تفاصيل استعدادات وزارة الداخلية لمكافحة الجريمة بالذكاء الاصطناعي
تعكف وزارة الداخلية على تنفيذ محاور تطوير استراتيجيتها الأمنية لمواكبة النهضة التي شهدتها البلاد، حيث طورت الوزارة ميادين التدريب بكليات ومعاهد الشرطة وفقًا لأحدث المعايير والنظم، فضلًا عن استعانتها بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة العملية التدريبية وتعظيم مخرجاتها.
السطور السابقة جاءت ضمن تصريحات اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، في حفل تخريج دفعة جديدة من طلاب كلية الشرطة خلال الأيام الماضية، وهو ما يثير تساؤلًا حول كيف تستعين وزارة الداخلية بتطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة العملية التدريبية وتطوير المنظومة الأمنية في مصر؟، خاصة ما يمثله الذكاء الاصطناعي من خطورة على الأمن في حالة استغلال المجرمين له في عالم الجريمة.
مميزات وخطورة الذكاء الاصطناعي في مجال مكافحة الجريمة
وتعليقًا على ذلك، يقول اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام سابقًا، ومحاضر بأكاديمية الشرطة، إن الذكاء الاصطناعي هو الذى تبديه الآلات والبرامج بما يحاكى القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة، ويعنى بكيفية صنع حواسب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكى وخصائص معينة، تتسم بها البرامج الحاسوبية تجعلها تحاكى القدرات البشرية وأنماط عملها؛ دون التأثر بالعوامل النفسية التي تتعرض لها النفس البشرية.
وأضاف مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام سابقًا، ومحاضر بأكاديمية الشرطة، في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أن مميزات الذكاء الاصطناعي في مجال الجريمة تتمثل في الكشف البضائع غير المشروعة واحتواء الطرود على سلع غير قانونية مثل المخدرات، والأنشطة الإرهابية، ويحدد العملاء الذين يشترون كميات غير عاديه من المواد الكيميائية التي تستخدم في الأنشطة الإرهابية، فضلًا عن أنه يستخدم بيانات شركات الشحن في تحديد الحاويات التي يرجح استخدامها في الاتجار بالبشر، وتحديد عمليات غسل الأموال والاحتيال والاستيلاء على الحسابات البنكية وبطاقات الائتمان ووسائل الدفع الإلكتروني.
ويكمل: كما يستخدم الذكاء الاصطناعي من خلال الكاميرات الدقيقة للتعرف على الوجوه ولوحات التراخيص التي يتم التقاطها عن بعد، ويساعد في تحقيق إنفاذ القانون من خلال المستشعرات الرقمية والبيومترية، ويستخدم في تحديد الأراضي الصحراوية التي يتم زرعة القنب بها، ومراقبة أفراد تجارة المخدرات، ويستخدم في مسرح الجريمة من خلال الأدلة الرقمية والبصمة الوراثية وبصمة الوجه والتعرف على الجثث مجهولة الهوية ومرتكبيها، وتحديد جرائم نقل البيانات والاستيلاء عليها من خلال برامج ضارة بهدف التهديد والابتزاز.
وأشار «الشرقاوي» إلى أنه بالرغم من تلك النقاط الهامة المذكورة التي يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي؛ إلا أن بعض المحتالين والنصابين استغلوا مجال الذكاء الاصطناعي في ارتكاب بعض الجرائم الإلكترونية سواء بأنفسهم أو من خلال وسطاء يتحصلوا منهم عن تلك البيانات، وهوما يمثل خطورة بعض الشيئ، فخطورته تتمثل في الاحتيال الأوتوماتيكي، وإنشاء حسابات إلكترونية مزيفة، وروابط الكترونية لسرقة المعلومات، وعمليات اختراق سريعة من خلال الكشف على البرمجيات، واستخدام الخداع من خلال الثغرات الموجودة في الأنظمة.
التدريب كان تعلم الخطوة المعتادة واستخدام السلاح وأصبح بالتقنيات الحديثة في ميادين التدريب
من ناحيته، يقول اللواء محمد نور، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام سابقًا، إن جهاز الأمن في أي بلد لا بد أن يسبق الجريمة بخطوة؛ لا أن تسبقه الجريمة، فكلما تستحدث أساليب علميه لارتكاب الجرائم لا بد أن تضع الشرطة لها خطة أمنية مُحكمة وتشريعات قانونية لمواجهتها، لا سيما أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني، لأن الأصل في الشيئ الإباحة، والتقييد وفقًا لما يستحدث من جرائم.
وأكد «نور» في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أن استخدام الذكاء الاصطناعي في العملية التدريبية بأكاديمية الشرطة لتخرج جيل شرطي واعي للتعامل مع أحدث الوسائل والطرق الإجرامية الحديثة حتى لا يصعب عليه اكتشافها، ويتم تدريب الطلاب على عدة أساليب يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي، منها: عرض الصور والفيديوهات على الطلاب للتعرف على طرق التلاعب بها من خلال الذكاء الاصطناعي، وكيفية اكتشافها ومواجهتها، فضلا عن تعريفهم بطرق استغلال المجرمين للذكاء الاصطناعي في عالم الجريمة، حتى يتمكنوا من وضع خطط أمنية لمواجهة الجريمة المستحدثة من خلال أساليب علمية حديثة.
