إجراءات وزير التعليم لحل أزمة عجز المدرسين
لا تزال أزمة العجز فى المعلمين، صداعًا يؤرق مسئولي وزارة التربية والتعليم، فهو الأزمة الكبرى التي تواجه الوزارة، خلال السنوات الأخيرة، وتعتبر المهدد الأول لسير العملية التعليمية داخل المدارس.
وفي محاولة للخروج من تلك الأزمة، لجأت الوزارة إلى عدة طرق، أولها الإعلان عن مسابقة تعيين الـ30 ألف معلم، بالإضافة إلى الاستعانة بمعلمين من الخارج للعمل بالمدارس بنظام الحصة، وأخيرًا ما كشفت عنه الوزارة من خلال الاستعانة بخريجي الجامعات لتأدية الخدمة العامة كمعلمين مؤقتين.
ويلقى الحل الأول قبولًا بين أوساط أولياء الأمور والمراقبين، خاصة أنه تجرى اختبارات مشددة للمتقدمين للتعيين في مسابقة الـ30 ألف معلم، بينما لا يرحب الخبراء وأولياء الأمور بالحلين الثاني والثالث، بسبب المخاطر العديدة التي تواجه العملية التعليمية، بسبب الاستعانة بخريجي الجامعات للتدريس في المدارس، لعدم حصولهم على التدريب اللازم لممارسة مهنة التعليم، وافتقادهم الخبرة اللازمة، كما أن مدرسين الحصة، يطالبون بحقوقهم ويهددون بالتصعيد.
يأتي ذلك في الوقت نفسه التي بدأت فيه بعض المديريات التعليمية بالإعلان عن احتياجها لمعلمين بالحصص، وموعد بدء التقدم للعمل بالحصة في المدارس التي بحاجة لمعلمين لسد حاجتها.
وآثار هذا القرار موجة من الغضب والحزن على معلمي الحصة الذين كانوا يحلمون بالتعيين، ولكنهم فوجئوا بقرار التقديم من جديد، خاصة أنهم قبلوا العمل بنظام الحصة على أمل التعيين، وفى ظروف قاسية 20 جنيهًا للحصة مبلغ لا يكفي المواصلات، على أمل التعيين، ولكن دون جدوى -على حد قولهم-.
وهدد بعض معلمى الحصة بتنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة التربية والتعليم، أو أمام دواوين المحافظات لتوصيل صوتهم والمطالبة بحقهم فى التعيين.
وأوضحت المديريات التعليمية الشروط والأوراق المطلوبة من المتقدم لشغل وظيفة العمل بالحصة في المدارس خلال العام الدراسي الجديد 2023-2024، بالإضافة إلى التخصصات والمؤهلات المطلوبة في المرشحين للعمل بالحصة في المدارس.
وجاء إعلان مديريات التربية والتعليم عن حاجتها لمعلمين للعمل بالحصة خلال العام الدراسي الجديد 2023-2024، بناءً على الكتاب الدوري رقم 26 بتاريخ الصادر من وزير التربية والتعليم بسد العجز بالمدارس والتخصصات المطلوبة.
وانتقد الخبراء وأولياء الأمور والنشطاء في مجال الدفاع عن الحق في التعليم، لجوء وزارة التربية والتعليم إلى خريجي الجامعات للعمل في المدارس معلمين أثناء الخدمة العامة، واعتبروا أن القرار يهدد العملية التعليمية ومستقبل الطلاب.
من جانبها، تقول أمانى الشريف الباحثة السياسية ومؤسس اتحاد المدارس التجريبية، إن هناك شروطا وضوابط محددة لاختيار معلمين الصفوف الأولى، منها لا يمكن نقله أو انتدابه أو تغييره طوال الثلاث سنوات الأولى، لأنه تم تدريبه على النظام الجديد وطرق تدريس المناهج الجديدة، والتدريب على المناهج الجديدة لم يتم إدراجه في كليات تربية حتى الآن وبالتالي وجودهم يضر بالعملية التعليمية.
وأضافت أنه بالنسبة لوجودهم في الصفوف الأعلى هي مسألة شكلية لسد العجز، لا تنفع، مشيرة إلى أن طلاب التربية المفترض عملهم داخل مدارس المرحلة الثانوية، لا بد أن يكون بجوارهم مشرف للمادة أو معلم للفصل؛ لمتابعتهم وهو ما لا يحدث، لأن المدارس تقوم بعمل جدول حصص لهم، لسد العجز والنتيجة تكون تواجدهم مع الطلاب فى الفصول دون إشراف.
