بالأسماء والأماكن..
«النبأ» تقتحم أوكار المخدرات وتكشف العالم السرى لـ«ديلرات» حلوان
«على عينك يا تاجر».. مثل شعبي ينطبق تمامًا على ما تشهده شوارع مدينة حلوان العريقة الواقعة أقصى جنوب محافظة القاهرة من انتشار غير مسبوق لتجار المواد المخدرة رغم ما تشنه الأجهزة الأمنية ورجال المباحث الجنائية من حملات مستمرة لتقويضهم وكبح جماحهم.
انتشار تجار المخدرات في حلوان يدق ناقوس الخطر لما يمثله من تهديد لحياة المواطنين ومستقبل شباب المدينة، لا سيما بعدما وصل الأمر إلى بيع وترويج السموم في عز النهار وأمام أعين الأهالي.
ووصلت إلى «النبأ» العديد من الاستغاثات والشكاوى من انتشار «تجار الكيف» بشكل جنوني في شوارع حلوان، وهو ما دفع «محرر النبأ» لخوض مغامرة محفوفة بالمخاطر لمداهمة أوكار بيع المواد المخدرة وكشف العالم السري لـ«ديلرات الكيف».
بدأ محرر «النبأ» جولته من منطقة المشروع الأمريكي التابعة لدائرة قسم شرطة حلوان، تحديدًا بالقرب من شريط السكة الحديد وهو الشريط الفاصل بين دائرتي «15 مايو» و«حلوان» الذي تم تعطيله ووقف العمل به منذ 19 عامًا، ليتحول إلى «مرتع» لتجار المخدرات بعيدًا عن أعين رجال الأمن.
وبالتقابل مع المهندس محمد دياب، أحد سكان المشروع الأمريكي، تحدث لـ«النبأ» عن ما يشاهده بشكل يومي من مشاهد مؤسفة، لافتًا إلى أنه يقوم بإرسال بين الحين والآخر استغاثات لوحدة مباحث حلوان والتي تستجيب بالفعل لاستغاثته ولكن دون جدوى حقيقية.
وأكد «دياب»، أن رجال المباحث يبذلون جهودًا كبيرة في مكافحة هؤلاء الأشخاص والخارجين عن القانون، ولكن هناك بعض الأهالي يتعاملون بسلبية مع هذه المشكلة، حيث يتسترون على هؤلاء المجرمين خوفًا من وقوعهم في مشاكل معهم، على الرغم من أن مواجهة تلك العناصر ومساعدة رجال الشرطة في القبض عليهم، هي أكبر استفادة لأهالي المنطقة أولًا لحماية النساء وفتيات المنطقة من المضايقات التي تحدث لهن بشكل يومي، وثانيًا لحماية شباب المنطقة من السموم التي يتم ترويجها.
وأوضح أن تلك المجموعة من الخارجين عن القانون يستغلون شريط السكة الحديد؛ لأنه يُعد على حدود مدينة حلوان وبعيد عن الأعين والأنظار.
واختتم حديثه، قائلًا إنه لن يمل أو ييأس من محاربة هؤلاء الأشخاص الذين يدمرون الجيل الحديث ومحاولة جذبهم إلى طريق التعاطي، وأنه مستمر في معاونة رجال الشرطة لتطهير المنطقة وحمايتها، مناشدًا اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية بالتدخل في إرسال قوة معاونة لقسم شرطة حلوان للقبض على هؤلاء الأشخاص، والقضاء على هذا الوكر.
وسمح لنا المهندس محمد دياب، بالصعود إلى منزله وكشف وكر تجارة المخدرات على شريط السكة الحديد من أعلى، ليتبيّن أن التشكيل العصابي يتكون من 13 شخصا، تتراوح أعمارهم بين 16 و21 عامًا، وهو نفس عمر الشباب المترددين عليهم لشراء المواد المخدرة.
لغز «الهرم الرابع»
وساهم أحد المواطنين بمنطقة كفر العلو في محاربة تجار المخدرات بمنطقته ومعاونة رجال الأمن من خلال تدشين صفحة مجهولة عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تحمل اسم «الهرم الرابع» دون الكشف هويته خوفًا من بطش «تجار الكيف».
ونجح المسئول عن الصفحة في الكشف هوية عدد كبير من تجار المخدرات بمنطقته، وهو ما ساعد رجال المباحث في القبض على 18 تاجر مخدرات، وعثر بحوزتهم على كميات كبيرة من المواد المخدرة، و5 أسلحة نارية.
وجاءت أسماء أبرز تجار الكيف الذين سقطوا في قبضة الأمن، بعد خطة أمنية محكمة وضعها العميد وائل غانم، مدير قطاع مباحث جنوب القاهرة كالآتي: «اللو - جعلوص - الزغبي - توحه الفارسي - الحلواني - الزوك - هاني عكاز - درديري - منصف درويش- براوي - هاني جمل» وآخرين.
