حسام صلاح يكتب: أمريكا ومصادر الطاقة المتجددة
درسنا جميعًا في المرحلة الإبتدائية في الصف الرابع في مادة العلوم، قانون بقاء الطاقة؛ وهو ينص على «أن الطاقة لا تفنى ولاتُستحدث من العدم ولكن يمكن تحويلها من صورة إلى أخرى».
ولكن دعني أن آخذك في رحلة سريعة مجازية، وأوضِّح لك شيطان العصر الحديث ومصادره المتجددة التي تجعل الشعوب تحت وطئتها دون أن يشعروا.
شيطان العصر الحديث بلا شك هو تلك الجزيرة الكبيرة التي تقع في القارة الأمريكية التي تسمى «الولايات المتحدة الأمريكية» شيطان العصر الحديث ورئيسة هذا العالم.
وهنا السؤال المهم: هل حكمت أمريكا العالم بالقوة والعدوان؟
وللإجابة عن هذا السؤل: إنه ثمة دور كبير لقوة أمريكا الإقتصادية والعسكرية التي ساعدتها لتولي منصب قيادة العالم من إمتلاك أسلحة نووية وقوة اقتصادية جبارة جعلت منها منظومةً معقدةً شديدة التعقيد، ولكن الحقيقة أنه هناك أكبر من ذلك وأعمق.
تكمن قوة أمريكا الحقيقة في «مصادر الطاقة المتجددة» وهي بالوضوح تلك القيم العالمية التي تسيطر بها على العقل الجمعي للشعوب والأنطمة في كل أنحاء العالم بشكله الحالي، لقد نجحت أمريكا في ترسيخ فلسفتها من ناحية الاقتصاد تحت فلسفة «الرأسمالية» التي حولت الإنسان إلى مجرد آلة تعمل وتعمل من أجل الحياة بينما الفقير يزداد فقرًا والغني يزداد غنى، لقد حولت الرأسمالية الإنسان إلى مجرد آلة عقيمة غير قادرة على الإنتاج، جعلته إنسانًا غارقًا في المادة وحسب، ويبحث عنها فقط، دون الشعور بأنه إنسان من الأساس، تلك العجلة التي تدور ويدور في فلكها الإنسان التعيس إلى ما لا نهاية، تلك القيم التي أصبحت بوصلة العالم، ومنها أيضًا فلسفتها التي جعلتها تشوش عقل الإنسان وتنحرف به عن المهمة الأساسية ألا وهي إنسانيته وتحضره، فخلقت فلسفة «برجماتية» أمريكية خالصةً 100% جعلت من المنفعة الشخصية أسلوبًا لحياة البشر مهما كان المقابل، ومهما كان السبب؛ فالمنفعة الشخصية هي القيمة الكبرى وجوهر حياة الإنسان، فأُهملت كل القيم الأخلاقية التي من شأنها الصعود بالإنسان إلى درجات الكمال والنزوع نحو عالم أفضل بعيدًا عن منفعة برجماتية تجعل الإنسان مثل الحيوان، ورأس مالية تبتلع آخر ما تبقى من الإنسانية.
تكمن الخطورة الحقيقة في هذا النموذج هو اعتماده على طاقته الباقية «قيمه وفلسفته» لأنها تضمن له بقاءه وسيطرته على العالم، إن مهمة السيطرة على العالم تتطلب ظهور فلفسة وقيمة تحدد ماهية الإنسان الذي نسعى إليه، وهو «الإنسان» الأفضل، إننا نسعى إلى خلق مساحة أخرى للتفكير بعيدًا عن النموذج الأمريكي الرأسمالي، وكذلك شيوعية الصين وروسيا بحكم قوة صعودهم بوصفهم تيارًا آخر مقابل للنموذج الأمريكي.
ولكن الشيوعية وتنظريها أنتجت فشلًا ذريعًا واستبدادًا من نوعٍ آخر.
ومما لا شك فيه لدى قارئ الفلسفة أن العالم يعيش الآن تحت سطوة الفلسفة الحديثة سواءً أدرك ذلك أو لم يدرك، لأنها تعد أيضًا شرارةً للفلسفة المعاصرة التي أسرت العالم كله في قبضتها وسيطرت على كل القيم ووظفتها لخدمة تلك الفلسفة.
لذلك فإن الحقبة المادية والتفلسف الوضعي الذي يعاني من خلاله الإنسان الآن من خلال قيمه الرذيلة مثل (المنفعة البرجماتية) (الرأسمالية) أو على الجانب الآخر (الشيوعية) هو في الأصل نتاج لما بعد الفلسفة الحديثة.
لذلك من وجهة نظري، مَن أراد أن يعرف حقيقة الصراع الآن والوقوف على تاريخه وظهور تلك المذاهب الفكرية والتيارات المعاصرة لا بد أن ينظر نظرةً مجردةً إلى تلك الفلسفة الخطيرة، ويقف على تفاصيلها وأدواتها وخصائصها الفكرية التي أدت بعد ذلك إلى نشأة الفلسفة المعاصرة بوصفها حقبةً سوداء في تاريخ الإنسانية.
المخرج الوحيد هو التفكير السليم والمحاولة للوصول إلى نموذج جديد تعسكه صورة جديدة للحياة الإنسانية بعيدًا عن «البروباجندا»، وأننا ارتفعنا بقيمة الإنسان التي تُثبت أكثر النتائج أن الإنسان يأتي أخيًرا في المعادلة.
فهل تظهر قوة أخرى بفلسفة جديدة تُخلِّص العالم من هذه التجربة السيئة؟