عشرات المبادرات لوقف الحرب..الروس يجنحون للسلم والأوكرانيون يتمسكون بالقتال!
في ظل التقارير التي تتحدث عن تعثر الهجوم الأوكراني المضاد في الحرب الروسية الأوكرانية، بدأت الكثير من الأصوات تتعالى عن ايجاد حلول سلمية لهذه الأزمة التي تسببت في حدوث أزمة غذاء عالمية حادة، والتي تهدد بنشوب حرب عالمية ثالثة تأتي على الأخضر واليابس.
فقد كثر الحديث في الفترة الأخيرة من الجانب الروسي عن الحلول السياسية للأزمة الروسية الأوكرانية، لا سيما بعد أن تقدم عدد من دول العالم على رأسها الصين والبرازيل وأندونيسيا والاتحاد الأفريقي والمملكة العربية السعودية وتركيا بمبادرات لحل الأزمة المتفاقمة.
أخر هذه المبادرات هو ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلا عن مصادر أن "المملكة العربية السعودية تستعد لاستضافة محادثات سلام بين الدول الغربية وأوكرانيا والدول النامية الرئيسية بما في ذلك الهند والبرازيل، أوائل الشهر المقبل".
الروس يجنحون للسلم
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أعقاب القمة التي جمعته مع قادة عدد من الدول الإفريقية، أن مبادرتي الصين وإفريقيا يمكن أن تشكلا أساسا للسلام في أوكرانيا.
وشدد على أن بلاده لم ترفض أي محادثات سلام بخصوص الحرب في أوكرانيا، مشيرا إلى أن المبادرة الإفريقية يمكن أن تشكل أساسا لبعض العمليات التي ترمي للبحث عن السلام، مثل مبادرات أخرى، على سبيل المثال، المبادرة الصينية.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن مبادرات السلام التي اقترحتها دول مختلفة بشأن تسوية الصراع الروسي-الأوكراني تحتوي على أفكار يمكن أن تنجح.
ونقلت وكالة "تاس" عن زاخاروفا تعليقها بشأن ما إذا كانت هناك أفكار قابلة للتطبيق في مبادرات التسوية السلمية المقترحة "هناك أفكار مثيرة للاهتمام، وقد تنجح".
وقالت متحدثة وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا أن روسيا تلقت، نحو 30 مبادرة سلام للتسوية في أوكرانيا عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية، مؤكدة أن بلادها لم ترفض أبدًا المفاوضات.
وقالت المتحدثة الروسية - في مقابلة صحفية لها، على هامش القمة الروسية الإفريقية الثانية التي عقدت في مدينة سانت بطرسبورج - إن "روسيا ممتنة للجميع على هذه المبادرات.. وروسيا لم ترفض أبدًا المفاوضات بشأن تسوية النزاع الأوكراني.. حتى عندما فهمنا أنه من غير المرجح أن تجلب المفاوضات أي قيمة إضافية، إلا أننا دائما ما نعطي مثل هذه الفرصة للشركاء أو للوضع بشكل عام".
ولفتت إلى انسحاب النظام الأوكراني - خلال أبريل 2022 - من المفاوضات "التي طالب بها هو".. قائلة: "جرت عدة جولات، ثم توقفوا عن الرد على الوثائق والمواد التي أرسلناها بناء على طلبهم. وفي سبتمبر، منعوا هم أنفسهم قانونا من التفاوض مع بلدنا".
وفي حديثها عن مبادرة السلام الإفريقية بشأن أوكرانيا، أشارت زاخاروفا إلى "صدق محاولات الدول الإفريقية للمساعدة في حل الأزمة".. وأضافت "نحن ممتنون للغاية لأصدقائنا الأفارقة على حقيقة أنهم في الحقيقة - ليس بالكلمات لكن بالأفعال - يقدرون السلام ويريدون أن يفعلوا كل ما في وسعهم، حتى دون أن يكونوا بأي شكل من الأشكال مشاركين في كل هذه الدراما طويلة المدى، لكن - في الواقع - وجود قلوب مفتوحة وفهم ما يمكن أن يؤدي إليه هذا على الصعيد العالمي ويؤدي إليه بالفعل. نحن ممتنون لمحاولتهم بذل كل ما في وسعهم أو تقديم خدمات وسيطة بطريقة أو بأخرى، والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في الوضع".
كما أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن موسكو تدرس بعناية وتؤيد العديد من المقترحات التي قدمتها دول إفريقيا والصين والبرازيل بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية.
