رئيس التحرير
خالد مهران

بعد تحطم الطائرة.. قصة يفجيني بريجوجن طباخ بوتين الذي التمرد عليه

النبأ

لم تكن نهاية يفجيني بريجوجن طباخ بوتين أغرب من حياته المليئة بالمغامرات، حيث  أكد مجلس قادة الشركات العسكرية الخاصة «فاجنر» وفاة يفجيني، قائد المجموعة، وأعلنت وسائل إعلام روسية نقلا عن قادة في «فاجنر» تأكيد مقتل قائد المجموعة في تحطم الطائرة شمالي موسكو.

اعتراف بريجوجن 

وبعد سنوات من الغموض، تبين في الأخير أن من يقود "فاجنر" هو أحد المقربين جدا من بوتين، المدعو يفجيني بريجوجين، والذي يوصف من طرف وسائل الإعلام الغربية بـ "طباخ" الرئيس الروسي، إذ أقر بنفسه أنه أسس "فاجنر" في 2014 للقتال في أوكرانيا، واعترف بانتشار عناصر منها في إفريقيا وأمريكا اللاتينية خصوصا.

وفي بيان نشر على حسابات شركة يفجيني بريجوجين طباخ بوتين "كونكورد" للمطاعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكد بريجوجين أنه أسس هذه المجموعة لإرسال مقاتلين مؤهلين إلى منطقة دونباس الأوكرانية في 2014. 

وأضاف "منذ تلك اللحظة في الأول من أيار/مايو 2014، ولدت مجموعة وطنيين اتخذت اسم مجموعة كتيبة فاجنر التكتيكية".

وتابع مؤكدا "تورط" هذه الميليشيا في أكثر من نزاع عبر العالم بالقول: "والآن إليكم اعتراف (..) هؤلاء الرجال الأبطال دافعوا عن الشعب السوري وشعوب عربية أخرى والأفارقة والأمريكيين اللاتينيين المعدومين، لقد أصبحوا أحد ركائز أمتنا".

وهذا الاعتراف أتى ليزكي ما ذهبت إليه تقارير إعلامية سابقة، خاصة بعد نشر مالك "كونكورد" على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يظهر فيه وهو يجند سجناء في سجن روسي للقتال في صفوف مجموعته على الجبهة الأوكرانية.

كيف برز اسم بريجوجين؟

برز اسم بريجوجين، 61 عاما، في وسائل الإعلام الغربية خاصة في 2016 بعد أن فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية، لدور إحدى شركاته "وكالة الأبحاث على الإنترنت" في التأثير بالانتخابات الأمريكية التي أدت إلى وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

كما فرض الاتحاد الأوروبي عليه عقوبات لدوره في مجموعة فاجنر العسكرية بأوكرانيا. ويعتبر اليوم أحد الشخصيات الأكثر إثارة للجدل في نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. 

وصار على لسان وسائل الإعلام داخل روسيا وخارجها، ولا سيما أنه انطلق من لا شيء ليتحول لأحد كبار الأغنياء في بلاده، بل وكسب مكانة خاصة في مربع القرار حتى أنه يصنف ضمن الشخصيات التي تشكل الدائرة الضيقة جدا للرئيس الروسي.

وإذا كان اسم بريجوجين قد ارتبط في الخارج بأنه رجل الدعاية الرقمية السامة لموسكو، فقد تميز في روسيا أيضا بدهائه في تشويه سمعة الحركات المعارضة. فبحسب تصريح ليوبوف سوبول، الناشط في مؤسسة أليكسي نافالني لمكافحة الفساد لصحيفة نيويورك تايمز: "إنه لا يخشى أن تتسخ يداه ليصل إلى هدفه".

من الانحراف إلى الثروة

وعلى غرار بوتين، يتحدر بريجوجين من مدينة سان بطرسبورج الروسية، التي عرف بها في مرحلة من سنوات شبابه كمنحرف، حكم عليه خلالها بالسجن 12 عاما، قضى منها عشر سنوات بتهم تتعلق بالسرقة والانتماء إلى عصابة. ومع انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991، وظهور نظام جديد في روسيا، حاول استغلال الفرص المتاحة للعمل في التجارة. 

وارتبطت مسيرته التجارية بتسويق الطعام والمواد الغذائية، فبدأها ببيع سندويشات النقانق قبل أن يخلق سلسلة متاجر للبقالة، ثم انتقل بعد ذلك إلى إحداث مطاعم، أشهرها موجود على المياه في مدينته الأصلية سان بطرسبورغ، حيث سبق أن استضاف الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي فتح له بوابة الكرملين، ليصبح "طباخه" عبر شركته.

وعلاقته بالكرملين، ستساعد شركته "كونكورد" للطعام أيضا على الحصول على مئات الملايين من العقود الحكومية لتوفير وجبات الأكل لأطفال المدارس والموظفين الحكوميين. كما حصد عقودا لتوريد وجبات إلى الجيش الروسي بقيمة تعادل مليار دولار أمريكي على الأقل في عام واحد.

واتهمت شركته بممارسات تجارية فاسدة. وزعم المعارض المعروف الموجود في السجون الروسية أليكسي نافالني في وقت سابق أن بريغوجين كان مرتبطا بشركة تدعى "موسكوفسكي شكولنيك" (تلميذ موسكو)، قدمت طعاما فاسدا إلى مدارس موسكو، ما تسبب في تفشي مرض الزحار.

