الانقلاب العسكري بالنيجر.. هل اقترب الصدام العسكري مع فرنسا؟
تتنامى التطورات التي تشهدها النيجر بعد الانقلاب العسكري بالنيجر، وتصاعد حدة التوتر بين نيامي والغرب، اتهم قادة الانقلاب فرنسا بالتحضير لتدخل عسكري، لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه، معلنين تعليق صادرات اليورانيوم إلى فرنسا، مما يعتبر ضربة قوية لباريس التي تعتمد على هذه المادة الحيوية بنسبة كبيرة في توليد الكهرباء.
ويغطي يورانيوم النيجر 35 في المئة من الاحتياجات الفرنسية قبل الانقلاب العسكري بالنيجر، ويساعد محطاتها النووية على توليد 70 في المئة من الكهرباء.
ولذلك تجد فرنسا نفسها في مأزق، فانقلاب النيجر سينعكس عليها سلبيا بشكل مباشر خاصة أنها اتخذت قرارا استراتيجيا بتوسيع محطاتها النووية، مما يعني أن طلبها على اليورانيوم سيكون أعلى الآن مما كان عليه في السنوات السابقة، وذلك لتشغيل مفاعلاتها النووية البالغة 65 مفاعلا.
من باريس، يقول الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية الدكتور جان بيار ميلالي، أن قضية اليورانيوم بين فرنسا والنيجر ليست بهذه الدرجة من البساطة.حاولت فرنسا قدر الإمكان تنويع مصادرها في اليورانيوم، ويمكن لفرنسا بسهولة أن تغيّر هذه الاستيرادات النيجرية بغيرها من البلدان، والعسكريون النيجريون اتخذوا هذا القرار، وسيكون عليهم الآن أن يبيعوا اليورانيوم لشريك اقتصادي آخر.
هذه الإجراءات المتسرعة لن تحسّن الأمور، والرد العسكري ممكن لأن الانقلاب غير الأوراق تماما.
اتهم المجلس العسكري الذي تولى السلطة في النيجر الأسبوع الماضي، فرنسا بالرغبة في "التدخل عسكريًا" لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى مهامه على ما جاء في بيان تُلي الاثنين عبر التلفزيون الوطني.
وجاء في البيان بعد الانقلاب العسكري بالنيجر "في إطار بحثها عن سبل ووسائل للتدخل عسكريًا في النيجر، عقدت فرنسا بتواطؤ بعض أبناء النيجر، اجتماعًا مع هيئة أركان الحرس الوطني للحصول على الأذونات السياسية والعسكرية اللازمة".
وقال المجلس العسكري بعد الانقلاب العسكري بالنيجر إن الحكومة التي تمت الإطاحة بها أعطت فرنسا تفويضا لتنفيذ ضربات على القصر الرئاسي لمحاولة تحرير بازوم.
وسبق أن حذر المجلس، الذي يحتجز بازوم في القصر الرئاسي منذ يوم الأربعاء، من أي محاولة خارجية لتحرير بازوم، وشدد على أنها ستؤدي إلى إراقة الدماء والفوضى.
وأدلى بالتصريحات، المتحدث باسم المجلس العسكري الكولونيل أمادو عبد الرحمن عبر التلفزيون الرسمي.
وقال عبد الرحمن إن وزير الخارجية حسومي مسعودو، القائم بأعمال رئيس الوزراء، وقع التفويض.
أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن عمليات إجلاء رعاياها من النيجر تبدأ اليوم الثلاثاء. وأضافت أن فرنسا تعمل أيضًا على إجلاء الرعايا الأوروبيين من النيجر.
وفي وقت سابق من الثلاثاء، كانت السفارة الفرنسية في نيامي قد أعلنت أن فرنسا ستبدأ "قريبًا جدًا" إجلاء مواطنيها من النيجر، حيث حصل انقلاب الأسبوع الماضي تلته احتجاجات مناهضة لباريس.
وجاء في رسالة وجهتها السفارة إلى الرعايا الفرنسيين "مع تدهور الوضع الأمني في نيامي وفي ظل الهدوء النسبي في نيامي، يتم التحضير لعملية إجلاء جوي انطلاقا من نيامي"، موضحة أنها "ستجرى قريبا جدا وفي فترة وجيزة جدًا".
وفي باريس، أكدت وزارة الخارجية أنه "يتم تنظيم عملية إجلاء ستحصل سريعًا جدًا".
وأشارت الرسالة إلى الرعايا الفرنسيين إلى أن "عملية الإجلاء.. موضع تنسيق مع القوات في النيجر".
وأوضحت أن تفاصيل الموعد المحدد لعملية الإجلاء ومكانها سترسل في أسرع وقت ممكن.
لا عملية عسكرية في النيجر
نفت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، اتهامات العسكريين الذين استولوا على الحكم في النيجر بأن فرنسا تريد "التدخل عسكريًا" في هذا البلد، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت لقناة "بي إف إم": "هذا خاطئ".
وتعليقًا على الشعارات المناهضة لفرنسا التي رفعت خلال مظاهرة أمام السفارة الفرنسية في نيامي الأحد، قالت: "ينبغي عدم الوقوع في الفخ".
وأضافت: "لقد شاهدنا مظاهرة منظمة غير عفوية، عنيفة، بالغة الخطورة، مع زجاجات حارقة وأعلام روسية ظهرت، وشعارات مناهضة لفرنسا نُسخت ولُصقت؛ مما يمكن أن نراه في مكان آخر"، مشيرة إلى "كل المكونات المألوفة لزعزعة الاستقرار على الطريقة الروسية - الإفريقية".
وذكرت كولونا أن الأولوية المطلقة لفرنسا هي "أمن مواطنيها" في وقت جرى فيه تعزيز أمن السفارة الفرنسية في نيامي.
ورأت أن إعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه أمر "ممكن". وأضافت: "وهذا ضروري؛ لأن عمليات زعزعة الاستقرار هذه تنطوي على أخطار بالنسبة إلى النيجر وجيرانها".