دول ومنظمات خارجية وراء انتشارها..
كواليس العالم السرى لعصابات تزييف وترويج العملات الأجنبية المزيفة فى مصر
انتشرت العملات الأجنبية المزيفة في شوارع المحروسة، خلال الآونة الأخيرة بشكل لافت، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل الأمر إلى وجود سيل من المنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأشخاص يعلنون عن قدرتهم في توفير مبالغ مالية ضخمة بالعملات الصعبة والاستعداد لاستبدالها بالجنيه المصري.
تلك الإعلانات والمنشورات الموجودة عبر «السوشيال ميديا» زادت الأمور تعقيدًا وسهلت ارتكاب جريمة التجارة في العملة المجرمة قانونًا، ولكن الجريمة الأكبر هي تحول تلك الإعلانات إلى «فخ» للإيقاع بالضحايا الراغبين في استبدال العملة حال سقوطهم في عصابات العملة المزيفة، مما يتطلب من الأجهزة الأمنية مزيدا من اليقظة ومواصلة الجهود فى مكافحة مثل تلك الجرائم لما لها من أضرار اقتصادية تصيب الحكومة والأفراد.
وتستعرض «النبأ» خلال السطور التالية، عددا من وقائع وقصص سقوط عصابات تزييف العملات الأجنبية وخاصة الدولار الأخضر، وجهود رجال وزارة الداخلية في مواجهة تلك الجرائم.
البساتين
شهدت منطقة صقر قريش التابعة لقسم شرطة البساتين في القاهرة، احتراف تشكيل عصابي تخصص في استدراج راغبي شراء واستبدال العملات الأجنبية خارج السوق المصرفي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وإتمام عمليات الاستبدال والنصب على ضحاياهم بعملات نقدية مقلدة ومزيفة بالطريق العام.
انكشفت وقائع القضية كاملة، حال مرور المقدم أحمد الكردي، ضابط المباحث بقسم شرطة البساتين، بمنطقة صقر قريش، تلاحظ له قدوم سيارة «كيا» دون لوحات معدنية، وبمجرد استيقافها قام الجالس بجوار قائد السيارة بإلقاء مظروف ورقي خارج السيارة.
وبالتقاطه وفحصه تبيّن أنه يحوي عملات نقدية أجنبية مزيفة ومقلدة بطريقة عالية المستوى، وبإنزالهما من السيارة وتفتيشها عثر بداخلها على نحو 100 ألف دولار فئة الـ100.
وبمواجهتهما أقرا بحيازتهما للعملات الأجنبية المزيفة بقصد ترويجها، كما عثر بحوزتهما على هواتف محمول، اعترفا أنهما يقوما باستخدامها في ترويج تلك العملات الأجنبية المقلدة، كما عثر على عشرات الآلاف من العملات المحلية تبيّن أنها سليمة، وبمناقشتهما أقرا أن هذه المبالغ حصيلة تجارتهما غير المشروعة في العملات الأجنبية المزيفة، وعثر مع قائد السيارة على سلاح ناري، قرر أنه يحوزه بقصد الدفاع عن نفسه وعن تجارته الآثمة.
حلوان
وفي حلوان، نجح رجال وحدة مباحث القسم برئاسة المقدم أحمد مجدي، في ضبط تشكيل عصابي مكون من 5 أفراد بحوزتهم مبلغ مالي قدره 65 ألف دولار أمريكي مزيفين.
وتبيّن، خلال التحقيقات، أن التشكيل العصابي تخصص في ترويج وتداول أوراق النقد الأجنبي المزيفة خارج السوق المصرفي، بما يعرف بنظام «المقاصة».
وأضافت التحريات، أن التشكيل العصابي يتزعمه شخصا سورى الجنسية يدعى «أبو هيم» يقوم باصطناعها وتزويرها في الخارج بدولة تركيا، مشيرة إلى تورط شخص مقيم بمنطقة الطوابق التابعة لمحافظة الجيزة في استلامها منه بالخارج ونقل المبالغ المالية المقلدة للتشكيل العصابى في حلوان؛ لترويج «العملات الفشنك» على زبائنهم في القاهرة الكبرى.
منظمات دولية
من جانبه، يقول الدكتور أيمن حامد سليمان، الخبير الاقتصادي، إن مثل هذه العصابات تقف وراءها حكومات ومنظمات دولية، خاصة أن كثيرًا من الأجهزة التي يتم استخدامها ذات تقنيات متقدمة.
