الديمقراطية أم اليورانيوم؟.. سر تمسك ماكرون ببقاء فرنسا في النيجر؟
أثار تمسك الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون ببقاء قوات بلاده في النيجر، ورفض طلب المجلس العسكري في النيجر بغادرة السفير الفرنسي، الكثير من الجدل، وطرح الكثير من الأسئلة حول أسباب تمسك الرئيس الفرنسي ببقاء فرنسا في النيجر، وإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم للسلطة؟.
في البداية ساق الرئيس الفرنسي عددا من الأسباب التي أدت إلى تمسكه برفض الانقلاب العسكري في النيجر وعدم الاعتراف بالمجلس العسكري، يأتي على رأسها، الدفاع عن الديمقراطية في منطقة الساحل الأفريقي، ووقف الانقلابات العسكرية في إفريقيا، بالإضافة إلى محاربة الجماعات الإرهابية في القرن الأفريقي، وعلى رأسها القاعدة وداعش وبوكوحرام.
وقال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن السفير الفرنسي لدى النيجر لن يغادرها، رغم أمر المجلس العسكري في البلاد له بالمغادرة خلال 48 ساعة.
وفي حديثه خلال مؤتمر للسفراء الفرنسيين، قال ماكرون إن سياسة فرنسا تجاه النيجر هي "السياسة الصحيحة"، وذكر أنها تستند إلى "التزام دبلوماسيينا، وسفيرنا الذي لا يزال موجودًا على الأرض، رغم الضغوط، ورغم كل شيء، ورغم كل التصريحات الصادرة عن جهات غير شرعية".
وأضاف ماكرون أيضًا: "يجب أن نكون واضحين ومتماسكين" في دعم زعيم منتخب ديمقراطيًا مثل بازوم، في إشارة إلى رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم.
وأكد ماكرون: "إذا لم يكن الأمر كذلك، فمن سيستمع إلينا؟" وأضاف متسائلا: كيف يمكن للشركاء الأفارقة أن يثقوا بفرنسا إذا لم يكن دعم البلاد حازمًا"، وسط ما وصفه بـ "وباء الانقلابات" في منطقة الساحل.
وجدد ماكرون القول أيضا إنه سيواصل دعم رئيس النيجر المطاح به محمد بازوم، الذي وصف ماكرون قراره عدم الاستقالة بأنه "شجاع".
وقال ماكرون: «فرنسا لن تتخلى عن محمد بازوم ولن تعترف بالانقلاب وهي تدعم احتمال أي عمل عسكري قد تقوم به المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا»إيكواس».
وأضاف: «لو لم نتدخل عسكريا في إفريقيا لما كانت النيجر ومالي وبوركينا فاسو موجودة اليوم بحدودها المعروفة».
وانتقد ماكرون حلفاءه الغربيين مثل واشنطن وبرلين وروما لتفضيلهم اعتماد المسار الدبلوماسي في النيجر، في حين لم تخف باريس استعدادها لدعم خيار التدخل العسكري الذي لوّحت به الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إكواس" لإعادة الانتظام الدستوري إلى نيامي، وأوضح "يقولون لنا إن السياسة الملائمة هي التخلي عن (الرئيس) لأن هذا هو الرائج حاليا.
واتخذت باريس، التي لا تعترف بالنظام العسكري، موقفا حازما، وقالت وزارة الخارجية إن "الانقلابيين لا يملكون أي سلطة" للمطالبة برحيل السفير
و قال الرئيس الفرنسي إيمانيويل ماكرون إنّ فرنسا ترفض أي "إملاء" أو "ضعف" في إفريقيا خصوصا منطقة الساحل التي شهدت انقلابا عسكريا هو الثالث بعد مالي وبوركينا فاسو، داعيا دولها إلى اتباع "سياسة مسؤولة".
الاسباب الحقيقية وراء تمسك فرنسا بالنيجر؟
ولم يذكر ماكرون عن الأسباب الحقيقية التي دفعت فرنسا إلى رفض الانقلاب العسكري منذ الوهلة الأولى، والتمسك بالبقاء في النيجر.
