وسط تفكك وانقسام قيادات الحركة المدنية..
خريطة التشكيل الجديد لـ«المعارضة» بعد انتخابات الرئاسة 2024
لاشك في أن الأشهر القليلة الماضية شهدت حراكًا سياسيًا هو الأول من نوعه منذ سنوات طويلة، فجاءت الدعوة لإجراء حوار وطني شامل كالحجر الذي حرك مياه السياسة الراقدة، وتتبعه استعدادات القوى السياسية للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها نهاية العام الجاري 2023، وتأتي دائمًا تلك الأحداث لتنعش الحياة السياسية، إلا أن الأمور جرت عكس ذلك تمامًا داخل الحركة المدنية.
فكانت الدعوة للحوار الوطنى بمثابة المسمار الأول في نعش الحركة المدنية لاعتراض بعض أعضائها وكوادرها على المشاركة في الحوار ومع انتهاء الأمر بالتوافق في النهاية على المشاركة حفاظًا على وحدة الحركة، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن بعد دعوة الهيئة الوطنية للانتخابات لإجراء انتخابات الرئاسة في ديسمبر المقبل ليدب الخلاف والانقسامات بين قيادات الحركة المدنية وعدم التوافق على مرشح رئاسي لدعمه والوقوف خلفه في المعترك الانتخابي.
وظهرت بوادر أولى مشاهد ترنح الحركة المدنية وانقساماتها بإعلان حزبي العدل والمصري الديمقراطي، تجميد عضويتهم داخل الحركة المدنية.
وبالتزامن مع هذا الانقسام، انتشرت الأحاديث داخل أوساط المعارضة بشأن خروج تشكيل سياسي جديد إلى النور ينضم للمعارضة المدنية الديمقراطية ليحل محل الحركة المدنية.
وتشير التكهنات إلى استعداد التشكيل الجديد لما بعد الانتخابات الرئاسية والاستعداد لخوض انتخابات مجلس النواب القادمة بتحالف سياسي معارض يضم من 6 لـ8 أحزاب مستهدفة الحصول على أكثر من 40 مقعدا داخل البرلمان، علاوة على استهداف مقاعد أخرى داخل مجلس الشيوخ.
وفي هذا السياق، يقول مجدي حمدان، السياسي البارز، وأحد المؤسسين للحركة المدنية، إن الحركة المدنية ليست في الوقت الحالي على قلب رجل واحد، مؤكدًا أن السياسة حاليًا تحتاج بديلا والحركة المدنية قوتها وتأثيرها قل بشكل كبير.
وأضاف «حمدان»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن كما كبيرا من الخلافات أصبحت موجودة داخل الحركة، لافتًا إلى أنه كان يتوقع ذلك قبل بداية الحوار الوطني؛ لأن الحركة وقتها مع أول تجربة حقيقية كادت أن تتفكك لرفض البعض المشاركة في الحوار ثم سقطت الحركة في الاختبار الثاني وهو التوافق على مرشح رئاسي لدعمه.
تصارع غير مسبوق
وتابع: «أصبحنا أمام 3 تيارات تتصارع على من الأجدر لقيادة الحركة، وطالما هناك تيار يساري ناصري وتيار ليبرالي وآخر يميني داخل الحركة لن يحدث أي توافق».
ووصف مجدي حمدان، القيادي بالحركة المدنية، أن الحركة الآن تترنح وتعيش بمنعشات القلوب، معقبًا: «دخلت غرفة الرعاية المركزة خلاص».
وأكد «حمدان»، لـ«النبأ»، أن الحركة المدنية أصبحت لا تعول على الانتخابات الرئاسية كثيرًا، خاصة أنه كان هناك دفع بقوة للمرشح أحمد طنطاوي وبعدم استكماله مشوار الترشح فقدت الحركة الأمل، وأصبح الآن الغالبية العظمى داخل الحركة غير مؤيدة لترشح فريد زهران.
