تبدأ باستدراج الزبون وتنتهي بجريمة بشعة..
إعلانات «السوشيال ميديا».. قتل ونصب وابتزاز جنسي
لجأ العديد من المواطنين مؤخرا إلى حيل مختلفة لتحصيل الأموال بطريقة سريعة والبعد عن تعب الوظيفة ووجدوا في الإنترنت والهواتف النقالة أفضل وسيلة لذلك، ولا يوجد أفضل من ممارسة الاحتيال وأنت جالس خلف هاتفك أو أمام شاشة الكمبيوتر، ليحترف البعض ارتكاب أبشع الجرائم تحت غطاء الإعلانات الخيرية أو التسويقية.
وتسرد «النبأ» خلال السطور التالية قصصا من واقع الحياة لجرائم الإعلانات المشبوهة التى انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعى والتى غالبا ما تنتهى بالقتل أو السرقة أو النصب والاحتيال.
كارثة وراء بيع سيارة
البداية كانت من محافظة قنا، عندما كشفت أجهزة وزارة الداخلية ملابسات ما تبلغ لمركز شرطة نقادة بمديرية أمن قنا بشأن العثور على جثتين لشخصين مقيمين بنطاق محافظتي أسيوط والقليوبية، إثر إصابتهما بأعيرة نارية متفرقة بالجسم بإحدى الطرق بدائرة المركز.
بإجراء التحريات وجمع المعلومات من خلال فريق البحث المشكل من قطاع الأمن العام وإدارة البحث الجنائى بمديرية أمن قنا، توصلت جهوده إلى أن وراء ارتكاب الواقعة 5 أشخاص، لأحدهم معلومات جنائية، مقيمين بدائرة المركز.
عقب تقنين الإجراءات، أمكن ضبط 4 أشخاص منهم، بحوزة أحدهم السلاح المستخدم فى الواقعة عبارة عن «بندقية آلية» وعدد من الطلقات، وهاتف محمول، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكابهم الواقعة بقصد السرقة وقرروا باستدراجهم للمجنى عليهما من خلال موقع «فيس بوك» بزعم عرض سيارة للبيع واصطحابهما لمكان العثور ولدى وصولهما أطلقوا عليهم أعيرة نارية من البندقية المضبوطة بحوزتهم فأودت بحياتهما.
الاتجار فى العملة
الأمر لم يتوقف عند حد القتل، بل وصل إلى جرائم السرقة والنصب والاحتيال على المواطنين من خلال حملات ترويجية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة ما يتعلق مجال الاتجار في العملة.
ففي محافظة الجيزة قام تشكيل عصابي مكون من 3 أشخاص بالنصب على المواطنين وإيهامهم بقدرتهم على استبدال العملة الأجنبية بما يساويها بالمصرية، واستولوا من أحد ضحاياهم على مبلغ 90 ألف دولار بعد إيهامهم بتحويل المبلغ للعملة المصرية ثم قاموا بسرقة المبلغ.
ومن الجيزة للقاهرة، حيث قام شخص يحمل جنسية إحدى الدول الأجنبية بالنصب على مواطن وإيهامه بتهريب عملات أجنبية مغطاة بمادة كيميائية والاستيلاء على مبالغ مالية نظير إزالتها وإعادتها عملات صحيحة على خلاف الحقيقة، بعد زعمه امتلاكه 10 ملايين دولار أمريكى وأبدى رغبته فى استثمارها داخل مصر وأنه سيقوم بإدخال تلك العملات للبلاد داخل صندوق، مستخدم مادة خضراء اللون لإخفاء ماهية العملات، وطلب منه التقابل مع أحد الأشخاص وحصل منه الأخير على مبالغ مالية بلغت مليون جنيه مصرى نظير شراء محاليل كيميائية لإزالة تلك المادة الخضراء من على الدولارات.
علاقات مشبوهة
وفي محافظة الجيزة تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط عاطل لقيامه بالنصب على المواطنين عبر صفحات وهمية تروج للأعمال الخيرية ومساعدة الأرامل والمطلقات على سد احتياجاتهم وتدبير مبالغ مالية لهم لتحسين ظروف المعيشة.
بدأت الواقعة ببلاغ مقدم من «ع.ر» تتهم فيه أحد الأشخاص بتهديدها وابتزازها مقابل دفع مبالغ مالية له حيث تواصلت معه المبلغة عبر «فيس بوك» باعتبار أنها صفحة للمساعدات الخيرية وطلب منها القائم على الصفحة إرسال البيانات والأوراق الخاصة بها ثم طلب منها صور شخصية لها وتبادل الحديث معها بإيهامه لها بأنه يريد الزواج منها وأنه يستطيع مساعدتها بمبالغ مالية كبيرة بشرط محادثته من خلال فتح الكاميرا.
بمرور عدة أيام بدأ المتهم في مساومتها وطلب منها إرسال مبالغ مالية مقابل عدم فضحها بالرسائل والفيديوهات الخاصة بينهما.
بتقنين الإجراءات اللازمة تم ضبط المتهم، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، وحُرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيقات.
النصب عن طريق القروض
وضبطت مباحث الأموال العامة، أحد الأشخاص لقيامه بالنصب والاحتيال على المواطنين والاستيلاء على أموالهم، بدعوى تسهيل حصولهم على قروض دون ضمانات.
البداية كانت بوصول بلاغ إلى الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، من ربة منزل، مقيمة بمنطقة الزاوية الحمراء بمحافظة القاهرة، بتعرضها لواقعة نصب واحتيال والاستيلاء منها على مبلغ 20 ألف جنيه بزعم منحها قرض بمبلغ 250 ألف جنيه من إحدى الشركات عن طريق إعلانات بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» خلافًا للحقيقة.
