فوز الناشطة الإيرانية المسجونة نرجس محمدي بجائزة نوبل للسلام
فازت الإيرانية نرجس محمدي المدافعة عن حقوق المرأة المسجونة في إيران بجائزة نوبل للسلام، يوم الجمعة، في خطوة جاءت بمثابة توبيخ للزعماء في طهران ودعم للمحتجين المناهضين للحكومة، وهو ما أثار استنكار الجمهورية الإسلامية.
وقالت اللجنة التي تمنح الجائزة إن قرارها يحمل تكريما لكل من ساندوا الاحتجاجات غير المسبوقة في إيران، ودعت إلى إطلاق سراح نرجس (51 عاما) الناشطة منذ ثلاثة عقود في الدفاع عن حقوق المرأة والدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
وقالت بيريت ريس أندرسن، رئيسة لجنة نوبل النرويجية لرويترز "نأمل أن نبعث برسالة إلى النساء في جميع أنحاء العالم اللاتي يعشن في ظروف يتعرضن فيها للتمييز المنهجي: تحلين بالشجاعة وواصلن التقدم".
وأضافت "نريد منح الجائزة لتشجيع نرجس محمدي ومئات الآلاف الذين كانوا يهتفون من أجل ’المرأة والحياة والحرية’ في إيران" في إشارة إلى الشعار الرئيسي لحركة الاحتجاج.
واتهمت طهران، التي تصف الاحتجاجات بأنها محاولات تخريبية يقودها الغرب، لجنة نوبل بالتدخل وتسييس مسألة حقوق الإنسان.
وقال ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية "خطوة لجنة نوبل للسلام تحرك سياسي يتماشى مع سياسات التدخل المناهضة لإيران من جانب بعض الحكومات الأوروبية".
وأضاف، في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية: "منحت لجنة نوبل للسلام الجائزة إلى امرأة مدانة بانتهاك القانون بشكل متكرر وأفعال إجرامية، ونستنكر هذا بوصفه تحيزا وخطوة ذات دوافع سياسية".
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن نرجس قولها إنها لن تتوقف أبدا عن النضال من أجل الديمقراطية والمساواة حتى لو كان ذلك يعني البقاء في السجن.
ونقلت الصحيفة عنها قولها في بيان قالت إنه صدر بعد إعلان حصولها على نوبل "سأواصل الكفاح ضد التمييز المستمر والطغيان والقمع الموجه للنساء من الحكومة الدينية المستبدة حتى يتحقق تحرر النساء".
وتقضي نرجس حاليا أحكاما متعددة في سجن إيفين في طهران ومجمل العقوبات 12 عاما تقريبا وذلك وفقا لمنظمة (فرانت لاين ديفندرز) المعنية بالدفاع عن الحقوق.
وهي واحدة من الفترات العديدة التي احتُجزت فيها خلف القضبان، وتشمل الاتهامات نشر دعاية ضد الدولة.
ونرجس نائبة رئيسة مركز المدافعين عن حقوق الإنسان وهو منظمة غير حكومية تترأسها شيرين عبادي التي فازت هي الأخرى بجائزة نوبل للسلام في 2003 وتعيش في المنفى.
وقالت شيرين لرويترز "أهنئ نرجس محمدي وكل الإيرانيات على هذه الجائزة... هذه الجائزة ستسلط الضوء على انتهاك حقوق المرأة في الجمهورية الإسلامية... والتي أثبتت للأسف أنه لا يمكن إصلاحها".
"نضال نرجس"
نرجس هي المرأة التاسعة عشرة التي تفوز بالجائزة التي تمنح منذ 122 عاما والأولى منذ فوز الفلبينية ماريا ريسا بالجائزة في 2021 بالمشاركة مع الروسي دميتري موراتوف.
وتلقى تقي رحماني زوج محمدي تلك الأنباء بحفاوة بالغة وقال لرويترز في مقابلة بمنزله في باريس "جائزة نوبل هذه ستشجع نضال نرجس من أجل حقوق الإنسان، لكن الأهم من ذلك أنها في الواقع جائزة للمرأة والحياة و(حركة) الحرية".
وقال حامد رضا محمدي شقيق نرجس إن المشاعر "غمرته" عند مشاهدة إعلان الفوز وإن الجائزة ستقوي عمل شقيقته ونشطاء آخرين.
وأضاف لرويترز في أوسلو "ستشعر بأنها أقوى كثيرا في مساعيها لحقوق الإنسان في إيران ولجميع من يأملون تحسن الوضع في إيران".
واعتُقلت نرجس أكثر من 12 مرة واحتجزت ثلاث مرات في سجن إيفين منذ عام 2012، ولم تتمكن من رؤية زوجها لمدة 15 عاما وأبنائها لمدة سبع سنوات.
من المقرر تسليم جائزة نوبل للسلام، وقيمتها 11 مليون كرونة سويدية (نحو مليون دولار) في أوسلو في العاشر من ديسمبر كانون الأول وهو تاريخ يتزامن مع ذكرى وفاة ألفريد نوبل الذي أسس للجائزة في وصيته عام 1895.
ومن الفائزين السابقين بتلك الجائزة مارتن لوثر كينج ونيلسون مانديلا.
وجاء فوز نرجس في وقت تقول فيه جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن فتاة إيرانية ترقد في المستشفى في غيبوبة بعد ما قيل إنها مواجهة في مترو أنفاق طهران لعدم ارتدائها الحجاب.
وأشاد الرئيس الأمريكي جو بايدن بنرجس محمدي ودعا إلى الإفراج الفوري عنها، وعبر عن أسفه حيال التقارير عن الاعتداء الذي تعرضت له الفتاة الإيرانية.
وأضاف في بيان "ستواصل الولايات المتحدة العمل على دعم قدرة الإيرانيين على الدفاع عن مستقبلهم وحرية التعبير والمساواة بين الجنسين وإنهاء العنف على أساس الجنس ضد النساء والفتيات في كل مكان".
حفاوة عالمية
كما جاء فوزها بعد ما يزيد قليلا على عام من وفاة مهسا أميني (22 عاما) وهي رهن احتجاز شرطة الأخلاق بسبب ما قيل عن مخالفتها لقواعد الزي الصارمة التي تفرضها الجمهورية الإسلامية على النساء.
وأدى ذلك لخروج احتجاجات حاشدة على مستوى البلاد مما شكل أكبر تحد لحكومة إيران في سنوات وواجهته السلطات بحملة قمع صارمة راح ضحيتها المئات.
ومن بين التهاني التي انهالت من منظمات دولية كبرى، قال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إن جائزة نوبل "تقدير لكل النساء اللاتي يقاتلن من أجل حقوقهن على حساب المخاطرة بحريتهن وصحتهن بل وبأرواحهن".
وقال دان سميث رئيس معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إنه على الرغم من أن الجائزة يمكن أن تساعد في تخفيف الضغط على المعارضين الإيرانيين، فمن غير المرجح أن تؤدي إلى إطلاق سراح نرجس.