قراءة تحليلية لبنود لائحة الانضباط المدرسي الجديدة
فى إطار محاولات وزارة التربية والتعليم، لضبط النظام داخل المدرسة، أصدرت الوزارة لائحة الإنضباط المدرسى، ونحاول خلال السطور التالية قراءة تحليلية فى لائحة الإنضباط المدرسى الجديدة، مميزاتها والعقبات التى تعيق تنفيذها، من وجه نظر الخبراء التربويين.
يقول الدكتور تامر شوقى الخبير التربوى وأستاذ علم النفس والإجتماع بجامعة عين شمس، يمثل الإنضباط في العملية التعليمية، العنصر الرئيس الذى يتوقف عليه نجاح تطوير كافة عناصر العملية التعليمية الأخرى من مناهج، وطرق تدريس، وأساليب تقويم وغيرها، والإنضباط هو السر وراء نجاح أى مؤسسة تحقق أهدافها بكفاءة.
مفهوم وأهمية لائحة الإنضباط المدرسى
لائحة الإنضباط هى عقد أو إتفاق مكتوب بين وزارة التربية والتعليم من ناحية والطالب وولي أمره من ناحية أخرى، وبمقتضاه يتعرف الطالب على ماله من حقوق وما عليه من واجبات، والعقوبات المترتبة على عدم الإلتزام بالواجبات.
أسباب غياب الانضباط المدرسى
في السنوات الأخيرة غاب الإنضباط عن المدارس لعدة أسباب منها:
1- فقدان الاسرة دورها التربوى، وبالتالي جاء الكثير من الطلاب إلى المدرسة يفتقدون القيم والاخلاقيات اللازمة.
2- غياب الدور التربوى للمدرسة، وأصبح لدى الطلاب بدائل كثيرة عن المدرسة مثل السناتر ما جعلهم لا يلتزمون بالقواعد المدرسية.
3- ظهور وسائل التواصل الاجتماعى التي تولت اكساب التلاميذ القيم والاخلاقيات غير السليمة
4- ظهور أنماط حديثة من المشكلات لدى الطلاب مثل تلك الناتجة عن استخدام التكنولوجيا والتنمر الإلكتروني والغش الإلكتروني وألعاب الموت، مما اقتضى تحديد اجراءات معينة للتعامل معها.
5-تغيير ثقافة أولياء الامور، ففي الماضي كان ولي الامر بيطالب المعلم التعامل بحزم مع الابن في حال تقصيره، أما الان فلو المعلم وجه للطالب أى توبيخ يتوجه ولي الامر في اليوم التالي إلى المدرسة لتقديم شكوى ضد المعلم،
6-تعدد انماط المخالفات التى يقع فيها كافة عناصر العملية التعليمية من طلاب وأولياء أمور ومعلمين، بل ومن ادارة المدرسة.
الدلالات النفسية والتربوية في اللائحة:
1- تطبق على جميع الطلاب بجميع المدارس، سواء أكانت مدارس رسمية أم خاصة أم دولية.
2-إستخدام مصطلحات نفسية وتربوية في اللائحة مثل "التدخلات التربوية" أو "الاجراءات العلاجية" بدلا من كلمه "عقوبة"، المهم في التربية العلاج وليس العقوبة، فنحن لا نضع عقوبات لمجرمين، واستخدام مصطلح " الحماية" للجان المسؤلة عن تطبيق اللائحة مما ينقل الانطباع بأن هدف تلك اللجان حماية الطلاب والعملية التعليمية وليس تصيد الاخطاء والعقاب، واستخدام مصطلح "مخالفة" وليس جريمة لتوصيف السلوك الخاطىء للطالب.
3-تقسيم المخالفات إلى ثلاث مستويات بسيطة، متوسطة، شديدة وهذا يتفق مع طبيعة التدخلات في علم النفس التى يجب أن تكون حسب شدة المخالفة.
4- التدرج في اتخاذ الإجراءات العلاجية حسب حجم المخالفة، وحسب إصرار الطالب على إرتكاب نفس المخالفة.
5- بدء التدخلات التربوية في معظم المخالفات بالتوجيه والارشاد بخطورة المخالفة، واخذ تعهد كتاب من ولي الأمر إلى الفصل الذى قد يصل إلى شهرين والنقل من المدرسة في حالة المخالفات الشديدة مثل التعدى بدنيا على المعلمين.
المرونة فى استخدام اللائحة فى بعض الحالات
6-المرونة اتسمت اللائحة بالمرونة من خلال السماح بالاعذار المقبولة في حالات الغياب مثل المرض، أو حالات الوفاة ضمن أقارب الدرجة الأولى بشرط تقديم المستندات الدالة على ذلك، ومن خلال عدم الإلتزام الصارم بتطبيق بنود اللائحة حيث يمكن تخفيف اجراءات المعالجة لخطأ ما ارتكبه طالب ما إذا توافرت بعض الشروط مثل إذا كان سلوك الطالب إيجابي، ولم يرتكب مخالفات في السابق، أوكان متفوقا دراسيا، أو متفوقا في مجالات النشاط المدرسي، أو تنازل المعلم عن شكواه بحق الطالب
حددت اللائحة اجراءات التعامل مع أولياء الامور في حال ارتكابهم مخالفات وهى اتخاذ الاجراءات القانونية حيالهم.
7- اتاحت اللائحة للطالب ولى الامر التظلم ضد العقوبة الواقعة على الطالب خلال اسبوع واحد من اعلامه بها، مما يعطى الامل للطالب الملتزم الذى ارتكب مخالفة ما دون قصد.
8+على الرغم من وجود لجنة حماية تتألف من العديد من الأعضاء إلا أن التعامل المباشر مع الطالب المخالف يكون من اختصاص الاخصائي الاجتماعى أو النفسي فقط ما يوفر الطمأنينة لدى الطالب فضلا عن ان الاخصائيين الاجتماعى والنفسي هما الاقرب للطالب المخول لهما تطبيق الإختبارات النفسية عليه.
معوقات تطبيق لائحة الإنضباط المدرسى
و يواجه تطبيق اللائحة بعض المعوقات مثل عدم قدرة الكثير من المدارس والفصول على استيعاب كثافة الطلاب حال عودتهم إلى المدارس مرة اخرى، وقلة عدد الاخصائيين النفسيين بالمدارس، وتحمل الاخصائى الإجتماعى الكثير من الأعباء الأخرى غير تطبيق اللائحة الإنضباط
ويتبقى أن يكون الهدف التربوى الاسمى هو ان يكون الانضباط نابعا من داخل الطالب وليس مفروضا عليه.