بعد إحياء «البرهان» لاتفاقية «سواكن»..
خريطة القوات العسكرية التركية فى إفريقيا لتهديد الأمن القومى المصرى
عادت من جديد أزمة القواعد العسكرية التركية في إفريقيا بعد زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى تركيا وإعادة اتفاق سواكن من جديد، والانقلاب العسكري في النيجر وجهود إحياء القاعدة العسكرية «هنام»؛ مما يثير التساؤلات حول التواجد العسكري التركي الحالي داخل القارة الإفريقية وحجمه، ومدى ما يمثله من خطر على المنطقة.
القاعدة العسكرية في مقديشو
وتعتبر أهم قاعدة تركية في إفريقيا هي القاعدة التركية في الصومال والتي تسع لما يزيد عن 1500 جندي تركي.
ويظل الوجود العسكري التركي الأهم في إفريقيا بليبيا، حيث سمحت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في طرابلس، بإمكانية استخدام تركيا قاعدتي الوطية الجوية ومصراتة البحرية، كما تتواجد القاعدة البحرية في مدينة الخمس.
وكشف عز الدين عقيل، المحلل السياسي الليبي ورئيس حزب الائتلاف الجمهوري، أن الدور التركي في ليبيا لا يعدو كونها «مقاولا» أو وسيطا يؤدي خدمات للغرب وحلف الناتو، خوفًا من وجود اصطدام مباشر بين الغرب وروسيا على الأراضي الليبية.
وأكد «عقيل»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه من الخطوط الحمراء التي رسمها الغرب هو وجود أو تمدد حقيقي لتركيا في ليبيا لأنه يعني إعادة الدولة العثمانية من جديد وهو أمر مرفوض لدى الغرب، ولكن القواعد التركية في حقيقتها تستضيف أنشطة بالوكالة للولايات المتحدة وحلف الناتو، وفي المقابل تحصل على تسهيلات في مناطق أخرى، على غرار ما قامت به أنقرة في أفغانستان.
القاعدة العسكرية في سواكن
وجددت زيارة «البرهان» لتركيا اتفاقية سواكن والتي منح بها نظام الرئيس المعزول عمر البشير، حق إدارة جزيرة سواكن لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتحظى الجزيرة بأهمية استراتيجية كونها أقرب الموانئ السودانية إلى ميناء جدة الاستراتيجي على البحر الأحمر، كما ظهر دور هام للسلاح التركي وبخاصة المسيرات التركية التي تشكل حاليًا أحد أعمدة الجيش في الهجوم الجوي على مقرات الدعم السريع داخل العاصمة الخرطوم وأماكن انتشارهم.
ومن جانبه، كشف محمد مختار الخطيب، القيادي في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، وسكرتير الحزب في العاصمة القومية الخرطوم، أن الشعب السوداني رافض وجود قواعد عسكرية أجنبية في بلاده، مشيرًا إلى أن إعادة الاتفاق الأخير كان بسبب الحرب، حيث يريد «البرهان» أن يحصل على السلاح التركي والمسيرات التركية مقابل التنازل وإقامة قاعدة عسكرية تركية بالجزيرة سواكن.
وأكد «الخطيب»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه لا يجب توقيع اتفاقيات مع تركيا أو مع أي سلطة أخرى لعدم وجود سلطة تشريعية الآن في السودان، وهذه اتفاقيات سيادية تمس سيادة الوطن لا يمكن أن يقرها فرد أو فئة.
وأضاف القيادي في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، أنه توجد دول كثيرة لها أطماع، ومن تلك الدول تركيا، والتي تريد أن تمرر مصالحها داخل السودان، وهذه هي انتهازية يرفضها الضمير الإنساني قبل كل شيء، مبينًا أن تركيا تأوي الإخوان المسلمين السودانيين منذ فترة طويلة، وكل الأموال المنهوبة من السودان التي نهبها المؤتمر الوطني في السودان أصبحت رؤوس أموال في تركيا وتدعم الاقتصاد التركي.
وبيّن «الخطيب»، أن القاعدة العسكرية التركية في سواكن تهدد الأمن القومي السوداني وأمن المنطقة، وليس السودان فقط، مشيرًا إلى أن مجرى البحر الأحمر هو مجرى استراتيجي والكثير من الدول تسعى لموطئ قدم في داخله، متابعًا: «هذا الأمر من صميم السيادة الوطنية للشعب السوداني فكيف نفرط فيها؟، نحن ضد الأحلاف، ضد وجود قواعد عسكرية ومراكز للاستخبارات العسكرية».
بينما يرى محمد حسن حلفاوي، الصحفي والإعلامي السوداني من الخرطوم، أن إحياء الاتفاق مرة أخرى هو خصم من النفوذ المصري وتهديد الأمن السوداني والمصري على حد سواء، نظرًا لوقوع القاعدة في مكان استراتيجي مميز على البحر الأحمر.
وأكد «حسن»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مصر كانت من أشد معارضي المشروع منذ طرحه في عصر الرئيس المعزول عمر البشير في عام 2017، وعودته من جديد يمثل خطرًا على دول المنطقة.
النيجر
وتتركز منطقة القوة الأخرى للقوات التركية في الغرب الإفريقي، حيث كانت تركيا قد اقتربت من إنشاء قاعدة عسكرية في النيجر في عهد الرئيس السابق محمد بازوم، إلا أن النفوذ الفرنسي آنذاك وأد المشروع في مهده، ولكن مع رحيل النفوذ الفرنسي بدأ الحديث يعود مرة أخرى حول إمكانية عودة مشروع القاعدة العسكرية التركية.
وكشف سلطان ألبان، السياسي والباحث الموريتاني في الشئون الإفريقية، أن الهدف التركي من المشاريع العسكرية هو طرح نفسها كقوة موازية للقوى الدولية المنافسة في القارة الإفريقية، وتحاول الوصول إلى هذا الهدف عبر شراكات تعاون تتجاوب مع الطلبات الإفريقية الكثيرة.
وأكد «ألبان»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه رغم عدم إتمام مشروع وجود قاعدة عسكرية تركية، إلا أن العلاقات العسكرية بين النيجر وتركيا قوية، لأن النيجر أحد أهم زبائن سوق الأسلحة التركية، حيث أبرم الجانبان صفقة في عصر الرئيس بازوم حصلت بموجبها نيامى على طائرات مسيّرة وطائرات ومدرعات.