خبراء من اداخل إثيوبيا يتحدثون لـ «النبأ»..
أسرار مفاوضات السيسى وأبى أحمد لحسم أزمة سد النهضة
تشهد قضية سد النهضة فصلًا جديدًا في المفاوضات بين الرئيس السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، بعدما تقابلا على هامش قمة دول جوار السودان، في الوقت التي تستعد فيه أديس أبابا حاليًا للملء الرابع.
ويشير الخبراء إلى أن الملء الرابع من المتوقع أن يحجز ما يزيد عن 20 مليار متر مكعب والذي سبقة أكثر من ملء أحادي من الجانب الإثيوبي أضر بحصة كل من مصر والسودان المائية، مما يثير الجدل حول جولة التفاوض الحالي والهدف الإثيوبي منه، وهل ستكون مفاوضات جادة أم ستنتهي بالفشل مثل مفاوضات الخرطوم وواشنطن التي سبقتها.
ضغوط داخلية
من جانبه يرى جمادى سوتي رئيس شبكة مستقبل أوروميا للإعلام، والسياسي الأورومي، أن المفاوضات الحالية بين الرئيس السيسي وأبي أحمد حول ملء وتشغيل سد النهضة جاءت بضغوط داخلية من داخل الشعوب في إثيوبيا والتي وجهت رسالة قوية مباشرة وغير مباشرة لرئيس الوزراء الإثيوبي بضرورة وجوب فتح مفاوضات بين الجانبين المصري والإثيوبي حول سد النهضة، خاصة مع محاولات أبي أحمد الأخيرة لتهدئة الأوضاع الداخلية وخارجيًا بينه وبين خصومه وأبرزهم حركة تحرير التجراي وجيش تحرير الأورومو والذين خاضوا خلال الأعوام السابقة معارك ضارية ضد الحكومة الإثيوبية كان بعضها على أبواب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وأكد «سوتي» في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أن الضغوط الخارجية لا تزال موجودة على نظام أبي أحمد للقبول وفتح مفاوضات بينه وبين القاهرة، خاصة بعد نجاح القاهرة في فرض إرادتها وشروطها في الأزمة السودانية والتي تجلت في فشل محاولات تدويل الأزمة وإدخال قوات أجنبية إلى السودان وفرض الطرح المصري الذي ظهر في قمة جوار السودان.
وتابع: «ولكن رغم من ذلك فإن الضغوط الخارجية التي كانت تمارسها الإدارة الأمريكية على نظام أبي أحمد قلت وضعفت في عصر إدارة الرئيس الأمريكي بايدن عن ما كانت إليه في أيام سلفه ترامب خاصة في ملف سد النهضة».
وأضاف رئيس شبكة مستقبل أوروميا للأخبار، أن المفاوضات الحالية بين مصر وإثيوبيا تشهد العديد من الدلائل على جدية أبي أحمد في خوضها، ومن تلك الدلائل الهامة هو إرسال أبي أحمد رسالة باللغة العربية إلى الشعب المصري تفيد أنه لن يقوم بالإضرار بمصر أو المصريين أو حصة مصر المائية.
وأردف «سوتي» أنه من الدلائل الهامة التي تدل على جدية المفاوضات القادمة والتي من المفترض أن تبدأ في خلال 4 أشهر هو تأجيل رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد للملء الرابع لسد النهضة إلى شهر سبتمبر، مشيرًا إلى أن هذا الملء إذا حدث في هذا الشهر وأثناء موسم الأمطار كان سيحجز 20 مليار متر مربع من المياه وكان سيتسبب في ضرر جسيم في حصيلة المياة التي ستصل إلى مصر والسودان ولكن بدء الملء في شهر سبتمبر سيعني أن الملء سيتخذ فترة أطول وسيكون ضرره أقل على كلا دولتي المصب.
