معلومات الوزراء يبحث وضع خريطة استثمارية لتدوير المُخلّفات الزراعية
أكد الدكتور أسعد الصادق، رئيس محور دعم القرار بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن التقديرات تشير إلى أن حجم المخلفات الزراعية يُقدَّر بنحو 45 مليون طن سنويًا،وهذه الكمية الضخمة يمكن استغلالها في عمليات التصنيع، وهو ما يتطلَّب حصر تلك المخلفات وأماكنها وتوقيعها على خريطة تفاعلية.
جاء ذلك فى بيان لمركز المعلومات حول الاجتماع التنسيقي الذى عقده المركز، لبحث وضع خريطة استثمارية لتدوير المُخلّفات الزراعية في مصر، وذلك بحضور محمد معتمد عيسوي، مساعد وزيرة البيئة للتخطيط والاستثمار والدعم المؤسسي، والمشرف على وحدة الاستثمار البيئي والمناخي بالوزارة، والدكتور طارق العربي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنظيم إدارة المخلفات بوزارة البيئة، والمهندسة دعاء سليمة، المدير التنفيذي لمركز تحديث الصناعة بوزارة التجارة والصناعة.
وأضاف صادق أنه من ثم تحديد كيفية استغلالها مما يساعد في منع التدهور البيئي، وتوفير فرص العمل وتصنيع منتجات ذات عائد اقتصادي متميز، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تكامل الأدوار بين الشركاء المعنيين، وتقديم نموذج رائد لنماذج التفاعل بين سلاسل القيمة وفرص الأعمال لعدد من المخلفات الزراعية، كما يفتح هذا النموذج المجال لاستقطاب فرص تمويلية وإقامة مشروعات متميزة.
وأكد الصادق أن الاجتماع يأتي في إطار استكمال المسار الذي انتهجته الدولة مؤخرًا في سبيل دعم الزراعة المستدامة في البلاد، وانطلاقًا من الدور المحوري الذي يلعبه قطاع الزراعة في الاقتصاد المصري، باعتباره أحد أهم موارد الدولة المصرية، ومن أجل بلورة مقترح متكامل نحو سبل الاستفادة من محور غير تقليدي من محاور قطاع الزراعة المصري، مُمثَّلًا في المُخلفات الزراعية -بشقيها النباتي والحيواني- بغية الاستفادة القصوى منها على أصعدة ثلاث رئيسة اقتصاديًا، وبيئيًا، واجتماعيًا.
وشهد الاجتماع عرضًا تقديميا محمد حسّان، مدير وحدة دراسات مخاطر تغيُّر المناخ بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أوضح خلاله المكاسب المتُحقِّقة جرّاء إعادة تدوير المخلفات الزراعية؛ وأبرزها تعزيز الاستدامة البيئية، وتوفير مصادر جديدة للدخل، علاوة على توفير فرص عمل، وتوفير منتجات ذات جودة عالية، وكذا تعزيز الابتكار والتطوير التكنولوجي، إضافةً إلى الحد من التلوث البيئي والمساهمة في تقليل الانبعاثات.
وأشار "حسّان" إلى عدد من التحديات التي تواجه إعادة تدوير المخلفات الزراعية، وفي مقدمتها غياب مفهوم النظام المُتكامل لتجميع المخلفات وتدويرها، ونقص دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية لاستغلال بعض المُخلفات الزراعية، فضلًا عن وجود مشكلات تسويق وتصريف المُنتج الناتج عن التدوير، وارتفاع تكاليف النقل، بالإضافة إلى صعوبة التجميع وتواجُد المخلفات في أماكن ومناطق مُتناثرة، ونقص الجهود الإرشادية والإيضاح العلمي للمُزارعين، إلى جانب ارتفاع أسعار مُدخلات عملية المُعالجة للمُخلفات، ونقص الآلات، ونقص الفرص التمويلية لتوفير القروض اللازمة.
ومن جانبه، سلَّط محمد معتمد عيسوي، مساعد وزيرة البيئة للتخطيط والاستثمار والدعم المؤسسي والمشرف على وحدة الاستثمار البيئي والمناخي بالوزارة، الضوء على جهود الوزارة في الآونة الأخيرة بشأن تعظيم الاستفادة من المخلفات الزراعية، وأبرزها التنسيق مع وزارة الزراعة لعرض مقترح على رئاسة مجلس الوزراء بخصوص استخدام المتبقيات الزراعية في صناعة الأعلاف، وتمَّت الموافقة عليه وجارٍ التنسيق لتنفيذه في 4 محافظات كمرحلة تجريبية، و8 محافظات أخرى مع توسع تنفيذ المشروع.
وبشأن إنتاج الوقود الحيوي من المخلفات الزراعية، واستخدامه بمصانع الأسمنت، أوضح عيسوي أنه قد تمّ إجراء تحاليل على عينات من مخلّفات الذرة والقطن في معامل شركة السويس للأسمنت، وذلك بالتنسيق مع جهاز تنظيم إدارة المخلفات ووزارة الزراعة، وأظهرت نتائج إيجابية من حيث الطاقة الحرارية.