وقال الوزير في مقابلة مع موقع Lenta.ru: "لقد درسنا بعناية جميع مبادرات السلام التي وردت.. نحن نؤيد العديد من مقترحات شركائنا. على سبيل المثال، من قبيل الامتثال للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والتخلي عن عقلية الحرب الباردة، وحل الأزمة الإنسانية وكفالة سلامة محطات الطاقة النووية، وإنهاء العقوبات الأحادية الجانب، والامتناع عن استخدام الاقتصاد العالمي لأغراض سياسية".
وأشار لافروف إلى أن موسكو أجرت فعلا مشاورات بشأن التسوية الأوكرانية مع وفد من القادة الأفارقة، فضلا عن ممثل الصين الخاص لمنطقة أوراسيا، لي هوي، ومستشار الرئيس البرازيلي، سيلسو أموريم.
وأعرب الوزير عن امتنانه للشركاء على جهودهم لإيجاد سبل لحل الأزمة الأوكرانية سلميا، كما قال أن روسيا لا تعتبر "مبادراتهم سابقة لأوانها بالنسبة للجانب الروسي، فالسلام أولوية دائما مقارنة بالعمليات العسكرية".
في سياق منفصل، أكد وزير الدفاع الإيطالي جيدو كروزيتو، أنه يمكن إيجاد خيار سياسي يحدد نهاية الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
وقال بأن الوضع على الجبهة "وصل إلى طريق مسدود"، مضيفًا "هو ما يجبرنا على التفكير في الشروط طويلة المدى لإنهاء الحرب".
وتابع إن "الهجوم المضاد الأوكراني، كما افترض البعض، واجه العديد من الصعوبات.. فالخنادق الروسية تعقد هجمات القوات المسلحة الأوكرانية".
كذلك، قال المسؤول الإيطالي "لذلك، قد يكون خيارًا سياسيًا هو الذي سيحدد نهاية الصراع".
هل تنجح الرياض في إنهاء الأزمة؟
ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلا عن مصادر أن "المملكة العربية السعودية تستعد لاستضافة محادثات سلام بين الدول الغربية وأوكرانيا والدول النامية الرئيسية بما في ذلك الهند والبرازيل، أوائل الشهر المقبل".
وأشارت المصادر إلى أنه من بين الدول التي دعتها السعودية وأوكرانيا، إندونيسيا ومصر والمكسيك وشيلي وزامبيا.
وأكدت المصادر أن بريطانيا وجنوب إفريقيا وبولندا والاتحاد الأوروبي أكدوا مشاركتهم.
وأفادت الصحيفة بأنه من المتوقع أن يحضر مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، الاجتماع في جدة، ولم يصدر تعليق فوري من مجلس الأمن القومي.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن "الدبلوماسيين الغربيين قالوا إن السعودية اختيرت لاستضافة المحادثات جزئيًا على أمل إقناع الصين بالمشاركة".
وكشف مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أندريه يرماك، عقد اجتماع في السعودية قريبا لمستشاري الأمن القومي من عدة دول بشأن خطة أوكرانية مقترحة للسلام مع روسيا.
وقال يرماك عبر حسابه في "إكس" (تويتر سابقًا)، إن كييف تعمل الآن على إشراك أكبر عدد ممكن من الشركاء الدوليين في الاجتماع المزمع، مشيرا إلى أن اجتماعا مماثلا كان قد عُقد في كوبنهاغن في يونيو الماضي.
بدوره، أكد مستشار وزير الخارجية الأوكراني يفهين ميتنكو، انفتاح كييف على كل مبادرات السلام، مشيدا بدور السعودية في مواصلة تقديم مبادرات للسلام.
وأعرب في مقابلة مع قناة "العربية"، عن أمله في الوصول لوجهة نظر موحدة في المحادثات المقبلة، متوقعا تأكيد مشاركة عدة دول بمحادثات جدة خلال يومين.
وأكّد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية (الكرملين)، دميتري بيسكوف، اليوم الاثنين، أن الكرملين سيتابع الاجتماع في السعودية بشأن أوكرانيا، مبينا أن روسيا تتابع الأهداف التي تم وضعها لهذا الاجتماع.
وقال بيسكوف اليوم معلّقًا على المبادرة السعودية: "لا شك أن روسيا ستتابع هذا الاجتماع".
كما أكد مصدر روسي لوكالة "سبوتنيك" الروسية، في تعليقه على الأنباء الأخيرة بشأن تنظيم مفاوضات في جدة لحل الأزمة الأوكرانية من دون وجود روسيا، استحالة قيام تسوية للأزمة الأوكرانية دون وجود روسيا ومراعاة مصالحها المشروعة.
