بعد غلق مصنع أبوقرقاص..
وزير الرى يدمر زراعة القصب ويهدد بتشريد العاملين بمصانع السكر فى الصعيد
أثار قرار لجنة السياسات المائية بشأن منع التوسع الأفقى في محافظات الصعيد لزراعة قصب السكر، حالة من الغضب تحت قبة البرلمان، وذلك لما يتسبب فيه من انخفاض حاد في إنتاج السكر من القصب على مستوى الجمهورية.
وحذر أعضاء مجلس النواب، من خطورة السياسات التي وصفوها بـ«غير المدروسة» من قبل لجنة السياسات المائية التي تمنع التوسع الأفقى في محافظات الصعيد لزراعة قصب السكر، مطالبين بتغيير منهج اللجنة، حتى لا تتكرر مأساة صناعة الغزل والنسيج، والتي أدت إلى انهيار زراعة محصول القطن.
وتعليقًا على ذلك، يقول النائب أحمد عبدالسلام قورة، عضو مجلس النواب: «إن الغريب في الأمر إننا نجد لجنة السياسات المائية تسمح بالتوسع الأفقى لمحافظات الشمال الممطرة بزراعة الخرشوف والخوخ والموز والفراولة فهل يعقل ذلك؟»، مشيرًا إلى أنه بسبب تلك السياسات غير المقبولة، تتحمل الموازنة العامة للدولة مبالغ ضخمة لاستيراد السكر من الخارج بالعملة الصعبة لسد الفجوة، مدللًا على ذلك بقيام وزير التموين منذ شهرين باستيراد 320 ألف طن سكر بسعر الطن 750 دولارا هذا بخلاف تصنيعه.
وطالب عضو مجلس النواب، بالتوسع في زراعات القصب في الأراضى الصحراوية، خاصة في محافظتى سوهاج وقنا، مؤكدًا أن هذه الأراضى قريبة من نهر النيل لأنه دون التوسع الأفقي في زراعات قصب السكر، فإن هناك مصانع للسكر ستكون مهددة بالتوقف مثل مصانع جرجا ونجع حمادى وقوص.
ويكمل: «نواجه أزمة بسبب تلك السياسات بعد أن استمعنا لزملائنا تحت القبة بغلق مصنع السكر في أبوقرقاص بمحافظة المنيا، وهناك 3 مصانع للسكر بمحافظتى سوهاج وقنا مهددة بالتوقف، حيث تعمل في السنة 40 يومًا فقط ويعمل بها 17 ألف عامل عدد أسرهم 100 ألف»، مشيرًا إلى إنه في حالة توقف تلك المصانع الثلاثة ستحدث مشكلات اقتصادية واجتماعية، خاصة وأن هناك 2 مليون مزارع وأسرهم يقومون بزراعة قصب السكر.
وأشار إلى ضرورة الخروج من تلك الأزمة بدراسة هذا الملف جيدًا، من خلال المستشارين والخبراء وتغيير منهج لجنة السياسات المائية غير المدروس والعشوائى بالتوسع الأفقى لزراعة 200 ألف فدان بالصعيد بمحصول قصب السكر حتى لا تتكرر مأساة صناعة الغزل والنسيج، وانهيار زراعة محصول القطن، مطالبًا بالحفاظ على صناعة قصب السكر في الصعيد والحفاظ على الوضع الاقتصادى والاجتماعى للعاملين بها.
وطالب «قورة»، بتكليف وزارة الري بالموافقة على التوسع الأفقي في محافظات جنوب الصعيد، «محافظات القصب» والاستفادة من عمليات تدوير المياه في زراعة المساحات الصحراوية على أجناب الوادي سواء شرق أو غرب نهر النيل، مع تكليف الجهات صاحبة الولاية على الأراضي بسرعة الإجراءات وسهولتها ويسرها، وتكليف القطاع المصرفي بالمساهمة بتمويل الشركات العاملة في هذا المجال.
من ناحيته، يقول النائب تيسير مطر، وكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ، إن هذه الأزمة لها بُعدين الأول خاص بالمياه وحصة مصر من المياه، والثاني يتعلق بصناعة السكر لما له أهمية كبيرة، فضلًا عن الاكتفاء الذاتي الذي ينادي به الرئيس عبدالفتاح السيسي في كل المجالات، رافضًا قرار منع التوسع الأفقي لزراعة القصب بمحافظات الصعيد لما له من تأثير على صناعة السكر ويهدد بإغلاق عدد من مصانع السكر بالصعيد.
ويؤكد وكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن وجود فجوة في احتياجات مصر للسكر يؤثر على ارتفاع سعره؛ ما يجعله في النهاية عبئًا على المواطن ويؤثر على احتياجاته في السكر، وكذلك الدولة في ذات الوقت، متابعًا: «يجب إلغاء قرار منع التوسع الأفقي في زراعة القصب، والاستمرار في توسع زراعته مع تخفيف استهلاك المياه بقدر المستطاع، بأن يتم استخدام وسائل الري التي تصلح لهذه الزراعة مثل نظام الري الحديث الري بـ«التنقيط»، لتوفير المياه والمحافظة عليها».