واعترف بريجوجين  بأنه أسس مجموعة فاجنر في عام 2014، وهو العام الذي ضمت فيه روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، وذلك في أول تأكيد علني له على صلته بالمجموعة العسكرية، التي نفى علاقته بها في السابق، ورفع دعوى قضائية ضد عدد من الصحفيين بعدما كشفوا علاقته بمجموعة المرتزقة.

وقاتلت مجموعة فاجنر فى العديد من الدول الأفريقية، كما قدمت الجماعة الدعم للانفصاليين المدعومين من روسيا، الذين استولوا على جزء كبير من منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، في عام 2014.

وفى الأزمة الروسية الأوكرانية الراهنة، يعد بريجوجين أحد أكثر الوجوه وضوحًا، حيث جند آلاف السجناء الروس للقتال من أجل فاجنر، كما تنازع علانية مع وزارة الدفاع الروسية، بشأن الخطط العسكرية وإمدادات الذخيرة.

ما هي مجموعة فاجنر؟

تعتبر فاجنر منظمة روسية شبه عسكرية، وصفها البعض بأنها شركة عسكرية خاصة أو وكالة خاصة للتعاقد العسكري، وقيل إن مقاوليها شاركوا في صراعات مختلفة، بما في ذلك العمليات في الحرب السورية على جانب الحكومة السورية، وكذلك في الفترة من 2014 إلى 2015 في الحرب في دونباس في أوكرانيا لمساعدة القوات الانفصالية التابعة للجمهوريات الشعبية دونيتسك ولوهانسك المعلن عنها ذاتيا.

وتتمتع "فاجنر" بالاستقلالية عن وزارة الدفاع الروسية ومديرية المخابرات الرئيسية، والتي تستخدمها الحكومة الروسية في النزاعات التي تتطلب الإنكار، حيث يشرف الجيش الروسي على تدريب قواتها.

ويمتلك رجل الأعمال "بريجوجين" مجموعة "فاجنر" في الوقت الذي كان يتمتع فيه بصلات وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

شاركت مجموعات فاجنر في الحرب التي شنتها روسيا على اوكرانيا حيث كانت الارقام التقديرية للجنود المشاركين نحو 50 ألف جندي.

وتمكنت قوات فاجنر من حسم العديد من المعارك لصالحها، وتوجت تلك الأعمال من تمكنها من السيطرة على مدينة "باخموت" شرقي أوكرانيا.

الاحتجاج ضد جنرالات روسيا

عندما حاربت قواته وماتت بأعداد كبيرة في أوكرانيا، ثار بريغوجين غضبًا ضد القادة العسكريين الروس.

وفي مقطع فيديو نشره فريقه الشهر الماضي، وقف بريغوجين إلى جانب صفوف من جثث قال إنها لمقاتلي «فاغنر»، واتهم الجيش الروسي النظامي بعدم الكفاءة وقطع قواته عن الأسلحة والذخيرة التي يحتاجون إليها للقتال.

 

الاعتراض على بوتين

يعد يفجيني بريجوجين طباخ بوتين كان أكثر صراحة ضد الطريقة التي يدير بها الجيش الروسي التقليدي القتال في أوكرانيا، واستمر في لعب دور لا غنى عنه على ما يبدو في الهجوم الروسي، وبدا أنه لم يتعرض لأي محاسبة من بوتين بسبب انتقاده لجنرالاته.

وأشارت تقارير إعلامية في بعض الأحيان إلى أن تأثير بريجوجين في بوتين آخذ في الازدياد وأنه كان يسعى إلى منصب سياسي بارز.د، ولكن محللين حذروا من المبالغة في تقدير نفوذه مع بوتين.

 

تمرد مفتوح

من قائد لقوة مرتزقة يصور نفسه على أنه يقاتل بعض أصعب المعارك العسكرية الروسية في أوكرانيا، انتقل يفغيني بريغوجين طباخ بوتين (62 سنة) إلى أخطر دور له والدعوة إلى تمرد مفتوح ضد القيادة العسكرية لبلاده.

ورفع يفغيني بريغوجين طباخ بوتين، صاحب مجموعة «فاغنر» المتحالفة مع الكرملين، حدة الانتقادات اللاذعة المستمرة منذ أشهر لسلوك روسيا في الحرب، من خلال الدعوة إلى انتفاضة مسلحة لإطاحة وزير الدفاع، وردت أجهزة الأمن الروسية على الفور، وفتحت تحقيقًا جنائيًا وحثت على اعتقال بريغوجين.

حادث الطائرة

جاءت نهاية يفغيني بريغوجين طباخ بوتين بعد أن أكدت هيئة النقل الجوي الروسية أن يفغيني بريغوجين قائد مجموعة فاغنر الذي قاد في حزيران/يونيو الماضي تمردا قصير الأمد ضد القيادة العسكرية الروسية كان على متن الطائرة الخاصة التي كانت متجهة من موسكو إلى سانت بطرسبرغ وتحطمت قرب قرية كوجينكينو.

وقالت الهيئة إنه "وفقا لشركة الطيران، فإن الركاب التالية أسماؤهم كانوا على متن الطائرة" التي تحطمت وهي من طراز إمبراير-135، معددة أسماء كل الركاب ومن ضمنهم بريغوجين وساعده الأيمن ديمتري أوتكين.

من جهتها قالت وزارة الطوارئ الروسية في منشور على تطبيق تلغرام: "كان هناك 10 أشخاص على متن الطائرة، من بينهم طاقم من 3 أشخاص. وفقا للمعلومات الأولية، قضى كل الأشخاص الذين كانوا على متن الطائرة".

والطائرة المنكوبة هي من طراز "إمبراير ليغاسي" وقد تحطمت قرب قرية كوجينكينو، في منطقة تفير، شمال غرب موسكو.