «علام» خلال لقائه ببرنامج «مع المفتي» المُذاع على «قناة الناس»، أن دار الإفتاء لا تجيز الإجهاض بأي حال من الأحوال بعد نفخ الروح في الجنين إلا بمبرر مشروع، وهو التقرير الطبي المحذر من خطورة بقاء الجنين على صحة الأم.

وأشار إلى أن تنظيم النسل لا تأباه نصوص الشريعة وقواعدها قياسًا على «العزل» الذي كان معمولًا به في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيأ لهم الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى في ظروف ملائمة لإخراج الذرية الطيبة التي تقر بها أعين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع، وتفخر بها أمة الإسلام.

يمكن الإجهاض في حالة واحدة فقط، هي بعد رأي الطبيب والذي يؤكد أن الحمل فيه خطر على حياة المرأة، وكلام الفقه في الإجهاض يجب أن يتوافق مع القانون وإقرار الطبيب".

الإجهاض الأصل فيه أنه ممنوع إلا إذا كان ذلك لعذر، ولكن هناك من فرق بين ان يكون قبل 120 يوما وبين ان يكون بعد ذلك.

الإجهاض إذا كان بعد 120 يوما لا يجوز، إلا إذا كان هناك خطر على حياة الأم أما قبل الـ120 فلا يجوز أيضا إلا إذا كان هناك عذر وليس شرطا أن يكون خطرا على حياة الأم فقد يكون العذر قهرى، والعذر هنا مناطه لأصحاب الشأن أى الأم.

وحول حكم الإجهاض في القرآن، فقد أشار الشيخ عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أنّ المرأة الحامل لا يجوز لها أن تجهض إلا إذا كان هناك خطر على صحتها، وإذا فعلت هذا تكون آثمة شرعًا وعليها أن تتوب إلى الله وتستغفر وتتصدق.

وأضاف «الورداني»، في إجابة له على فتوى بشأن الاجهاض عبر صفحة دار الإفتاء المصرية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أنه لا بد أن يكون الإجهاض للضرورة وبتقرير طبي، ولا بد أن يكون هذا الإجهاض قبل اكتمال الـ4 أشهر أى قبل نفخ الروح فى الجنين، أما إذا أكمل الـ4 أشهر فلا يجوز لها ذلك، موضحًا: «لو كان الإجهاض بعذر شرعي فلا إثم على الأم ولا كفارة عليها، أما لو كان الإجهاض دون عذر، فالكفارة تكون بالاستغفار، وليس بالمال».

لا يجوز إجهاض الحمل الناتج عن علاقة الزنا

وأوضح الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، حكم إجهاض الحمل الناتج عن الزنا، مؤكدًا أنه لا يجوز إجهاض الحمل الناتج عن علاقة محرمة "الزنا".

وأضاف «الجندي» في إجابته عن سؤال سيدة تقول: «إنها مقيمة في النمسا، وابنها لا يزال يدرس في الجامعة، وأقام علاقة غير شرعية مع فتاة أجنبية، ونتج عن ذلك حمل، وأنا لا أستطيع الإنفاق على ابني وهذه الفتاة، فهل يجوز إجهاض الجنين؟»، أنه لا يجوز الإجهاض وعلى الابن أن يتزوج هذه الفتاة وينسب إلى اسمه هذا الجنين بعد ولادته.

وأكد أن الجنين منذ علوقه له حُرمة، لا يجوز الاعتداء عليها؛ لأنه بداية خلق آدمي، وإجهاضه محرم شرعًا، وإجهاض الجنين بسبب أنه من الزنا هو عقاب للبريء وسكوت عن مرتكبي جريمة الزنا، فالجنين لا ذنب له، والذنب على من نتج الجنين عن لقائهما غير المشروع.

نوال السعداوي: الإسلام لا يعارض الإجهاض

الكثير من المحسوبين على التيار العلماني في الوطن العربي يعتبرون الإجهاض حق من حقوق المرأة، فالكاتبة الراحلة نوال السعداوي، طالبت قبل وفاتها  بـ”تقنين الدعارة” في مصر بدلا من إخفاء ممارستها، وزعْمها أن “الإسلام لا يعارض الإجهاض؟!”.

وكانت السعداوي قد طالبت في إحدى ندواتها بتقنين الدعارة في مصر قائلة إن “الدعارة مرض، ومن الأفضل الاعتراف بوجودها في المجتمع المصري بدلًا من إخفائه، ووضعها تحت إشراف الحكومة بشكل قانوني يسمح للعاهرات بممارسة الفحشاء مع الرجل الشرقي”!.

وتساءلت الناشطة الحقوقية داليا زيادة باستغراب: “كيف لمن كانت تُدافع عن حقوق المرأة تدعو لانتهاكها كذلك؟”.

وأضافت زيادة، أن هذا المقترح يدعو إلى تحويل جسد المرأة إلى سلعة تباع وتشترى، كما أنه لا يمكن تقبله في مجتمعنا الإسلامي، مؤكدة أنه انحراف عن الصواب، وكسر شنيع لقواعدنا وديننا.

وأوضحت رئيسة اتحاد المحامين الآفرو – آسيوي لحقوق الإنسان، عصمت الميرغني، أن فكرة تقنين الدعارة لا يمكن تنفيذها على الإطلاق، لا سيما أنها تتنافى مع الأديان السماوية كافة. 

من جانبها، أكدت مديرة مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، الناشطة ماجدة عادلي، أن الاستماع إلى مقترح السعداوي سيؤدي بشبابنا إلى الهلاك وسيقودهم إلى طريق الانحراف.

وأوضحت العادلي أن المجتمع ينصر خطأ الذكور ويرفض خطأ النساء، لأن الظلم الاجتماعي يرجِّح كفة ميزان الحق لصالح الذكور.

 

في النهاية أقول: أن إلغاء الإجهاض في الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر دولة ديمقراطية في العالم، مؤشر على أن العالم الأول يتجه إلى تطبيق قيم الإسلام التي كانوا يزعمون أنها قيم متخلفة ولا تصلح للعالم المتحضر، وتثبت أن الإسلام دين عالمي، صالح لكل زمان ومكان، لا سيما وأن هذا القرار كما قالت الصحف الأمريكية مقدمة لإلغاء الكثير من القوانين الأخرى مثل زواج المثليين.

إنها الفطرة الإنسانية التي جاء بها الإسلام منذ أكثر من 1400 عام، والتي يعود إليها العالم الأن بعد قرون من التخبط والتيه والبحث عن الحقيقة.