وسط دعوة برلمانية لإعادة الضرب داخل الفصول..
6 أسباب تهدد خطة رضا حجازي لتحقيق الانضباط في المدارس
أثارت قرارات الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم، بخصوص العام الدراسي الجديد، أو ما يعرف باسم لائحة الانضباط المدرسي الكثير من تباين الآراء بين أولياء الأمور والمدرسين، والمهتمين بالعملية التعليمية، فالبعض رحب بها بينما رفضها البعض الآخر، خاصة العقوبات الخاصة بالطلاب غير الملتزمين.
وأكد «حجازى»، أن لائحة النظام والانضباط المدرسى المحددة لتنظيم حقوق وواجبات الطلاب وأولياء الأمور، ومسئوليات وصلاحيات العاملين بالمدرسة؛ تستهدف تحقيق الانضباط الذاتي للطالب داخل وخارج المدرسة، مشيرا إلى أن الانضباط في المدرسة المصرية يمثل أولوية مهمة ينبغي أن تسير بشكل متواز جنبا إلى جنب مع أولويات العملية التعليمية الأخرى، مثل تطوير المناهج، ودمج التكنولوجيا في التعليم، والاهتمام بالنشاط المدرسي الذي يساعد على تنمية مهارات الطلاب وقدراتهم، وتطوير طرق التدريس.
وأوضح الوزير، أن لائحة النظام والانضباط المدرسى، وقائية وعلاجية، وذلك من أجل خلق بيئة مدرسية آمنة ومحفزة، وحدوث حالة من الانضباط داخل المدارس التابعة للوزارة بالمحافظات.
سر النجاح
من جانبه، يرى الدكتور تامر شوقى، الخبير التربوى وأستاذ علم النفس والاجتماع بجامعة عين شمس، أن الانضباط في العملية التعليمية، يمثل العنصر الرئيسي الذى يتوقف عليه نجاح تطوير كافة عناصر العملية التعليمية الأخرى من مناهج، وطرق تدريس، وأساليب تقويم وغيرها، والانضباط هو السر وراء نجاح أى مؤسسة تحقق أهدافها بكفاءة.
وأضاف أن لائحة الانضباط هى عقد أو اتفاق مكتوب بين الوزارة من ناحية والطالب وولي أمره من ناحية أخرى، وبمقتضاه يتعرف الطالب على ماله من حقوق وما عليه من واجبات، والعقوبات المترتبة على عدم الالتزام بالواجبات.
وأشار إلى أنه، في السنوات الأخيرة، غاب الانضباط عن المدارس لعدة أسباب منها، فقدان الأسرة دورها التربوى، وبالتالي جاء الكثير من الطلاب إلى المدرسة يفتقدون القيم والأخلاقيات اللازمة، وغياب الدور التربوى للمدرسة، وأصبح لدى الطلاب بدائل كثيرة عن المدرسة مثل السناتر ما جعلهم لا يلتزمون بالقواعد المدرسية.
وتابع: «علاوة على ظهور وسائل التواصل الاجتماعى التي تولت إكساب التلاميذ القيم والأخلاقيات غير السليمة، وظهور أنماط حديثة من المشكلات لدى الطلاب مثل تلك الناتجة عن استخدام التكنولوجيا والتنمر الإلكتروني والغش الإلكتروني وألعاب الموت، مما اقتضى تحديد إجراءات معينة للتعامل معها، وتغيير ثقافة أولياء الأمور، ففي الماضي كان ولي الأمر يطالب المعلم التعامل بحزم مع الابن في حال تقصيره، أما الآن فلو وجه المعلم للطالب أى توبيخ يتوجه ولي الأمر في اليوم التالي إلى المدرسة لتقديم شكوى ضد المعلم».
وأضاف «شوقي»، أن تعدد أنماط المخالفات التى يقع فيها كافة عناصر العملية التعليمية من طلاب وأولياء أمور ومعلمين، بل ومن إدارة المدرسة، أدت هي الأخرى إلى عدم الانضباط داخل المدارس.
وأوضح الخبير التربوي، مجموعة من الدلالات النفسية والتربوية في اللائحة، قائلًا: «تطبيق اللائحة على جميع الطلاب بجميع المدارس سواء كانت رسمية أم خاصة أم دولية، واستخدام مصطلحات نفسية وتربوية في اللائحة مثل التدخلات التربوية أو الإجراءات العلاجية بدلًا من كلمة عقوبة، أي أن المهم في التربية العلاج وليس العقوبة، فنحن لا نضع عقوبات لمجرمين، واستخدام مصطلح الحماية للجان المسؤلة عن تطبيق اللائحة مما ينقل الانطباع بأن هدف تلك اللجان حماية الطلاب والعملية التعليمية وليس تصيد الأخطاء والعقاب، واستخدام مصطلح مخالفة وليس جريمة لتوصيف السلوك الخاطئ للطالب».