وأوضحت أنه في مدارس ثانوي، التدريب العملي يكون يوم من كل أسبوع، يدخل طلاب التربية الفصول لبدء وصلات من الهزار مع الطلاب، متابعة: «وساعات بتوصل أنهم يتخانقوا لقرب السن، الخلاصة يوم فوضى ومفيش فيه أي إفادة نعتبره إجازة، وبقعد ولادي في البيت يبقى كده عندنا يوم تربية عملي إجازة، ويوم رياضي إجازة لأن المدرسة مافيهاش ملعب ولا أنشطة».
وطالبت «الشريف»، بالشفافية ومواجهة الحقيقة، وعرض المخاطر وراء تنفيذ هذا القرار، وتأثيره على العملية التعليمية، مشيرة إلى أن الاستمرار فى سياسة الحد من الإنفاق على التعليم، واعتبار التعليم آخر الأولويات، وتخصيص ميزانية كافية لمرتبات المعلمين، وتوفير مدرسين متخصصين يقوم بالتدريس في المدارس ستكون النتيجة مأساوية، وأولياء الأمور يضطرون لتعليم أولادهم خارج أسوار المدارس.
فيما تقول منى أبو غالى، مؤسس جروب «التعليم أمن قومى»، إنه فى الوقت الذى وضعت فيه وزارة التعليم العديد من الشروط الدقيقة لاختيار المعلمين في مسابقة 30 ألف معلم، رياضيًا ونفسيًا وعقليًا، على النقيض تمامًا جاء قرارها بالاستعانة بخريجى الجامعات الذين يقضون الخدمة العامة، بالعمل فى المدارس دون خوض أى اختبارات وهو أمر غاية فى الخطورة.
وطرحت «أبو غالي» العديد من التساؤلات: «هل سيقوم طلاب الخدمة العامة بالتدريس أم الاكتفاء بحضور التدريب مع المعلمين الأوائل، وهل سيتم الاستعانة بهم بعد تدريبهم؟ هل خضعوا لاختبارات توضح مدى إلمامهم بالمواد الدراسية؟».
وحول تداعيات ومخاطر هذا القرار، قال الدكتور تامر شوقى، الخبير التربوى وأستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، إنه بالرغم من التدقيق الشديد من الدولة المصرية في انتقاء المعلمين ضمن مسابقة 30 ألف معلم ومرورهم بعدة اختبارات نفسية وجسمانية وعقلية وهذا أمر محمود، إلا أنه على النقيض نجد سرعة الوزارة في تكليف خريجي الجامعات بالعمل بالمدارس في سنة الخدمة العامة فضلا عن تعيين معلمين بالحصة دون أي اختبارات مسبقة.
وأضاف «شوقي»، أن هذا الأمر يحمل العديد من المخاطر، منها إن العمل بالتدريس يتطلب تأهيلًا طويل المدى للمعلمين من النواحي النفسية والتربوية والتخصصية للمعلم لا تتوافر في الكثير من هؤلاء.
وتابع: «المعروف أن التمكن من أي مادة يتطلب خبرة من المعلم يكتسبها خلال تدريس المادة لعدة سنوات، وهذا ما يفتقده هؤلاء الخريجين».
وأكد «شوقي»، أن لجوء الوزارة لهذا الإجراء يثير العديد من الأسئلة التى تحتاج أجوبة منها: «هل ستعقد لهؤلاء الخريجين اختبارات نفسية وعقلية لبيان مدى ملاءمتهم لمهنة المعلم؟، وهل سيخضعون لاختبارات ومقاييس لبيان مدى تمكنهم من المادة العلمية؟».
وحول الآثار السلبية لقرار الاستعانة بطلاب التكليف لسد عجز المعلمين، قال «شوقى»، إنه من المعروف أن معظم من سيتم تكليفهم بالتدريس سيكونون في الصفوف الابتدائية والإعدادية، وهي السنوات التأسيسية وبالتالي فإن افتقاد معلم تلك الصفوف للمهارات العلمية والتربوية سيسبب صعوبات تعلم لهؤلاء الأطفال تستمر معهم طوال الحياة؛ مما يمثل هدرًا في عقول الطلاب، هذا فى الوقت الذى تقوم فيه بعض الدول المتقدمة، بوضع شروط للتدريس بالصفوف الأولى منها حصول المعلم على درجة الماجستير على الأقل لخطورة السن الذي سيتعامل معها.
وأضاف: «وهو ما يجعلنا نتساءل ماذا سيكون الوضع بالنسبة لبعض الخريجين غير الراغبين في العمل بالتدريس؟، بالطبع إجبارهم على ممارسته سيكون له تأثيراته السلبية على الطلاب».
واختتم حديثه متسائلًا: «لماذا لا يتم الاستعانة بالمعلمين الذين سبق أن تعاقدوا للتدريس مع الوزارة واكتسبوا خبرات جيدة؟، هل سيتم كل عام تكليف الخريجين في سنة الخدمة العامة بالتدريس ثم الاستغناء عنهم وبالتالي ضياع الجدوى؟».