ويضيف «مطر»، أن الجزء الأخير من القرار الخاص بصناعة السكر؛ لا بد من استمرار عملية التوسع في زراعة القصب مع استخدام وسائل الري الحديثة التي تصلح مع هذه الزراعة؛ لتخفيف استهلاك المياه، وأيضا لا بد من زيادة زراعة كل المحاصيل التي تغطي الاحتياج المصري، مشيرًا إلى أن هناك دولا لا يوجد بها أنهار لكنها تستخدم المياه الجوفية «الآبار» والعديد من الوسائل الأخرى؛ من أجل الزراعة، وهذه الدول لديها منتجات زراعية منافسة في السوق العالمية.
وكشف وكيل وزارة الزراعة بإحدى محافظات الصعيد، رفض ذكر اسمه، عن أن مساحات الأراضي المنزرعة بالقصب في محافظات (سوهاج وقنا والأقصر وأسوان)، مؤكدًا أن سوهاج بها مساحة تقدر بـ15 ألف فدان منزرعة بالقصب، وفي قنا 135 ألف فدان منزرعة بالقصب، وفي الأقصر 70 ألف فدان منزرعة بالقصب، وفي أسوان 100 ألف فدان منزرعة بالأقصر موزعين على مصانع السكر بـ«جرجا في سوهاج، ودشنا في قنا وإدفو بأسوان».
وأكد وكيل وزارة الزراعة، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن إنتاج السكر من فدان القصب يعادل إنتاج السكر من 2.5 فدان بنجر، فضلًا عن أن تقاوي البنجر غير موجودة في مصر ومستحيل وجودها لذا يتم استيرادها من الخارج، بينما تقاوي القصب متوفرة وموجودة في بيت الفلاح، مطالبًا بعودة مبادرة دعم زراعة القصب بنظام الشتلات والري المطور بنظام التنقيط.
وأضاف أن مشروع تطوير الري الحقلي لزراعة محصول القصب، بنظام الشتلات والرى المطور بنظام التنقيط وباستخدام الطاقة الشمسية بمحافظات قنا والأقصر ضمن أول محافظات إقليم الصعيد، حققت نجاحًا هائلًا، ووفرت كميات هائلة من المياه، وأعطت إنتاجية عالية جدًا، مؤكدًا أن هذا المشروع ضمن مبادرة البنك المركزي لدعم زراعة قصب السكر الذي انطلق في 2021 بمحافظتي قنا والأقصر، وتوقفت المبادرة في عام 2022، لكن يجب تفعيل مبادرة تحول نظام الري بالغمر بنظام الري الحديث والتنقيط والزراعة بالشتلات.
وأشار، إلى أن فجوة الاحتياجات من السكر تزيد في مصر نتيجة الزيادة السكانية المنفلتة، موضحًا أن مقارنة القصب بالنبجر؛ حق يراد به باطل، نتيجة قول خاطئ بأن زراعة القصب تستهلك مياه بشراهة، مقارنة بزراعة البنجر في استهلاك المياه، والحقيقة أن إنتاجية السكر من فدان القصب تعادل إنتاجية السكر من 2.5 فدان بنجر، إذ يحتسب استهلاك المياه على المنتج النهائي -أي - مدخلات المياه لفدان القصب تحقق إنتاج كم طنًا من السكر؟، وأيضًا مدخلات المياه لفدان البنجر تحقق إنتاج كم طنًا من السكر؟ هكذا تكون المقارنة بين الزراعتين.
ويكمل: «بينما الزراعات التحويلية القائمة على القصب استحالة إقامتها على البنجر، منها استراتيجية مثل: الكحول الميثيلي، والكحول الإيثيلي، كلها أشياء يتم استخراجها من القصب ويستحيل استخراجها من البنجر، وأيضًا الورق والخشب الحبيبي والأخشاب الـ«إم دي إف» الفيبر، يتم استخراجها من القصب، ويستحيل استخراجها من البنجر».
ونوه إلى أن الأخطر ويعد أمنًا قوميًا؛ استحالة علميًا إنتاج تقاوي البنجر في ظل الظروف الجوية الحالية في مصر، لافتًا إلى أن تجربة سانت كاترين الخاصة بتقاوي البنجر تمت على أصناف معينة، ولماذا هذا المكان بالتحديد؟ لأن هذا المكان هو الوحيد الذي تنخفض فيه درجة الحرارة تحت الصفر، لكن إنتاجية التقاوي من هذه التجربة تكفي كم فدانًا؟، إذن هذه التجربة لا تغطي احتياجاتنا من تقاوي البنجر.
واختتم حديثه قائلًا: «تقاوي البنجر يتم استيرادها من فرنسا وهولندا، لكن نفترض في ظل السياسات الدولية المتغيرة، أن هذه الدول رفضت تصدير التقاوي لمصر ماذا يحدث لمصانع السكر في مصر؟، يتم إغلاقها، لذا زراعة القصب تمثل أهمية كبرى في مصر، خاصة أن تقاوي القصب موجودة في كل بيت مزارع، فالمزارع صاحب الـ5 أو 6 أفدنة قصب يعمل حسابه في تقاوي قصب، خاصة أن تقاوي الفدان الواحد من 4 إلى 6 قراريط، بما يعادل من 6 إلى 8 أطنان، فضلًا عن أن القصب يستمر زراعته في الأرض لمدة 5 سنوات، لأن «القصب سنة غرس و4 خلفة»، لكن بعودة تحويل زراعة القصب بالشتلات ونظام الري الحديث والتنقيط، من شأنه أن يحقق نجاحًا هائلًا في الإنتاج، وتوفير المياه والحفاظ عليها».