كواليس 5 تحديات كبرى أمام النظام والمعارضة فى الانتخابات الرئاسية
تواجه الدولة المصرية حدثا سياسيا بالغ الأهمية يتمثل في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ تقرر إجراؤها نهاية العام الجاري، على أن يتسلّم الرئيس الجديد مهام عمله خلال عام 2024.
ويشير مراقبون، إلى أن مصر تعيش مرحلة خمول سياسي، وأن قطاعات عديدة من المصريين تراجع اهتمامها بالقضايا العامة بما فيها الانتخابات الرئاسية، وأن التركيز كله صار منصبًّا على تدبير نفقات المعيشة، وخصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحاصلة الآن.
إضافة إلى ذلك، فإنّ كثيرًا من أبناء الطبقة الوسطى -رغم شكواهم المتكررة من الأوضاع الحالية- لا يريدون التورّط في أي مغامرة سياسية قد تدفع بوجوه جديدة إلى السلطة، بما يؤدي إلى إحداث أي نوع من الاضطراب الأمني أو الفوضى التي تعيد إلى البلاد مشاهد «الربيع العربي» مُجددًا.
وتبعًا لتلك الرؤية، يكون المشهد برمته في مواجهة حزمة من التحدّيات، وهي ربما الأزمة الكبرى التي تواجه الدولة المصرية في الوقت الحالي، ولعل أبرزها أزمة الحشد الجماهيري للتصويت في الانتخابات والذهاب للجان الاقتراح، خاصة وأن نتيجة الانتخابات قد تكون محسومة للرئيس السيسي بشكل كبير جدًا؛ نظرًا لشعبيته الكبيرة في الشارع السياسي المصري، لذا تستعرض «النبأ» في التقرير التالي أبرز التحديات التى تواجه الدولة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
الأزمة الاقتصادية
لعل أزمة غلاء الأسعار والتراجع الاقتصادي أبرز أزمات الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ يشعر المصريون بتهديد بالغ لأمنهم المعيشي، وسط فشل الحكومة في وقف تلك الأزمة ومواجهة الارتفاع الجنوني في الأسعار وخاصة السلع الغذائية.
تلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة تضع الدولة في مأزق، حيث تجعل الجزء الأكبر من المصريين مهتمين بشكل أساسي بالدفع بأنفسهم إلى سوق العمل بأقصى طاقة ممكنة، حتى يتمكنوا من تدبير متطلبات الحياة لهم ولمن يعيلونهم، وهو الأمر الذي لا يسمح لهم بهامش كافٍ للانخراط في الشأن السياسي، ولو كان الأمر يتعلق باختيار الشخصية التي تدير البلاد 6 أعوام مقبلة.
هذه الحالة من العزوف السياسي المرتبطة بالأزمة الاقتصادية الحالية مرتبطة أيضًا بشعور المواطنين بعدم جدوى التغيير السياسي، وخصوصًا أن برامج المرشحين متشابهة بدرجة ما في ميدان الاقتصاد، وتخلو من الوعود الجادة والناجزة التي يمكنها بالفعل أن تنتشل المصريين من ظروفهم الصعبة.
خاصة وأن حديث المرشحين المحتملين عن الأزمة الاقتصادية وحلولها لم تتطرق لوضع حلول نهائية للأزمة الاقتصادية في مصر.
نسبة المشاركة والتصويت
ثاني أكبر التحديثات ولعل يكون الأبرز أمام الدولة والمرشحين، هو كيفية إقناع الناخبين بالذهاب لصناديق الانتخابات وإحداث حراك سياسي كبير في مصر، وهو ما حث عليه الرئيس السيسي مؤخرا، عندما طالب بضرورة الذهاب للانتخابات وإظهار صورة جيدة عن مصر بالخارج.
وأكد خبراء السياسة، أن نزاهة الانتخابات ليست المعيار الوحيد للحكم على العملية الانتخابية، بل هناك عامل آخر بالغ الأهمية هو نسبة المشاركة في الانتخابات.
ويُعتبر الإقبال على صندوق الانتخاب مؤشرًا على إيمان الناس بجدوى التصويت، ودليلًا على مدى اهتمام جماهير الشعب بالشؤون العامة.