وهذه الأسباب معلومة للقاصي والداني وهي.
فحسب تقارير اقتصادية، فإن اليورانيوم في النيجر يشكل واحدًا من معطيات الأزمة السياسية والانقلاب الذي شهدته البلاد، بعد أن أطاح عدد من القادة العسكريين بالرئيس محمد بازوم.
ووسط إدانات دولية ومظاهرات محلية ما بين مؤيدة ورافضة للانقلاب العسكري، برزت أسماء عدد من اللاعبين الدوليين وسط الأزمة، على رأسهم فرنسا وروسيا.
ففي الوقت الذي تلوح فيه إشارات إلى دعم روسي لقادة الانقلاب العسكري في النيجر، تهدد فرنسا بالتصعيد واتخاذ إجراءات عقابية من شأنها التأثير في مستقبل البلد الذي يعدّ أحد حلفاء باريس في منطقة الساحل الأفريقي.
وتمثّل النيجر كنزًا ثمينًا لفرنسا بصفتها أحد أقوى حلفاء باريس في دول الساحل والصحراء، فضلًا عن كونها مصدرًا رئيسًا للإمداد باليوارنيوم المستعمل في إنتاج الكهرباء لملايين الأسر في فرنسا بصفة خاصة، وأوروبا بصفة عامة.
ونقلت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" عن محلل في الشؤون الأفريقية، قوله، إنه إذا استقال محمد بازوم من الرئاسة، فمن المحتمل أن تنتقل النيجر إلى قائمة الدول التي ستسعى مجموعة فاغنر إلى التوسع فيها، إذ تضع أنظارها بالفعل على النيجر، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها منتج كبير لليورانيوم، تسعى إليه روسيا، في وقت شكّل فيه بازوم عائقًا أمام فاغنر بسبب موقفه المؤيد لفرنسا وأميركا وانتقاده فاغنر علنًا.
وزوّدت النيجر الاتحاد الأوروبي خلال عام 2021 بما يقرب من 25% من إمدادات اليورانيوم، إذ اشترت دول القارة العجوز نحو 2905 طنًا من يورانيوم النيجر، ما ساعد على إنتاج الكهرباء لملايين الأسر.
ودفعت احتياطيات اليورانيوم في النيجر خلال السنوات الأخيرة العديد من الدول الأخرى للدول لمنافسة فرنسا على هذا المورد المهم، إذ استحوذت شركات صينية وأسترالية وأميركية وبريطانية وإيطالية وكندية وهندية وروسية على تصاريح للتنقيب.
وتنظر الدول الغربية إلى النيجر على أنها حصن ضد انتشار المزيد من الفوضى وتوسع النفوذ الروسي في المنطقة. وهي تستضيف قواعد عسكرية فرنسية وأمريكية وقبل الانقلاب كان يُنظر إليها على أنها شريك رئيسي في القتال ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة في المنطقة.
وتحتل النيجر المركز السابع عالميًا في انتاج اليورانيوم، ووفقًا للبنك الدولي يُعتبر اليورانيوم ثاني أكبر الصادرات في النيجر من الناحية النقدية بعد الذهب.
وتُشير البيانات، إلى أنه على مدى السنوات العشر الماضية، فإن فرنسا قامت باستيراد 88200 طن من اليورانيوم الطبيعي جاءت بشكل أساسي من ثلاث دول هي: كازاخستان (27٪)، والنيجر (20٪)، وأوزبكستان (19٪)، وعلى هذا فإن النيجر تلعب دورًا مهمًا في الإمدادات الفرنسية.
و يوجد 23 مفاعلًا فرنسيًا يعمل بوقود الأكسيد المختلط MOX، وهو نوع من الوقود يتكون من أكثر من نوع من أكاسيد اليورانيوم (قد يكون معالجًا أو معادًا تدويره) والبلوتونيوم، وتنتج هذه المفاعلات ما يقارب 10% من الكهرباء النووية الفرنسية، وفقًا لمجموعة أورانو (آريفا سابقًا).