فخ اغتصاب الفتيات
وفي منطقة المرج، وضع شاب خطة شيطانية لاصطياد ضحاياه من الفتيات الباحثات عن وظائف خالية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».
وبحسب تحريات مباحث الإنترنت، تبيّن أن المتهم نصب فخًا للفتيات بالاتفاق مع شقيقته التي استخدمها في الرد على الضحايا اللواتي يتصلن على هاتفها المحمول الموجود مع الإعلان للاستفسار عن شروط الوظيفة في محل ملابس سيدات في المرج.
ونجحت مباحث الإنترنت في القبض على المتهم بعد أن ورد إليها بلاغات مقدمة من 3 فتيات بتعرضهن للاغتصاب داخل شقة المتهم، وأن شقيقة المتهم لعبت دورًا في معاونته على تنفيذ جريمته النكراء فكانت تكتب رقم هاتفها في الإعلان للتواصل معها فى حالة رغبة فتيات للعمل في محل الملابس التي تمتلكه حيث كان يتفق المتهم مع شقيقته على استدراج الضحية إلى شقته.
واصلت شقيقة المتهم مهمتها بالرد على الفتاة عقب مشاهدتها الإعلان وتعرض عليها العمل في محل الملابس، وعندما تستفسر منها على تفاصيل الأجر والمواعيد تطلب منها شقيقة المتهم عمل مقابلة معها للتعرف إلى تفاصيل العمل في شقتها بمنطقة المرج.
وتتوجه الضحية بناء على العنوان الذي أعطته لها صاحبة الإعلان، وعقب وصولها إلى المكان تقابلها شقيقة المتهم بالاتفاق معه الذي يختبئ في إحدى الغرف وأثناء مقابلة شقيقته مع الضحية يخرج المتهم مشهرًا سلاحًا أبيض في وجه الضحية ويقتادها إلى إحدى الغرف في الشقة ويعتدي عليها جنسيًا تحت تهديد السلاح ثم يقوم بتصويرها أثناء اغتصابها، وعقب الانتهاء من الاعتداء جنسيًا على ضحيته يهددها بالفيديوهات في حالة الإبلاغ عنه.
خطر مجتمعي
ومن جانبه أكد المستشار إيهاب المنصوري المحامي المتخصص في الجرائم الإلكترونية والجنائية، أن تلك الإعلانات المشبوهة تعتبر وسيلة من وسائل النصب والذي يعرف فى القانون بأنه الاستيلاء على مال منقول مملوك للغير باستخدام إحدى وسائل التدليس المنصوص عليها فى القانون بنية تملكه، ويسمى الشخص الذى يمارس ذلك، النصاب، أو الدجال، أو المحتال.
وقال «المنصوري» في تصريح خاص لـ«النبأ»، إن انتشار الحسابات الوهمية على «السوشيال ميديا» يشكل خطرا مجتمعيا كبيرا لما يتسبب له من مشاكل اجتماعية ونفسية لكثير من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أن عقوبة الحسابات الوهمية على السوشيال ميديا هي الحبس 3 أشهر وغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تتجاوز 30 ألف جنيه، لكل من أنشأ حسابا وهميا لا يحمل صفته انتحالا لصفة شخصية أخرى، متابعًا: «ويعاقب بالحبس سنة وغرامة مالية لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تزيد عن 200 ألف جنيه، حال استخدام الحساب في إيذاء أشخاص آخرين».
وأضاف: «كما تتضاعف العقوبة لتصل إلى السجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تتجاوز 15 سنة، وغرامات مالية تبدأ من 100 ألف جنيه وتصل إلى 300 ألف جنيه كحد أقصى للعقوبة حال انتحال أحد مستخدمي الحسابات الوهمية على السوشيال ميديا، لصفة شخص اعتباري كمؤسسة حكومية أو أهلية».
تنشئة الجيل الجديد
ومن جانبه يوضح الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، أسباب وجود مثل هذه الجرائم البشعة في المجتمع، والتي ترجع إلى الكثير من العوامل المتشابكة، ومنها العامل الذي يؤدي لجريمة وهو عامل ظاهر، وأهمها نمط التنشئة الاجتماعي.
وأضاف «هندي» أن هناك أشخاص تم تربيتها على العنف وغياب أسلوب الحوار، ومعاناته من النبذ الاجتماعي، ما يجعل الشخص مشبعا بالعنف، ويعمل على إعادة إنتاج السلوك الذي تربى عليه للتعبير عن غضبه، والذي قد يصل للقتل.
وتابع استشاري الصحة النفسية: «والأهل أصبحوا لا يهتمون بتربية أطفالهم، وهذه كارثة تسبب تنشئة أجيال جديدة غير صالحة تميل للعنف ولا تفهم معاني الحب الحقيقية، ويكون الشخص لديه اضطرابات في الشخصية ويكون شخصا ساديا وسيكوباتيا يقتل بدم بارد يستمتع في الانتقام ويمارس العنف بمبررات غير طبيعية، ويسير حاملا أداة القتل دون خوف فهو شخص متبلد المشاعر والأحاسيس».
وطالب الدكتور وليدي هندي، بمنع تقديم أي مادة عنف على وسائل الإعلام لأنها تعطي تبريرات لمن يقلد، وتجعل من القاتل نموذجا مثاليا، ويولد القسوة في قلوب المشاهدين، والاعتياد على جرائم القتل والذبح.