جدية المفاوضات
بينما يرى إبراهيم الخناقي رئيس منظمة حقوق الإنسان في بني شنقول، أن المفاوضات لن تجدي نفعا مع الحكومة الإثيوبية وستكون كالمفاوضات السابقة لها والتي خاضتها مصر مع حكومة أبي أحمد ومن قبله حكومة التجراي لمدة 10 سنوات والنتيجة كانت الملء الأحادي الأول والثاني والثالث.
وأكد رئيس منظمة حقوق الإنسان في بني شنقول -وهو الإقليم الذي بني على أراضيه سد النهضة- أن النظام الإثيوبي غير جاد في مفاوضاته مع المصريين بل وهو يستهدف في الأساس كلا من دولتي مصر والسودان للإضرار بهما وهذا يتضح جليا في خطته التي حاكها ضد الشعب السوداني مستغلا الحرب الأخيرة بين الجيش السوداني ومليشيات الدعم السريع ودعمه لتلك المليشيات بالسلاح والعتاد والطيارين والذي لولا يقظة الجيش السوداني ومساعدات الدول الحليفة للسودان في السيطرة على المطارات لكانت تحولت شكل الحرب كليًا بسبب المساعدات الإثيوبية.
وأضاف «الخناقي» أن دولى إثيوبيا والنظام الإثيوبي هو نظام مبني على كراهية العرب والمسلمين وقتل الشعوب العربية والإسلامية التي خدعت لسيطرة حكومة أديس أبابا فلا يمكن نسيان 6 ملايين شخص من شعب بني شنقول قتلهم النظام الإثيوبي وفي الحرب الأخيرة على إقليم تيجراي تعدى عدد الضحايا والقتلى 600 ألف شخص بينما ارتكب الأباطرة الإثيوبيين جرائم لا تعد ولا تحصى ضد المسلمين بل كان الإمبراطور الإثيوبي هيلاسيلاسي لا يقوم بالإفطار إلا بعد أن يتم إبلاغه بعدد القتلى من المسلمين من شعب الأورومو الذي قام جيشه بقتلهم، بل وقتل الصوماليين وحتلال ثلث الصومال.
وأوضح أن أديس أبابا دول حليفة لإسرائيل نشأت العلاقة بينهما منذ إنشاء «تل أبيب» وكانت أول شحنات الأسلحة التي تصل إلى تل أبيب هي بوساطة إثيوبية مع بولندا، لافتًا إلى ما تم ذكره في مذكرات أول رئيس وزراء لإسرائيل ديفيد بن جورين والذي أكد أن إثيوبيا والإمبراطور هيلا سيلاسي هما من ضمنا الحكومة الإسرائيلية لدى بولندا من أجل جلب أسلحة لقتال العرب بعد أن رفضت كل دول العالم تقريبًا أن تضمن «تل أبيب» وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، مما يجعل من إثيوبيا أداة تستخدمها تل أبيب للضغط على الحكومة المصرية للرضوخ إلى طلباتها ويجعل معظم المفاوضات حول سد النهضة هي مفاوضات لاستغلال الوقت وللمزيد من ابتزاز المصريين مقابل الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية.
وأكد مؤسس منظمة حقوق الإنسان لبني شنقول، أن إثيوبيا لم تدافع عن الجنوب إفريقيين ضد نظام الفصل العنصري، والعلم الإثيوبي الذي تتشابه ألوانه مع ألوان قوس قزح، مشيرًا إلى أن إثيوبيا تسعى للسيطرة والهيمنة على إفريقيا كلها.
واختتم «الخناقي» حديثه لافتًا إلى أن العقيدة الإثيوبية تجاه الأفارقة تتشابه مع العقيدة الصهيونية التي ترى شعوب الحبشة خاصة الأمهرا أنهم من نسلهم وأنه يجب أن يكون أولاد حام خادمين عند أولاد سام، ولذلك فإن قتل أو سلب الحاميين لديهم ليس بجريمة مثل ما حدث على مدار 25 عامًا في منطقة الفشقة، كما دأبت حكومة أديس أبابا على تأليب القوميات وخلق عدم استقرار في الدول المجاورة مثل جنوب السودان حيث يدعمون قبيلة النوير ضد الدينكا.