الحكومة تستعين بـ«الداية» لمواجهة أزمة الولادة القيصرية
استقبل عدد من الأطباء المتخصصين في النساء والتوليد، قرار الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان، بإدراج تخصص «القابلة» أو كما يطلق عليها «الداية» ضمن اللجنة العليا للتخصصات الطبية ولكن بطريقة قائمة على أسس علمية، بترحاب شديد.
واعتبر المتخصصون القرار بمثابة خطوة جادة نحو تقليل معدلات الولادة القيصرية التي وصلت إلى أقصى ارتفاع لها، لا سيما وأن مهنة القابلة أو المولدة من أقدم المهن التي مارستها سيدات مصر على مر العصور وما زالت موجودة حتى الآن، إلا أنها قديمًا استخدمت بطريقة أكثر خطأ وأشد خطورة على صحة الأم والجنين.
مبادرة «الألف يوم الذهبية»
وتسعى وزارة الصحة والسكان بشكل دائم في الحفاظ على صحة وسلامة وتوعية المواطنين وخاصة صحة الأم والجنين، وأطلق رئيس الجمهورية الكثير من المبادرات للمحافظة على صحة المرأة والطفل، ومن أهم هذه المبادرات «1000 يوم الذهبية».
تهدف مبادرة «الألف يوم الذهبية» إلى الحد من الولادة القيصرية التي مازالت تسجل معدلات مرتفعة مقارنة بأغلب دول العالم فمعدلات الولادة القيصرية وصلت إلى 72%، ومواجهة التقاليد والسلوكيات المجتمعية غير الملائمة، وكذلك أهمية الولادة والرضاعة الطبيعية من خلال ترسيخ أهمية دور القابلة أو المدربة.
ضرورة التعامل مع المولدات المرخصات
من جانبها، التقت «النبأ» مع تهاني سعيد حنا، مولدة أو ما يطلق عليها بـ«الداية»، البالغة من العمر 56 عامًا، وتنتمي إلى قرية من قرى صعيد مصر.
قالت «تهاني»، إنها تعمل بمهنة «الداية» منذ 35 عامًا بالوراثة عن والدتها، موضحة الفرق بينها وبين والدتها أنها تعتبر من القابلات أو المولدات المرخصات القلائل في الصعيد من أكثر من 20 عامًا.
وأضافت أنها تعمل تحت إشراف طبيب الوحدة الصحية التابعة لها، مشيرة إلى أنها تهتم بالنظافة جيدًا.
وتابعت أنها تتابع حالات الولادة الطبيعية حتى المتعثرة منها تحت إشراف طبي، وتقدم نصائح للمريضة قبل وبعد وأثناء الحمل والولادة الطبيعية، مضيفة أنها تهتم بتعقيم الأدوات.
وأشارت إلى أنها، في السابق، كانت تعمل مثل الداية العادية ولا تعرف شيئًا، لكن بمتابعتها مع الطبيب المشرف والمختص أصبحت ملمة بكل المعلومات، وتتعامل جيدًا مع حالات الولادة الطبيعية.
وتنصح «تهاني» بضرورة التعامل مع المولدات المرخصات والبعد عن ما يسمى بـ«الدايات» القديمة التي تسبب الكثير من المشاكل للأم والجنين.
أهمية دور القابلة أو المدربة في دعم الولادة الطبيعية
من جانبه، قال الدكتور أحمد قايد، أخصائي النساء والتوليد بأحد مستشفيات هيئة الشرطة، إن القابلات أو ما يطلق عليهن بـ«الداية» تختص مهنتهن في الحمل منخفض المخاطر في الولادة الطبيعية وما بعدها، فهن بشكل عام يعملن على مساعدة النساء للتمتع بحمل صحي وولادة طبيعية، لافتًا إلى أن القابلة أو المولدة لا تستطيع أن تمارس عملية الولادة الطبيعية بشكل كامل لأنها ليست لديها الخبرة الكافية طبقًا لدراستها.
وأضاف «قايد»، أن هناك مشكلة كارثية تحدث وهى أن تكون القابلة غير مؤهلة دراسيًا أو غير متخصصة، متابعًا: تتعامل مع الموضوع بالممارسة أو بالوراثة مثل ما يحدث في كثير من القرى المصرية ولا تعلم أي شيء عن التعامل الصحيح؛ مما يسبب العديد من المشاكل للأم والجنين بعد الولادة، حيث إن كثير منهن لا يحملن ترخيص مزاولة للمهنة ولا يعلمن شيئًا ويتم التعامل مع المريضة بوسائل قديمة غير معترف بها».
