جرائم الشرف والأمانة والإرهاب تشعل الانتخابات الرئاسية
بالأسماء.. الممنوعون من المنافسة على حكم مصر في الانتخابات الرئاسية 2024
يتزايد الحديث بين الحين والآخر عن الانتخابات الرئاسية المقرر انعقادها مطلع العام المقبل 2024 في مصر، لا سيما بعد إعلان عدد من السياسيين ورؤساء الأحزاب اعتزامهم الترشح في ماراثون انتخابات الرئاسة، وسط ترقب لما ستعلنه الهيئة الوطنية للانتخابات من إجراءات وشروط الترشح للمنصب والجدول الزمني للعملية الانتخابية منذ البداية وحتى الإعلان عن اسم المرشح الفائز بـ«كرسي الحكم».
وشهدت الأسابيع القليلة الماضية، حالة من الجدل الواسع بشأن عدم تطابق شروط الترشح لرئاسة الجمهورية على بعض الطامحين للمنافسة على المنصب، ويأتي على رأسهم جمال مبارك، نجل الرئيس الراحل حسني مبارك، لصدور حكم نهائي ضده بالسجن في قضية جنائية.
وتستعرض «النبأ» خلال السطور التالية أبرز التهم والجرائم الجنائية التي تقف حائلًا أمام أحلام عدد من الطامحين في حكم مصر وفقًا لمواد الدستور والقانون.
وتحدد المادتين «141» و«142» من الدستور شروط الترشح لرئاسة الجمهورية، حيث نصت المادة «141» على: «يشترط فيمن يترشح رئيسًا للجمهورية أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل، أو أى من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى، وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها قانونًا، وألا يقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية، ويحدد القانون شروط الترشح الأخرى».
أما المادة «142» فقد نصت على أن «يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكى المترشح عشرون عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها، وفى جميع الأحوال، لا يجوز تأييد أكثر من مترشح، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون».
وأقر القانون رقم 22 لسنة 2014 بتنظيم الانتخابات الرئاسية تلك الشروط الدستورية، وأضاف عليها شروطًا أخرى مثل أن لا يكون المرشح مصابًا بمرض بدنى أو ذهنى يؤثر على أدائه لمهام رئيس الجمهورية.
هذه الشروط الدستورية والقانونية لا تنطبق على الكثير من الطامحين للترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، وخاصة المادة المتعلقة بجرائم الشرف والأمانة، والتي تنص على «ألا يكون قد حُكم عليه فى جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ولو كان قد رد إليه اعتباره».
كما زعم البعض أن المادة الأولى من قانون الانتخابات الرئاسية الخاصة بشروط الترشح، تتعارض مع المادة «92» من الدستور المصري المعدل عام 2014، والتي تنص على: «الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها».
علاء مبارك يدافع عن حق شقيقه «جمال» في الترشح لانتخابات الرئاسة 2024
كثر الحديث الفترة الماضية عن ترشح جمال مبارك، نجل الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، بعد أن نشر شقيقه «علاء» مجموعة من التغريدات يدافع فيها عن حق شقيقه «جمال» في الترشح لانتخابات الرئاسة 2024، وذلك بعد أن تحدث عدد من متابعي ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي عن عدم أحقية «جمال» للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة بسبب وجود موانع دستورية وقانونية تتعلق بالشرف والأمانة.
ويأتي الحديث عن عدم أحقية «مبارك الابن» في الترشح بعد أن حكم عليه هو وشقيقه «علاء» ووالده الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بالسجن 3 سنوات عام 2015 في قضية سرقة أموال عامة، والمعروفة إعلاميًا بـ«القصور الرئاسية»، وهذه الإدانة تدخل في باب الجرائم المخلّة بالأمانة والشرف، حسب القانون رقم 22 لسنة 2014 المتعلق بتنظيم الانتخابات الرئاسية.
