قروض بـ20 مليار جنيه لحل الأزمة مؤقتًا..
كواليس اشتعال الفتنة بين وزارتى «الكهرباء» و«البترول» بسبب 107 مليارات جنيه
أزمة جديدة تطل برأسها داخل أروقة حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، بين وزارتي البترول والكهرباء بسبب الديون المتراكمة على الأخيرة لصالح الهيئة العامة للبترول، خاصة في ظل ما تعانيه البلاد من نقص الغاز الطبيعي والمازوت الذي يتم استخدامه داخل محطات الكهرباء والتي تقوم بإمداده وزارة البترول والثروة المعدنية لنظيرتها «الكهرباء».
ليست الأزمة بالجديدة بل شهدت أطوارا عديدة من المناقشات والمباحثات بين قيادات الوزارتين، خلال السنوات الماضية، لا سيما بعد وصول الديون المتراكمة على وزارة الكهرباء لصالح الهيئة العامة للبترول وصلت إلى ما يقرب 107.677 مليار جنيه -وفقًا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة البترول والثروة المعدنية في مايو من عام 2018-.
وتزيد مديونية وزارة الكهرباء لدى الهيئة العامة للبترول نتيجة لاستهلاك محطات الكهرباء نحو 60% من إجمالي الاستهلاك المحلى من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى الوقود السائل والمازوت.
ولم تكن الأزمة داخل أروقة وزارتي الكهرباء والبترول فقط، بل دخل الإعلام على الخط بعدما علق الإعلامي أحمد موسى على الأزمة.
وقال «موسى»، إن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، تدين بعشرات المليارات لوزارة البترول والثروة المعدنية، لافتًا إلى أن أزمة التشابك المالي بين الجهتين، مماثلة للأزمة ما بين هيئة التأمين الاجتماعي ووزارة المالية.
وأضاف، في تصريحات إعلامية، أن وزارة البترول تضخ الغاز والمازوت للكهرباء، الأمر الذي أدى إلى تراكم الديون على الأخيرة، وبلوغها مئات المليارات.
وتابع: «صحيح إحنا حكومة واحدة؛ لكن كل وزارة عليها مسئولية، وخلال العام الجاري هناك سحب كبير على الغاز؛ نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، من أجل تشغيل تكييفات وتلبية احتياجات المنازل».
وفي السياق ذاته، علمت «النبأ» كواليس الاجتماعات المشتركة التي عقدت خلال الأسابيع القليلة الماضية بين مسئولي وزارتي الكهرباء والبترول لإنهاء أزمة توفير الطاقة المطلوبة لتشغيل محطات الكهرباء لعدم الحاجة مستقبلًا لإجراءات تخفيف الأحمال وانقطاع الكهرباء المتكرر، والتي شهدت نقاشات حادة بين مسئولي الوزارتين بسبب الديون المتراكمة على وزارة الكهرباء.
وتوصلت اجتماعات الوزارتين المتعددة لاتفاق ينص على سداد الشركة القابضة لكهرباء مصر مبلغ يقدر بنحو 2 مليار جنيه لصالح هيئة البترول مقابل شراء شحنات مازوت من الخارج لمد محطات الكهرباء التي تعمل بالمازوت وتشغيلها بدلًا من المحطات التي تحتاج للغاز الطبيعي.
وتشير المعلومات المتاحة إلى أن وزارة البترول والثروة المعدنية تقوم بتوفير ما يقرب من 140 مليون قدم مكعب غاز يوميًا لمحطات توليد وإنتاج الكهرباء، إلا أن بسبب تراجع إنتاج الغاز تم الاعتماد على المازوت وإحلاله لتشغيل المحطات البخارية التى تعتمد فى إنتاجها على المازوت كى يحل محل الغاز وضمان توليد الكهرباء، وهو ما سبب أزمة لأن القدرات الكهربائية المطلوبة في حالة تعرض البلاد لموجات حر ما يقرب من 3 آلاف ميجاوات.
وتراجعت الدولة في إنتاج الغاز الطبيعي من الحقول ووضع أولوية التصدير للغاز المستخرج بالفعل للخارج لجلب عملة صعبة لتوفير موارد دولارية في ظل أزمة نقص الأخضر التي تعاني منها مصر.
ولجأ قطاع البترول إلى المخزون الاستراتيجي من المازوت والذي بلغ 180 ألف طن؛ لمد محطات الكهرباء البخارية بالمازوت المطلوب؛ وهو ما سبب أزمة حقيقة بين الوزارتين.
وقال مصدر مطلع داخل وزارة البترول لـ«النبأ»، أن قطاع البترول يمد محطات الكهرباء يوميًا بما يصل إلى 30 ألف طن مازوت وهو ما شكل عبئا كبيرا على كاهل الوزارة.
وأضاف المصدر، أن وزارة البترول توفر 110 ملايين متر مكعب من الغاز يوميًا لوزارة الكهرباء، إلا أن ما تحتاجه محطات توليد وإنتاج الكهرباء يتعدى الـ180 مليون متر مكعب غاز يوميًا خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.
وتعهدت وزارة الكهرباء، خلال إحدى الاجتماعات العاصفة بين مسئولي الوزارتين، بمد هيئة البترول بـ60 مليون دولار إضافية لشراء كميات من المازوت.
ووصل إجمالي المبالغ التي دفعتها الشركة القابضة لكهرباء مصر لصالح هيئة البترول إلى 4 مليارات جنيه.
وعانى قطاع البترول، خلال الشهر الماضي، من مأزق كبير وهو صعوبة وتعقيد عملية شراء كميات كبيرة من المازوت من الخارج لزيادة أسعاره عالميًا وعدم توافر كميات كبيرة، علاوة على صعوبة توفير العملة الصعبة لشرائه بالدولار.
خطة الدولة لحل أزمة نقص الوقود اللازم لمد محطات إنتاج وتوليد الكهرباء، لم تتوقف عند هذا الحد، بل أقدمت الشركة القابضة لكهرباء مصر على الحصول على قرض يصل إلى 10 مليارات جنيه ممول من بنك «الكويت الوطني - مصر»؛ بغرض إنهاء عمليات صيانة لمحطات الكهرباء -حسبما قالت الشركة-.
وتشير خطوة لجوء الدولة لقرض من بنك الكويت الوطني، لصحة المعلومات التي حصلت «النبأ» عليها من داخل أروقة وزارتي البترول والكهرباء حول اعتماد الأخيرة على المحطات البخارية العاملة بالمازوت بدلًا من الغاز الطبيعي واحتياجها لزيادة عمليات الصيانة الشهرية.
وفي هذا السياق، أكد الخبراء أن وحدات إنتاج الكهرباء العاملة بالمازوت تحتاج إلى صيانات أكثر من مثيلاتها العاملة بالغاز.
ولا يزال مسلسل الاقتراض من أجل توفير المازوت عرضا مستمرا، ففي بداية شهر أغسطس الماضي، تم تشكيل تحالف مصرفي ضم 13 بنكا لتوقيع عقود تمويل لصالح شركة التعاون للبترول قدرت بـ10 مليارات جنيه.