وتابع: «تقسيم المخالفات إلى ثلاثة مستويات بسيطة، متوسطة، شديدة وهذا يتفق مع طبيعة التدخلات في علم النفس التى يجب أن تكون حسب شدة المخالفة، والتدرج في اتخاذ الإجراءات العلاجية حسب حجم المخالفة، وحسب إصرار الطالب على ارتكاب نفس المخالفة، وبدء التدخلات التربوية في معظم المخالفات بالتوجيه والإرشاد بخطورة المخالفة، وأخذ تعهد كتابي من ولي الأمر إلى الفصل الذى قد يصل إلى شهرين والنقل من المدرسة في حالة المخالفات الشديدة مثل التعدى بدنيًا على المعلمين».
ولفت إلى أن اللائحة اتسمت بالمرونة من خلال السماح بالأعذار المقبولة في حالات الغياب مثل المرض، أو حالات الوفاة ضمن أقارب الدرجة الأولى بشرط تقديم المستندات الدالة على ذلك، ومن خلال عدم الالتزام الصارم بتطبيق بنود اللائحة، حيث يمكن تخفيف إجراءات المعالجة لخطأ ما ارتكبه طالب ما إذا توافرت بعض الشروط مثل إذا كان سلوك الطالب إيجابي، ولم يرتكب مخالفات في السابق، أو كان متفوقًا دراسيًا، أو متفوقًا في مجالات النشاط المدرسي، أو تنازل المعلم عن شكواه بحق الطالب.
وأشار «شوقي»، إلى أن تطبيق اللائحة سيواجه بعض المعوقات مثل عدم قدرة الكثير من المدارس والفصول على استيعاب كثافة الطلاب حال عودتهم إلى المدارس مرة أخرى، وقلة أعداد الأخصائيين النفسيين بالمدارس، وتحمل الأخصائى الاجتماعى الكثير من الأعباء الأخرى غير تطبيق لائحة الانضباط، معقبًا: «ويتبقى أن يكون الهدف التربوى الأسمى هو أن يكون الانضباط نابعًا من داخل الطالب وليس مفروضًا عليه».
نائبة الضرب بالعصا
على الجانب الآخر، تقدمت النائبة أمال عبدالحميد، عضو مجلس النواب، بمقترح يدعو إلى إعادة النظر في الأسباب التي تعيد هيبة المعلم ومنحه صلاحيات أوسع في التأديب والعقاب، ومنها الضرب بالعصا، ومناقشته فور انعقاد الدور الرابع للمجلس خلال أيام.
وأكدت عضو مجلس النواب، على أهمية دراسة المقترح البرلماني بدقة وعدم تناوله بسطحية كما يحدث -على حد وصفها-، لافتة إلى أنها ممن يعتبرون المعلم «خط أحمر» لا يمكن تجاوزه أو التعامل معه بهذه الطريقة التي لا تحفظ هيبته ومكانته.
وأثار المقترح الكثير من الغضب في أوساط أولياء الأمور، وقالت داليا الحزاوي مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر والخبيرة الأسرية، إن المطالبة بعودة الضرب بالمدرسة هو أسلوب مهين وإفساد لعلاقة المعلم بالطالب وتحويل المدرسة كمؤسسة للترهيب والعنف وليست مؤسسة تربوية تبني الشخصية وترعاها، كما أن استخدام العقاب البدني من أضعف وسائل التهذيب فهو عقاب مؤقت في كثير من الحالات ولا يؤدي إلى الامتناع عن السلوك الخاطئ ومع تكرار هذا العقاب يفقد أهميته ويشعر الطالب باللا مبالاة، وينفر من الدراسة ويحاول بكل وسيلة عدم الذهاب للمدرسة.
وأضافت أن لجوء المعلم للضرب دليل على أنه غير متمكن تربويًا ويجهل تمامًا استراتيجية التعامل مع كل مرحلة عمرية وكيف يستطيع إدارة الفصل.
وأشارت «الحزاوي»، إلى أن العقاب البدني خصوصًا في السن الصغير يصيب الطلاب بمشاكل عديدة كالتبول اللا إرادي، وفقدان الثقة بالنفس، والتلعثم في الكلام، وقد ينتج، أيضا، عاهات مستديمة وفقد أرواح، وهناك حوادث سابقة لذلك، كما أن العنف ينتج إنسانا جبانًا وغير سوي نفسيًا بل قد يمارس هذا العنف في من هو أضعف منه كزميله في الفصل أو أشقائه».
وتابعت: «هذا لا يعني إنني ضد العقاب عمومًا، ولكني ضد العقاب البدني تحديدًا، فهناك عدة وسائل عقابية تربوية ممكن أن يستخدمها المعلم مع الطالب مثل حرمان الطالب من الأشياء التي يحبها كعدم السماح له بالنزول للفسحة أو المشاركة في حصة الأنشطة أو الذهاب للرحلات».