واستكمل مجدي حمدان، حديثه قائلًا: «الحركة تجمعت من أجل هدف واحد وفشلوا على مدار الفترة الأخيرة في عمل أي تكتل انتخابي، تيار الكرامة والعدل والمصري الديمقراطي انضموا للقوائم الموحدة لحزب مستقبل وطن وبعدين رجعوا تاني للحركة المدنية بعد مخالفة موقف الحركة بعدم خوض الانتخابات البرلمانية السابقة بنظام القوائم الموحدة، وكذلك الأمر حدث في التوافق على مرشح رئاسي، قولنا اللي هيكمل توكيلاته ويصبح مرشح بشكل رسمي نتكتل وراه، والجميع كان يعتقد داخل الحركة أن الأمر سيصل بالنهاية لاستكمال طنطاوي وجميلة إسماعيل شروط ترشحهما، وعندما انتهى الأمر بترشح فريد زهران فقط اعترض عدد كبير».
وتابع: «فريد لم يكن عليه أي توافق وطرح نفسه دون الرجوع للحركة، ولم يقف أحد خلف فريد زهران سوى أحزاب المصري الديمقراطي والعدل والإصلاح والتنمية، أما باقي الأحزاب لا ترى ذلك وترفض دعم فريد زهران».
وعن تحليله لـ المشهد السياسي ما بعد انتخابات الرئاسة والحديث الدائر عن بديل الحركة المدنية، يرى مجدي حمدان، أن الحركة المدنية ستنتهي قريبًا، متابعًا: «تقدر تقول إن التيار الناصري اليساري هيسلك اتجاه، والتيار الليبرالي سيشكل بديل حقيقي ويسلك اتجاه آخر، بينما أحزاب اليمين ستنزوي».
تكتل جديد
وعن البديل للحركة المدنية، قال «حمدان» لـ«النبأ»، إن هناك بديلا حقيقيا سيظهر ما بعد انتخابات الرئاسة، متابعًا: «تكتل معارض جديد يظهر بعد انتخابات الرئاسة، ويمكن أن نسميه مبدئيًا بالكتلة المعارضة الليبرالية الموحدة، وهو عبارة عن تجمع للأحزاب الليبرالية وهي المحافظين والدستور والمصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية وحزب الاتحاد».
وأشار مجدي حمدان، إلى أن تلك تكهنات وتحليل ورؤية المشهد السياسي موجودة بشكل قوي وتطرح داخل قوى المعارضة ولكنها ليست تربيطات منتهية على الأرض.
وأوضح أن البديل الجديد سينتهج مسلك المعارضة الإصلاحية وليست الحنجورية، مؤكدًا أنها لن تكون استنساخ لتجربة جبهة الإنقاذ، لأن الجبهة كانت قائمة على موقف واحد وهو لا للإخوان.
وتابع: «ننظر لمصر كدولة مدنية ديمقراطية حديثة وفقا للمادة الثانية من الدستور ودي هتكون منهجية العمل».
طموح واسع
وأكد أن طموح المعارضة البديلة التي ستتشكل بعد الانتهاء من انتخابات الرئاسة يتوسع بقوة، معقبًا: «لو تم الأخذ بالمقترحات التي تقدمت في الحوار الوطني بقوائم نسبية وقوائم خاصة بنسبة التمثيل الـ5% في البرلمان، القوائم هيبقى فيها نسب كبيرة جدا للمعارضة».
واستكمل: «المعارضة كمان لديها طموح كبير بتنفيذ مقترحها بزيادة تصل لـ12% في مقاعد مجلسي النواب والشيوخ ليصبح الإجمالي 650 مقعدا للبرلمان خصوصا بعد التوسع في إنشاء المدن الجديدة وقلة التمثيل البرلماني في المحافظات الحدودية»، لافتًا إلى أن نسبة الزيادة ستعطي آمالا جديدة للمعارضة.
وأكد أن المعارضة في حالة تنفيذ مقترحاتها ستسعى للاستحواذ على 120 مقعدا في البرلمان بحد أدنى.
وعن ارتباط البديل المدني الجديد بدعوات أحمد طنطاوي بتأسيس حزب سياسي جديد وتيار يسمى بـ«تيار الأمل»، نفى مجدي حمدان ذلك بشكل قاطع، قائلًا: «فكر جديد مختلف ملوش علاقة بخطط أحمد طنطاوي على الإطلاق، وأحمد طنطاوي لا يزال يتبنى الفكر الناصري القومجي وهي رؤية انتهت، لا يوجد في العالم كله ما يسمى بالاشتراكية وهي أفكار عفى عليها الزمن».