ضربة موجعة بـ15 مايو
وفي السياق ذاته، نجح رجال وحدة مباحث قسم شرطة 15 مايو، في توجيه ضربة موجعة لتجار المخدرات ومروجي مسحوق الهيروين بدائرة القسم.
وأسفرت حملة موسعة عن ضبط كل من «حسام.م»، وشهرته «راس»، عاطل، يبلغ من العمر 34 سنة، مقيم بالمجاورة 13، وبحوزته 50 جراما من مخدر الهيروين، وسلاح ناري عبارة عن «فرد خرطوش».
كما تم ضبط كل من «شهاب.م.ا»، وشهرته «الدغيدي»، 28 سنة، عاطل، ومقيم مجاورة 17، و«عماد.ع»، وشهرته «خيشه»، 28 سنة، عاطل، مقيم مجاورة 4، وبحوزتهما «فرد خرطوش»، و30 جراما من مسحوق الهيروين المخدر.
ونجحت الحملة في إسقاط كل من «هيثم.ص» وشهرته «الحديدي»، 33 سنة، عاطل، مقيم مجاور 1، وبحوزته كمية من مخدر الهيروين، و«محمد.ر»، وشهرته «رفيق»، 36 سنة، عاطل، مقيم بالمجاورة 17، وبحوزته كمية من مسحوق الهيروين المخدر.
عرب غنيم والوالدة باشا
واتخذ الخارجين عن القانون، خط السكة الحديد الواقع بمنطقة عرب غنيم والممتد حتى منطقة عرب الوالدة، وكرًا لتجارة المخدرات بجانب الوقوف على نواصي معظم شوارع منطقة عرب غنيم.
ويقول محمد إبراهيم، أحد سكان منطقة عرب غنيم، لـ«النبأ»، إن تلك المجموعات تزداد يوم تلو الآخر في بيع السموم وترويجها، وذلك بسبب خوف الأهالي منهم ومنعًا من وقوع مشكلات لهم، متابعًا: «ولكن المشاكل دائمًا ما تحدث بين تجار المواد المخدرة بعضهم البعض وقد تصل إلى القتل، وهذا ما يحدث دائمًا في منطقتنا، أكثر المشاجرات تكون بسبب لهو الأطفال وتجار السموم».
والتقط أطراف الحديث، أحمد طارق، ساكن آخر بالمنطقة، معبرًا عن حزنه من موقف الأهالي السلبي تجاه تجار المخدرات خوفًا من البطش بهم.
وأوضح أن أعداد الخارجين عن القانون للتستر عليهم يزداد بشكل يومي، بالرغم من الحملات اليومية التي يتم شنها بمعرفة رجال مباحث قسم شرطة حلوان.
وناشد «طارق» أهالي المنطقة بمواجهة هؤلاء المجرمين بكل قوة وحزم والعمل على طردهم من المنطقة.
حلوان البلد في المواجهة
وتختلف منطقة حلوان البلد عن أى منطقة أخرى بالمدينة لطبيعتها السكنية والتي تتكون من عائلات، فبمجرد ظهور بعض «الديلرات» بالمنطقة انتفض الأهالي وقاموا بتلقين تجار المخدرات «علقة موت» وطردهم من المنطقة بشكل نهائي.
ويقول أحمد حماد، أحد سكان المنطقة، أن «حلوان البلد» تميل دائمًا إلى الأعراف والأصول، وأن حماية اسم وسمعة المنطقة واجب على كل عائلة مقيمة بالمنطقة، وهذا ما حدث في عام 2018 عندما اتحدت عائلات حلوان البلد وقاموا بتشكيل مجموعات وذهبوا لأهالي مروجي المخدرات وقاموا بتحذيرهم، فاستجاب بعضهم.
والتقط أطراف الحديث حسن سلمان، المحامي، قائلًا إن العائلات بحلوان البلد شكلت وفدًا حينها وذهبت إلى قسم شرطة حلوان وتعهدت أمام المأمور ورئيس المباحث بتسليم أي شخص يتاجر في المخدرات أيًا كان اسمه أو اسم العائلة التي ينتسب إليها.
وأضاف: «أي تاجر يقوم ببيع وترويج المخدرات في المنطقة كان يتلقى درسًا قاسيًا من شباب العائلات ويتم تسليمه لرجال الشرطة وبذلك نجحنا في تطهير المنطقة من تجار السموم».
فيما يكشف هانى نوح، أحد سكان منطقة منشية جمال عبدالناصر، ما آلت إليه الأمور في منطقته من انتشار مفزع لتجار المخدرات بالشوارع وتحديدًا في شارعي 13 وزين الدين.
وأضاف: «أصبحت تجارة المخدرات في هذه الشوارع علنيًا ورغم تواصل مجموعة من المواطنين مع رجال المباحث وتسليم جزء من الخارجين عن القانون لقسم الشرطة إلا أن الأعداد تتزايد، وهذا لأن المواطنين المتعاونين مع الأجهزة الأمنية أعدادهم قليلة، فالغالبية يخشون التدخل في هذا الأمر، بينما يختار آخرون ترك المنطقة نهائيًا بدلًا من المواجهة».