وأضاف أن مصر تتعرض لتربص من دول غربية تعمل على خلق مشاكل اقتصادية، وخاصة أن عملية القبض على عصابات التزييف تزامنت مع قرب انضمام مصر رسميًا إلى تجمع بريكس.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أنه يتم تداول العملات المزيفة بكثرة في معظم دول العالم، وأكثر العملات العالمية التي يتم تزويرها هي عملة الدولار الأمريكي، وذلك لأن الدولار يعتبر أكثر العملات قبولًا في جميع دول العالم، باعتباره عملة عالمية قابلة للتحويل، ومقبولة من جميع الأفراد، والبنوك، والمشروعات في جميع دول العالم حاليًا، بسبب القوة الاقتصادية للاقتصاد الأمريكي.
وأضاف أن عمليات تزييف العملات الأجنبية تلحق أضرارًا كبيرة بالعملة الوطنية واقتصادها، ويخلق نوعًا من التوتر في العلاقة بين المستثمرين والبنوك، وبالتالي يؤدي ذلك إلى كساد السلع والخدمات، حيث تؤدي عملة التزييف إلى فقدان العملة الأصلية قيمتها في الأسواق المحلية والأسواق العالمية وفي البورصات الدولية.
وأوضح أن تزييف العملة لا يقتصر أضراره فقط على العملة، وإنما تمدد آثارها السلبية على مصالح الدولة الأخرى، حيث يمتد ذلك التأثير على اقتصاد الدولة وأمنها الداخلي، لأن الدول تعتمد بعضها على بعض وتتشابك المصالح فيما بينها.
واستكمل حديثه: «فعندما تزيد عمليات التزييف للعملات في تلك الدولة، تتأثر العملات فيما بينها نتيجة ارتباط العملات في بعضها البعض، عندما تتم عملية تزييف العملة، يؤدي ذلك إلى زيادة المعروض من النقود، وبالتالي تضعف القدرة الشرائية لتلك العملة، وتزيد نسبة التضخم ممّا يؤدي إلى إضعاف سلطة الدولة».
وتابع: «كما يؤدي تزييف العملات أيضًا إلى الاعتداء على الذمم الخاصة بالأفراد، الذين ينخدعون بالعملات المزيفة، ممّا يؤدي ذلك إلى إلحاق الخسائر الفادحة لهم، ويتسبب ذلك في اضطراب المعاملات التجارية بين الأشخاص».
واستطرد «سليمان»: «عندما تكون الأموال المزيفة بيد عصابات تقوم تلك العصابات باستبدال السلع بأموال مزيفة، والعمل على ترويجها بأسعار رخيصة، ممّا يؤدي ذلك إلى ضرب اقتصاد الدولة والإضرار بصحة المواطن نتيجة بيع سلع فاسدة».
وأكد الدكتور أيمن حامد سليمان، أن الضرر الأكبر لتزوير العملة يقع على عاتق الأفراد ومؤسسات الأعمال، وذلك لعدم حصولهم على تعويض مقابل الأوراق النقدية المزورة، بالإضافة إلى تعرضهم للمساءلة نتيجة قبولهم بهذه العملة، كما يؤدي تزوير العملة إلى فقد الثقة في أنظمة الدفع وتسرّب الشكوك إلى أفراد المجتمع حول قبول أي أوراق نقدية خلال العمليات النقدية».
فيما يرى الخبير الأمنى اللواء محمد شندى، أنه فى الآونة الأخيرة، انتشرت ظاهرة تزييف العملات فى العديد من دول العالم بصفة عامة ومصر بصفة خاصة، باعتبارها سوق خصب لدى مجرمي تزييف العملة مستغلين جهلهم بهذه العملة الأجنبية وعلاماتها، وذلك بسبب التقدم التكنولوجي والتقنيات الحديثة في عمليات الطباعة.
وتابع: «غالبًا يكون مرتكبو مثل هذه الجريمة عصابات منظمة يكون لكل فئة منهم دورًا، تبدأ بعمليات إنشاء أو تصنيع الأدوات المستعملة بالتزييف إلى المواد الداخلة ومرورًا بترويجها وطرحها في الأسواق».
وأوضح «شندى»، أن جرائم التزييف تتطور كلما تطورت أساليب مكافحتها مثل بعض الفيروسات التي تتكيف مع بعض الأدوية، مؤكدًا أن هناك زيادة في جرائم تزييف العملات الأجنبية، وهذا يظهر بشكل ملحوظ في تزايد عدد القضايا التي يتم اكتشافها في الآونة الأخيرة، وهو ما يؤكد أهمية وخطورة هذه الجريمة وآثارها على الاقتصاد القومي.
وأشار «شندى»، إلى أن الدولار الأمريكي يُعد أكثر عملات العالم التي يتم تزييفها على المستوى الدولي، نظرًا لعدم توافر الإجراءات الأمنية الفعالة التي تواجه عملية تقليد الدولار، حيث يتكون من لونين فقط هما اللون الأسود واللون الأخضر، ولا يوجد تداخل بينهما في أي مكان من الورقة المالية.