هشام زكي يكتب: صنع في مصر
ما أروع أن تتصدر المشهد المصري حاليًا عبارة "صنع في مصر" وبلغة العصر ما أروع أن تكون هذه العبارة هي " ترند" الشهر وكل الشهور المقبلة حتى نصل إلى توطين حقيقي للصناعة المصرية في المجالات كافة، ويعود المنتج المصري كسابق عهده في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، بل ويغزو الأسواق الأوروبية.
وما أروع، أن نحيي عمليًا العبارة التي أطلقها زعيم الاقتصاد المصري مصطفى كامل "المصري للمصري"، خاصة أن الشواهد التاريخية تسجل النجاح الباهر في كثير من الصناعات الغذائية، وصناعة المنسوجات والأقطان، وصناعة السكر وعصرَ الزيوت ومضارب الأرز، إضافة إلى الصناعات الثقيلة كالحديد والصلب، وبعض الصناعات الحربية، وصناعة السفن، ومصانع تحضير المواد الكيماوية، وصناعة الأسمنت وخلافة، ولكن هذا النجاح لم يستثمر بالشكل الجديد الذي يليق بمكانة بلدٍ مثل مصر.
قد يرجع عدم الاستثمار لهذه الصناعات لتعاقب عدد من الحكومات من حكومات رجال الأعمال، أو لعدم وجود رؤية واضحة لإمكانياتنا، فضلًا عن عدم وجود استراتيجية تعمل على توفير البيئة الملائمة للنشاط الصناعي والمرتبط بالضرورة بالنشاط التجاري، وهنا لا يمكن تجاهل سياسة الدولة في مرحلة ما من تطبيق سياسة الخصخصة، تلك السياسة التى لم تبن قط على رؤية واضحة لقيمة الكيانات التي دخلت في هذا النطاق، عوضًا على عدم الاستغلال الأمثل لمليارات التخصيص.
لقد اثبتت المقاطعة مدى وعي الشعب بالمخاطر التي تحيط بنا من كل جانب، وبحجم استنزاف الشعوب العربية من قبل الشركات العالمية الكبرى في منتجات يمكن الاستغناء عنها بسهولة، ويمكن إنتاجها محليا بالسهولة ذاتها، ولكن تلك السهولة تحتاج إلى الدعم الرسمي من قبل الدولة بأجهزتها المتعددة وفي مقدمتها أجهزة الإعلام التي لازالت تبث إعلانات مكثفة للمنتجات التي قاطعها الشعب.
ولاشك من أن الأمر معقد جدًا، ولكن الإرادة الصلبة والمستمرة كفيلة بأن تحقق لمصر التحرر من استغلال الشركات العالمية والاعتماد الكلي على المنتج المصري.