بعد 3 سنوات من انفجار مرفأ بيروت.. التحديات تتراكم أمام رجال الإطفاء في لبنان
منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، تُزّينُ الجدارَ الخارجي لمحطة فوج إطفاء بيروت عشر صور لعناصر قتلوا جميعا في الانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ المدينة.
وما زال زملاؤهم الباقون على قيد الحياة يعانون من ويلات الانهيار الاقتصادي في لبنان، الذي أفقد رواتبهم قيمتها وأثر بشدة على ميزانيات الصيانة وإصلاح المعدات، فيما يلوح في الأفق خطر اشتعال حرائق الغابات.
ووسط كل هذه المعاناة، يقولون إن ذكريات يوم الرابع من أغسطس آب 2020، ما زالت حية مثل نار لا تنطفئ.
وقال النقيب علي نجم لرويترز "نحن بعملنا كفوج إطفاء منشيل جثث... كل الأمور يللي بتمر علينا كأمور بشعة ما فيكي تتقبليها، نحن منعيشها".
فقد تحولت أجسام عشرة من أفراد فرقة إطفاء بيروت، الذين وصلوا إلى الميناء مساء ذلك اليوم بعد اتصال حول نشوب حريق، إلى أشلاء بعد دقائق عندما وقع واحد من أكبر الانفجارات غير النووية على الإطلاق.
وقُتل أكثر من 220 شخصا في انفجار مئات الأطنان من نترات الأمونيوم كانت مخزنة في الميناء قبل سنوات. وعرقلت الضغوط السياسية تحقيقا كان يسعى إلى ملاحقة شخصيات ذات نفوذ.
ويتذكر نجم أنه توقف بعد دقائق من الانفجار ليجد سيارة الإطفاء الخاصة بالفريق الأول وقد تناثرت أجزاؤها إلى قطع صغيرة، وكيف بدأ بإزالة الأنقاض والحطام المشتعل مستخدما ضوء مصباح يدوي، ليتعرف على جثة واحدة من أعضاء فريقه. عرفها من شعرها الطويل.
استغرق الأمر أسابيع للعثور على جثامين جميع رجال الإنقاذ ودفنهم. يقول نجم إن الصعوبات والتحديات ما زالت تتراكم منذ ذلك الحين.
وتسببت أربعة أعوام من الانهيار المالي في ترك رجال الإطفاء في أنحاء لبنان من دون ما يكفي من قطع غيار عربات الإطفاء والملابس المقاومة للنيران ومعدات أخرى. وانتهى الحال ببعضهم بتغيير مهنتهم بعد أن انهارت قيمة رواتبهم مع انهيار العملة المحلية.
وفي الوقت نفسه، ظلت المطالب تتزايد. وأُرسل رجال الإطفاء ممن على قوة نجم إلى تركيا وسوريا للمساعدة في الاستجابة لزلزال السادس من فبراير شباط وهبوا إلى العمل في أنحاء لبنان للمساعدة في احتواء حرائق الغابات.
لم يمر الوقت
قبل ذكرى انفجار المرفأ، دعا نجم أقارب الضحايا من رجال الإطفاء ودعا أيضا مسؤولين محليين إلى حفل إحياء الذكرى.
ومع وجود بعض العامة بين الحضور، قال نجم إن الأزمة المالية فاقت روح الذكرى في الأهمية على ما يبدو.
وأضاف "عنده ميزة الشعب اللبناني بينسى". وقال متذكرا أن حفل مرور العام الأول كان ممتلئا، لكن حفل العام الماضي كان أقل حضورا.
وأوضح نجم أن "العالم (الناس) مشغولة بغير شي، بكيف بدها تاكل، كيف بدها تشرب..." الآن.
وعلى بعد عدة شوارع في حي مار مخايل، وهو أحد الأحياء التي تضررت بشدة جراء الانفجار، يرتاد المطاعم والحانات التي تم تجديدها أعداد كبيرة من السائحين الأجانب والمغتربين اللبنانيين.
وقال نجم "بتروحي ها المطاعم مليانة، بتروحي على المقابر مليانة".
لكن من حضروا حفل إحياء الذكرى قالوا إنهم لا يمكنهم أن ينسوا. إذ قال أحد رجال الإنقاذ الذين نجوا إن الإحساس بالذنب غمره لسنوات، وشعر أنه كان ينبغي له الاستجابة لحالة الطوارئ بدلا من ذلك.
وقالت ريتا حتي، التي حضرت الحفل إحياء لذكرى ابنها نجيب (26 عاما) وصهرها شربل (34 عاما) وابن شقيقها شربل أيضا (21 عاما)، إن تجاوز الأمر لم يكن خيارا.
وأضافت وهي تغالب دموعها الغزيرة "نحن كأهالي بعدنا بأربعة آب. هيدا الوقت كله ما مرق".