الحديث عن ترشح جمال مبارك للانتخابات الرئاسية القادمة، دفع عبد السلام إبراهيم إسماعيل مدير المركز القومي لدعم المواطنة وحقوق الإنسان، إلى رفع دعوى قضائية يطالب فيها بإلغاء قرار الامتناع عن فتح تحقيق، وإحالة جمال وعلاء حسني مبارك إلى النيابة العامة لاتهامهما بالكسب غير المشروع واسترداد جميع الأموال المهربة من كافة أنحاء العالم، ومنع عائلة مبارك من الترشح لأي منصب رفيع بالدولة.
وطالب مقدم الدعوى في دعواه بإحالة جمال وعلاء مبارك إلى جهات التحقيق، لاتهامهم بالكسب غير المشروع طبقًا لنص المادة 44 من القانون 20 لسنة 1977 وما يترتب عليها من آثار، كما طالب باسترداد جميع الأموال المهربة من كافة أنحاء العالم باعتبارها أموال الشعب وتسليمها إلى وزارة المالية وإلزامهم بالمصاريف والأتعاب للخزانة العامة للدولة.
بالأدلة.. تفصيلة قانونية تحرم محمد أنور السادات وأيمن نور من الترشح للرئاسة
وفي السياق ذاته، كشف النائب مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، موقف الدستور والقانون من محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، في حالة اعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة.
وقال «بكري»، إن قانون الهيئة الوطنية للانتخابات ينص على أنه كل من صدر ضده حكم بات ونهائي لا يجوز له الترشح على انتخابات رئاسة الجمهورية حتى لو أخذ رد اعتبار، متابعًا: «لذلك لا يستطيع محمد أنور السادات الترشح بسبب قضية عام 1982 والتي أخذ بها حكم بات ونهائي».
وأضاف أن نص القانون سالف الذكر ينطبق، أيضًا، على جمال مبارك بعد صدور حكم بات ونهائي في عام 2015، مؤكدًا على تأييده من محكمة النقض في عام 2016؛ لذلك فلا يجوز ترشحه لانتخابات الرئاسة.
واختتم «بكري» حديثه: «لا يستطيع أحد أن يزايد على وطنية أحد، وليس هناك أي داع من الضحك على الناس بكلام فاضي ليس له معنى، متابعًا: احرصوا على الوطن والبلد اللي لو ضاعت مش هترجع مرة أخرى».
الإرهابيون ممنوعون من الترشح
ويأتي السياسي الهارب، أيمن نور، والشخصيات والكيانات المدرجة على قوائم الإرهاب مثل جماعات الإخوان الإرهابية والمنتمين لها، على رأس الممنوعين من خوض الانتخابات الرئاسية القادمة.
ففي شهر مايو الماضي، أصدرت محكمة جنايات القاهرة الدائرة الأولى، قرارًا بإدراج عدد من المتهمين بينهم أيمن نور على قوائم الإرهاب لمدة خمس سنوات.
وحدد قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين الصادر عام 2015، الآثار المترتبة على إدراج متهم أو مؤسسة على قوائم الإرهاب والإرهابيين، وذلك لوقف نشاط هذا الإرهابى أو المؤسسة الإرهابية.
ويُقصد بالإرهابي بأنه كل شخص طبيعى يرتكب أو يشرع فى ارتكاب أو يحرض أو يهدد أو يخطط في الداخل أو الخارج لجريمة إرهابية بأية وسيلة كانت، ولو بشكل منفرد، أو يساهم في هذه الجريمة في إطار مشروع إجرامى مشترك، أو تولى قيادة أو زعامة أو إدارة أو إنشاء أو تأسيس أو اشترك في عضوية أى من الكيانات الإرهابية المنصوص عليها فى المادة رقم (1) من هذا القانون أو قام بتمويلها، أو ساهم فى نشاطها مع علمه بذلك.
ونص قانون الكيانات الإرهابية على عدد من الآثار المترتبة على قرار الإدراج على قوائم الإرهابيين، بالنسبة للأشخاص، فيتم إدراجهم على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، ومنع الأجنبى من دخول البلاد، وفقدان المدرجين شرط حسن السمعة والسيرة اللازمة لتولى الوظائف والمناصب العامة أو النيابية، وتجميد أموال المدرجين متى استخدمت فى ممارسة نشاطهم الإرهابى.