وأضاف أن وزارة البيئة تعكف حاليًا على التجهيز لاستخدام مصانع الأسمنت لتلك المخلفات، وذلك عبر مجموعة من الإجراءات، وأبرزها: تحديد نقاط تجميع المتبقيات الزراعية في المحافظات بالتعاون مع وزارة الزراعة، والتواصل مع شركات الأسمنت لحصر الشركات التي أبدت اهتمامًا للعمل في تصنيع الوقود الحيوي من أجل تحديد المحافظات التي ستعمل بها كل شركة، مع تشبيك مصانع الأسمنت مع وزارة الزراعة لتحديد آليات جمع ونقل المتبقيات الزراعية، وتحديد السعر العادل لجمع ونقل المخلفات بالتعاون مع وزارة الزراعة، بجانب تحديد آلية عمل مصانع الأسمنت في التنفيذ سواء من خلال الإسناد المباشر أو طرحه للاستثمار، بالإضافة إلى تشبيك مصانع الأسمنت مع المحافظة لبدء العمل، والإشراف على آلية عمل مصانع الأسمنت في المحافظات عند بدء التشغيل.
وبشأن متطلِّبات إعداد خريطة استثمارية لتدوير المخلفات الزراعية في مصر،أكَّدت المهندسة دعاء سليمة، المدير التنفيذي لمركز تحديث الصناعة بوزارة التجارة والصناعة، ضرورة توافُر مجموعة من العناصر الرئيسة، وفي مقدمتها حصر وتحديد المخلفات الزراعية وأماكن تواجدها، وتحديد الصناعات التي يمكن أن تقوم على المخلفات الزراعية، بالإضافة إلى تحديد الفرص الاستثمارية التي يمكن أن تقوم عليها الصناعات.
واوضحت أنه من الضروري وضع أولويات التسويق، وبلورة خريطة جغرافية من خلال إيجاد منصة تفاعلية لأماكن تواجد المخلفات، جنبًا إلى جنب مع تخصيص أراضي للفرص الاستثمارية في أماكن تواجد المخلفات، ورفع وعي المزارعين بأهمية تعظيم الاستفادة من المخلفات الزراعية، وتعزيز الحوافز من أجل تشجعيهم على ذلك.
وحول الإطار التشريعي لإعادة تدوير المخلفات الزراعية، أشار الدكتور طارق العربي، الرئيس التنفيذي لجهاز تنظيم إدارة المخلفات بوزارة البيئة إلى قانون تنظيم إدارة المخلفات رقم 202 لسنة 2020، والذي يستهدف القضاء على مشكلة المخلفات من خلال إنشاء جهاز لتنظيم وإدارة المخلفات ومتابعة كافة العمليات المتعلقة بإدارة المخلفات على المستوى المركزي والمحلي بما يحقق الارتقاء بخدمة الإدارة الآمنة بيئيًا للمخلفات بأنواعها، وجذب الاستثمارات فى مجال الأنشطة من جمع ونقل ومعالجة المخلفات والتخلص منها.
وأضاف العربي أن اللائحة التنفيذية رقم 722 لسنه 2022 لقانون تنظيم إدارة المخلفات نصَّت على ضوابط التعامل مع المخلفات الزراعية، وتتمثل في اتخاذ جميع التدابير نحـو تخصيص وتوفير الأراضي اللازمـة الكافيـة لإدارة المخلفات الزراعيـة بما في ذلك إعادة استخدامها في المجالات المختلفة، وتقديم حزمة من الحوافز لدعم الشركات أو المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهيـة الصغر العاملة في مجال جمع ونقل وتدوير المخلفات الزراعية، ووضع الآلية اللازمة لتشجيع مولد المخلفات الزراعيـة علـى جمعها وكبسها في مناطق الزراعة ونقلها إلى مراكز تجميـع خاصـة يـحـددها الجهاز، بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني من تدريب وتأهيل وتوعية للعـاملين فـي منظومـة الإدارة المتكاملة للمخلفات الزراعية، وتخصيص جائزة سنوية من موازنة الجهاز لأفـضـل المـشـاريـع فـي مجال الإدارة المتكاملة للمخلفات الزراعية.
وفي ختام الاجتماع التنسيقي، توافق المشاركون على إعداد "نموذج رائد" (Pilot Model) وذلك بتحديد أحد المخلفات الزراعية المهمة، والكميات المُولَّدة وأماكنها ونسبة المُستغل منها، وكذا الاستخدامات وسلاسل القيمة فضلًا عن الوضع الراهن للفرص الاستثمارية القائمة المُتاحة، وتوقيع البيانات على خريطة تفاعلية؛ وذلك بما يستهدف تعظيم الاستفادة من مُخلَّفات قطاع الزراعة بشكل اقتصادي متميز، والمساهمة في حماية البيئة، والحيلولة دون مزيد من التدهور البيئي، خاصة في ظل حالة الزخم العالمي التي تكتنف القضايا البيئية والمناخية وتداعياتها السلبية على الموارد الطبيعية، وبما يحقق الاستفادة المثلى من الموارد والمُخلَّفات بأنواعها، من خلال العمل على إعادة تدويرها أو إعادة استخدامها.