ويكمل: في السابق كان التدريب عبارة عن تعلم الخطوة المعتادة والبطيئة في ميادين التدريب، واستخدام السلاح وفكه وتركيبه وأعطاله ومعدلات الضرب والرمي وأوضاع الرمي، لكن الآن يتم رصد أحدث ما توصل إليه العلم في مجال الجريمة بالدول المتقدمة وتحاول وزارة الداخلية الاستعانة بالتقنيات الحديثة التي تم رصدها من خلال إيفاد مجموعة من رجال الشرطة للتدريب عليها بالخارج ومن ثم العودة لتطبيقه وتدريس الطلاب بمعاهد التدريب المختلفة للاستفادة من هذه التقنية الحديثة في تطوير المنظومة الأمنية.
استخدامات الذكاء الاصطناعي في العمليات الشرطية
«الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي ليس المقصود هو (أمن المعلومات أو نظم المعلومات الإدارية) بل مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية ونشر ثقافة الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات كأحد العلوم الحديثة المستخدمة لفهم كيفية تطبيقها في كافة المجالات الأمنية المختلفة»، بهذه الكلمات بدأ اللواء دكتور طارق خيرت، خبير نظم إدارة الأزمات باستخدام الذكاء الاصطناعي، حديثه لـ«النبأ» مؤكدًا أن علم النفس المعرفي كمدخل لفهم الذكاء الاصطناعي (لإجراء التحقيقات والاستجوابات)، توضح العلاقة بين علم النفس المعرفي وعلوم الحاسب والذكاء الاصطناعي، حيث يغلب عليهما تداخل الاختصاصات في استخدام الأساليب العلمية، والمعالجات والنظم لاستخراج المعرفة والأفكار من البيانات، ويعد أفضل وسيلة لإجراء التحقيقات والاستجوابات وكيفية تفادي الثغرات القانونية.
ويضيف أنه من أنماط الشخصية كمدخل لقاعدة المعرفة (التحريات وتجنيد المصادر)، انتقال أساليب الذكاء الفطري والخبرة المكتسبة للإنسان عن التعامل مع الأنماط الشخصية المختلفة إلى نظم البرمجة للحاسب لكى يمكن الاستفادة بها في التطبيقات المختلفة بصفة عامة والتفاوض بصفة خاصة.
ويشير إلى استخدامات الذكاء الاصطناعي في العمليات الشرطية، في خطة الإخلاء وإجراءات التعامل مع الحرائق والمفرقعات وأعمال الشغب، إضافة إلى تقنيات إدارة الحشود، وتطوير غرف العمليات واستشراف الجرائم، والاستفادة من علم البيانات في التعامل مع البلاغات والإخطارات في (التنبؤ – التصنيف - بناء أنظمة التوصية - الكشف الأنماط - التحليل الاستكشافي للبيانات - قياس جودة أداء).
ولفت إلى أنه للتخطيط وأعمال البحث وحل المشكلات والازمات، مجموعة من الخطوات التي يتم تطبيقها على مجموعة من البيانات المتاحة والتي تعرف بـ المدخلاتInputs، لتحصل منها على نتيجة (حل المشكلة) وهو ما يعرف بـالمخرجات Output، وهذه الخطوات ببساطة هي الخوارزمية، مؤكدًا أن سرعة كشف الغموض من عدمه لا يتوقف على نوع الجريمة سواء جريمة كبيرة أو صغيرة، لكنه يتوقف على اكتمال الأدلة.
ونوه أن الحوسبة السحابية (ودورها في معالجة البيانات الامنية)، عبارة عن إمكانيات التخزين لقواعد البيانات الامنية المشفرة، بأسلوب يعتمد على جهة موفرة للخدمات السحابية، وهذه الأجهزة تحتاج إلى صيانة وإدارة ومكان لتوفرها وضمان عملها بكفاءة وتكون الحاجة إليها ماسة ويعد توافرها وعملها بكفاءة أمر بالغ الأهمية للأجهزة الأمنية، مشيرًا غلى أن ميزة البلوك شين للقضاء علي جرائم الغش والتزوير، حيث تسمح هذه الميزات في تسجيل الأحداث والعناوين والسجلات المختلفة من سجلات إدارة الأنشطة وإدارة الهوية ومعالجة المعاملات والتحقق من مصدرها.
ويكمل: استغناء عن الوسطاء في المعاملات التجارية دون وسيط (كالبنوك مثلًا) مما يؤثر أيضًا على مجريات التجارة العالمية، وبتقديم حلول عملية حسابية لوضع ختم للمستندات الرقمية بهدف عدم السماح لأحد تزويرها أو التلاعب بها أو تغييرها، بينما (صناعة واتخاذ القرار الأمني) عبارة عن مجموعة من البيانات يفوق حجم قدرة معالجتها باستخدام أدوات قواعد البيانات التقليدية من تجميع، ونقل، وتخزين، وإدارة وتحليل في غضون فترة زمنية مقبولة لتلك البيانات، تقدم فهما أعمق للمعلومات الأمنية ويساعد ذلك على اتخاذ القرارات المناسبة والملائمة داخل الأجهزة الشرطية بطريقة أكثر فعالية.