في المقابل، فإن تدني نسب المشاركة يُعدّ موقفًا سياسيًا ورسالةً مفادها أن العملية الانتخابية مرفوضة كليًا أو غير مقنعة بالدرجة الكافية.
ويؤكّد الخبراء، أن المتابعين الدوليين الذين سيراقبون الانتخابات المصرية المقبلة لن يركّزوا على عدد الأصوات التي سيحصل عليها كل مرشح بقدر ما سيتم التركيز على نسب المشاركة، وخصوصًا تلك التي تنشرها الهيئات الإحصائية المستقلة، لأنها ستكون تعبيرًا حقيقيًا عن ثقة المصريين بالمرشحين وبجدوى المسار الانتخابي ذاته، وهذا هو التحدي الأبرز في الحقيقة.
وتسعى الدولة، خلال الأيام المقبلة، لانطلاق حملات توعية للناخبين بضرورة الذهاب لصناديق الانتخابات، الحملة لن تركز بشكل أساسي على انتخاب فرد بعينه، ولكن الأهم للدولة هو تحقيق نسبة مقبولة أمام صناديق الانتخابات.
البرامج الانتخابية للمرشحين
لعل البرنامج الانتخابي للمرشحين أكبر التحديات في الانتخابات المقبلة، وحتى الآن لم يعلن أى مرشح عن برنامجه الانتخابي، وبالتالي لا يجد المواطن اختلافا كبيرا بين المرشحين سوى كلام فقط على الفضائيات وفي الإعلام دون وجود برنامج مكتوب يحاسب عليه المرشح بعد النجاح.
الموقف من التيارات الدينية
يمثّل هذا الأمر تحديًا لعموم المرشحين، لكنه يظهر بدرجة أكبر لدى مرشحي المعارضة، فهم مطالبون بتحديد موقف واضح من جماعات مثل الإخوان المسلمين أو الحركات السلفية الحليفة لها، وهو الأمر الذي يتجنبون الخوض فيه أو التعرّض له بدرجة كبيرة.
وربما يكون هذا الأمر بمنزلة عامل ضغط مركب على مرشحي المعارضة، فالبعض لا يريد خسارة أنصار الإخوان في الشارع المصري، والذين هم بطبيعة الحال خصوم للنظام السياسي القائم، لكنّ المعارضة في الآن ذاته تطرح نفسها باعتبارها امتدادًا لثورتي 25 يناير و30 يونيو معًا، بما يعني أنها شريكة في إطاحة نظام الإخوان، وتتحفظ على سياسة هذه الجماعة وأفكارها.
ورقة التيارات الدينية بدأ اللعب بها المرشح المحتمل حتى الآن أحمد طنطاوى عندما صرح بأنه لا يمانع في الحوار مع الإخوان، وهي الورقة التي ربما ستكون سببًا في إبعاده عن المشهد، خلال الفترة المقبلة من قبل الناخبين.
التدخل الخارجي ونزاهة الانتخابات
هناك تخوف لدى الدولة المصرية من كمية الشائعات التي سوف تطارد الانتخابات الرئاسية وخاصة وما يتعلق بنزاهة الانتخابات ووقوف المؤسسات الأمنية بحياد في الانتخابات.
ورغم إعلان الهئية الوطنية للانتخابات حرصها الكامل على نزاهة الانتخابات، ونفس الأمر أعلنت عنه الأجهزة الأمنية تمامًا، إلا أن المخاوف بدأت مبكرا، حيث تقدم المرشح أحمد طنطاوى بطعنين أمام الإدارية العليا ضد الهيئة الوطنية لانتخابات بتهمة عدم الحيادية وعدم تمكنه في الحصول على توكيلات التأييد من المواطنين بالشهر العقاري، وهو ما نفته تمامًا الهيئة الوطنية.
كما صدرت بيانات خارجية سواء من قبل البرلمان الأوروبي أو منظمات حقوقية، تندد بوضع حقوق الإنسان بمصر، كما اتهمت منظمات حقوقية خارجية بوضع السجناء داخل السجون المصرية، وتقدموا بشكوى بالأمم المتحدة ضد مصر.
تلك التدخلات هدفها تشويه الانتخابات الرئاسية ونزاهتها والتشكيك فيها، وتوجيه ضربة لاستقرار البلاد قبل الانتخابات حسبما يرى الخبراء.