وتعليقًا على ذلك، أشار المصدر إلى أن: "تسوية الأزمة حول أوكرانيا مستحيلة موضوعيا دون مشاركة روسيا، ودون مراعاة مصالحها المشروعة".
وأضاف: "من المستحيل موضوعيا أيضا التسوية على أساس صيغة الإنذار النهائي لزيلينسكي، أي اجتماعات بشأن هذا الموضوع يجب أن تأخذ هذه الظروف في الحسبان".
الأوكرانيون يتمسكون بتحرير أراضيهم
في ظل مبادرات السلام التي طرحها عددا من الدول، وتجاوب روسيا مع هذه المبادرات، ترفض كييف هذه المبادرات وتتمسك بتحرير كل الأراضي التي احتلها الروس بما في ذلك جزيرة القرم.
فقد رفض وزير الدفاع الأوكراني، خطة اقترحها نظيره الإندونيسي لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، واصفا إياه بمقترح "غريب".
وكان وزير الدفاع الإندونيسي برابوو سوبيانتو قد اقترح في مؤتمر للدفاع والأمن في سنغافورة، خطة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في مبادرة انتقدها عدد من المشاركين.
ويضم المقترح "وقفا فوريا لجميع الأعمال العدائية" ووقف إطلاق النار "في المواقع الحالية"، وإقامة مناطق منزوعة السلاح يضمنها مراقبون ونشر قوات لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة.
ولكن رفض وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، الذي حضر القمة التي تستمر يومين هذا المقترح بشدة.
وقال "يبدو أنها خطة روسية وليست خطة إندونيسية... لسنا بحاجة ليأتي إلينا هذا الوسيط بهذه الخطة الغريبة".
كا انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشدة اقتراحات بأن تتخلى بلاده عن أراضٍ وتقدم تنازلات لإنهاء الحرب مع روسيا، قائلًا إن الفكرة تشبه محاولات استرضاء ألمانيا النازية في عام 1938.
وأدلى زيلينسكي وأحد كبار مساعديه بتصريحات غاضبة عن الأمر في وقت تواجه فيه القوات الأوكرانية هجومًا جديدًا في منطقتين شرقيتين سيطر الانفصاليون الناطقون بالروسية على جزء منهما في عام 2014. حسب ما نقلته وكالة رويترز للأنباء.
وقالت هيئة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» في 19 مايو (أيار) إن التوصل إلى سلام عن طريق التفاوض قد يتطلب اتخاذ كييف بعض القرارات الصعبة، نظرًا لأن تحقيق نصر عسكري حاسم ليس بالأمر الواقعي.
كا رفضت كييف بشدة اقتراح وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر لحل الأزمة، عندما اقترح أن تسمح أوكرانيا لروسيا بالاحتفاظ بشبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014.
وقال زيلينسكي في كلمة مصورة في وقت متأخر من الليل: «مهما فعلت الدولة الروسية، ستجدون دومًا شخصًا يقول: دعونا نأخذ مصالحها في الاعتبار». وتابع: «يتكون لديكم انطباع بأن تقويم السيد كيسنجر لا يشير إلى عام 2022 وإنما إلى عام 1938، وأنه يعتقد أنه يخاطب جمهورًا ليس في دافوس وإنما في ميونيخ في ذلك الوقت».
كما رفض سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أليكسي دانيلوف، الدعوات لبدء المفاوضات مع روسيا، وجدد مطالبة حلفاء كييف بالمزيد من الأسلحة.
وقال المسئول الأوكراني "المبادرات التي يتم إطلاقها مؤخرا للتوصل إلى تسوية سلمية ليست أكثر من عمليات حفظ سلام موالية لروسيا. لا داعي لإجلاسنا إلى طاولة المفاوضات دائما، امنحونا أسلحة كافية. الأسلحة هي أفضل وسيط".
كما أكد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، أن المحادثات حول حل الصراع مع روسيا لا يمكن أن تبدأ فقط بتوقف القتال.
وقال في إفادة صحفية على الإنترنت مخاطبا بها الصحفيين الأفارقة عقب جولة في دول بالقارة "إذا اعتقد أي أحد أنه يجب عليهم تجميد الصراع ثم البحث عن كيفية حله، فإنه لا يفهم الأمر".
وأضاف أن أكثر من 100 جولة من المشاورات ومحاولات التوصل لوقف إطلاق النار منذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 لم تتمخض إلا عن بدء الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022.