أما بالنسبة للكيانات الإرهابية، فيتم حظر الكيان الإرهابى ووقف أنشطته، وغلق الأماكن المخصصة له وحظر اجتماعاته، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وتجميد الأموال المملوكة للكيان أو لأعضائه متى كانت مستخدمة فى ممارسة النشاط الإرهابى، وحظر الانضمام للكيان.
فقيه دستورى: لا يوجد تعارض بين المادة «92» من الدستور وقانون الانتخابات الرئاسية
من جانبه قال الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، إنه لا يحق لجمال مبارك الترشح للانتخابات الرئاسية وفقا للدستور والقانون، حتى وإن تقدم بدعوى قضائية لرد الاعتبار، مشيرًا إلى أنه في حالة تقدم جمال مبارك بأوراق ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، للهيئة الوطنية للانتخابات، فسوف ترفض الهيئة طلبه، معللة ذلك بصدور أحكام تتعلق بالأمانة والشرف، منها قضية القصور الرئاسية.
وفند «فوزي» مزاعم البعض بوجود تعارض بين قانون الانتخابات الرئاسية وبين المادة «92» من الدستور، مؤكدا أن مواد الدستور كلها تؤخذ مادة واحدة وليس متفردة، وأن الدستور يكمل بعضه، بما في ذلك الديباجة، وبناءً على ذلك لا بد أن تقرأ المادة «92» مع المادة «87» من الدستور والتي تنص على الآتي: «وتلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب»، ولهذا فإن قانون انتخابات الرئاسة ينص على أن المترشح لا بد أن يكون متمتعًا بالحقوق السياسية والمدنية، ودلالة ذلك هو أن يكون مقيدًا في جداول الناخبين، وبناء على هذه المادة «87» لا توجد شبهة عدم دستورية للنص في انتخابات الرئاسة.
وأضاف الفقيه الدستوري: الدستور تضمن في المادة «227» من الأحكام العامة والانتقالية ما ينص على «أن الدستور يشكل بديباجته وجميع نصوصه نسيجًا مترابطًا وكلًا لا يتجزأ وتتكامل أحكامه في وحدة عضوية متماسكة، ولذلك لا يجوز تفسير مادة دون الأخرى».
وأوضح الدكتور صلاح فوزي، أن قانون الانتخابات الرئاسية الحالي واجب النفاذ، وهو بذلك يمنع أي شخص من الترشح ما دام صدر ضده حكم بات ونهائي في قضية تتعلق بالشرف والأمانة حتى لو رد إليه اعتباره، متابعًا: «ولا يحق لأحد أن يقول إن القانون غير دستوري، من يقل هذا هي المحكمة الدستورية العليا صاحبة الاختصاص الأصيل، وإذا كان هناك شبهة بعدم الدستورية فالمحكمة هي التي تقضي بذلك ودون غيرها».
واختتم حديثه قائلًا: «هنا يتوجب على الشخص اتخاذ الإجراءات القانونية، فمحكمة الموضوع هي المسئولة عن ذلك وترفع الأمر للمحكمة الدستورية العليا، ومن ثم لا يجوز لأي من صدرت ضدهم أحكام مخلة بالأمانة والشرف الترشح للانتخابات الرئاسية حتى لو رد إليه اعتباره بحكم قضائي».
«الإسلامبولى»: الهيئة الوطنية للانتخابات لن تقبل أوراق ترشح «مبارك الابن»
فيما يرى الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي، أن القانون في السابق كان ينص على أنه إذا حكم على شخص بحكم يتعلق بالشرف أو بالأمانة مثل التهرب الضريبي، أو الاستيلاء على المال العام، يحق له ممارسة حقوقه بعد رد الاعتبار الذي يكون بعد 6 سنوات من تنفيذ الحكم، وهذا الأمر تم تعدي.له في 2020.
وأشار إلى أن جمال مبارك صدر ضده حكم نهائي من محكمة النقض يخص قضية القصور الرئاسية، متابعًا: «وبالتالي ليس من حقه الترشح لانتخابات الرئاسة».
وأكد أنه في حال تقدم جمال مبارك بأوراق ترشحه للهيئة الوطنية للانتخابات، فإنها سوف ترفض أوراقه.