وتابع، أنه يؤيد فكرة مبادرة 1000 يوم ذهبية تحت مظلة 100 مليون صحة التي تهدف إلى ترسيخ أهمية دور القابلة أو المدربة في دعم الولادة الطبيعية الآمنة والحد من الولادة القيصرية، مؤكدا أن دور القابلة يقتصر على مساعدة الطبيب بأسلوب علمي، وإعطاء النصائح والرعاية الصحية للمريضة قبل وبعد وأثناء الحمل والولادة.
وأكد أن أي طبيب مارس مهمته في الأرياف أو في صعيد مصر سيكون راضيًا وسعيدًا وسيعرف جيدًا فائدة هذا القرار، لأنه شاهد بنفسه الكثير من الموروثات القديمة الخاطئة، مشيرًا إلى أن وجود مولدة أو قابلة مؤهلة دراسيًا وعلميًا تحت إشراف طبي ستقضي على ما يسمى بـ«الداية القديمة» غير المؤهلة نهائيًا، وستحد من الولادة القيصرية في مصر وتحسين معدلات الإنجاب وصحة الأم أثناء الحمل وبعد الولادة.
عمل المولدة أو القابلة لا بد أن يكون داخل المستشفى فقط
وفي السياق ذاته، قالت الدكتورة منى مينا الوكيل الأسبق لنقابة الأطباء، إن المولدة أو القابلة هي من تقوم بدورها قبل وبعد وأثناء الولادة الطبيعية ليست في مصر فقط بل في العالم كله شرط أن تكون حاصلة على ترخيص مزاولة المهنة.
وأكدت «مينا»، أن عمل المولدة أو القابلة لا بد أن يكون داخل المستشفى فقط وتحت إشراف طبي، ولا يصح غير ذلك ولا تستطيع العمل وحدها دون الطبيب، لأنه من الصعب عليها التدخل في العمليات الجراحية خاصة في حالة الولادة المتعثرة أو الولادة التي خرجت خارج التطور أو الطريق الطبيعي.
وأضافت أن من أهم مميزات القابلة، أن لديها الكثير من الوقت الوفير على عكس الطبيب فهو يدخر وقته للحالات القصوى، مؤكدة أن مهمتها هي متابعة المريضة، خاصة أن هناك حالات ولادة طبيعية تحتاج لـ24 ساعة متابعة.
وتابعت الوكيل الأسبق لنقابة الأطباء، أن مبادرة 1000 يوم ذهبية تحت مظلة 100 مليون صحة فكرة إيجابية للغاية، لافتة إلى أهمية تطبيق آليات تنفيذ المبادرة بشكل سليم؛ للحد من الولادة القيصرية في مصر وتحسين الصحة الإنجابية وصحة الأم.
القابلة تختلف بشكل كلي عما يسمى بـ«الداية القديمة»
فيما ترى الدكتورة كوثر محمود، نقيب التمريض، أن مصر كانت لا تهتم بتخصص القبالة من قبل رغم وجود القانون والتوصيف الوظيفي منذ خمسينيات القرن الماضي، لافتة إلى أن “القبالة” ستساعد بشكل كبير في انخفاض الولادة القيصرية، خاصة أن مصر من الأوائل في مثل هذه العمليات على مستوى العالم.
وأشارت «محمود»، إلى أن القابلة لها عدة أدوار أهمها متابعة الحمل من اليوم الأول للشهر التاسع وحتى الولادة والرعاية الصحية للأم والجنين، مضيفة أنها تستطيع إجراء عملية الولادة الطبيعية دون إشراف الطبيب في المستشفى، أو المنزل، وذلك في حالة الحمل المستمر الذي لا يعوقه أي مشاكل، ومزاولة المهنة بترخيص من وزارة الصحة والسكان، وتقوم بمهامها بشكل علمي عن طريق الشنطة المجهزة.
وأكدت أن القابلة تختلف بشكل كلي عما يسمى بـ«الداية القديمة» في أنها مدربة من خلال دورة تدريبية، وأيضًا في التوصيف الوظيفي المرخص من قبل وزارة الصحة والسكان.
وتابعت نقيب التمريض، أنه ستنطلق في القريب العاجل أول زمالة مصرية للقابلات بمصر بعد درجة البكالوريوس، لتكون مدة الدراسة ثلاث سنوات، مؤكدة على وجود عدد 65 من المتقدمين للقبالة بينهم 2 من الذكور.