بعد فرض عقوبات أمريكية على قيادات سودانية بالقاهرة..
مخطط أمريكى إسرائيلى لتكرار تجربة ميليشيا الدعم السريع فى صعيد مصر
تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في فرض عقوبات على طرفي الحرب في السودان والمتعاونين معهما، وشملت القائمة، في الآونة الأخيرة، 3 من رموز النظام السابق هم صلاح قوش مدير جهاز المخابرات الأسبق، ومحمد عطا المولى الذي خلف «قوش» في نفس المنصب، والفريق طه عثمان مدير مكتب البشير، واللافت للنظر في لائحة العقوبات الجديدة أن واحد من تلك القيادات وهو صلاح قوش مقيم في القاهرة ويدير استثماراته بها، مما يثير التساؤلات حول سر فرض العقوبات على تلك الشخصيات ومدى تأثير العقوبات ضدهم، وإلى أي مدى ستتأثر مصر بوجود أحد الملاحقين بتلك العقوبات على أراضيها ويستثمر أمواله بها.
وكشف خبراء سودانيون أن هناك مخطط أمريكي إسرائيلي يهدف إلى تكرار نموذج الدعم السريع في مصر، وبخاصة في الجنوب حيث محافظات الصعيد التي تنتشر فيها القبلية، وأكدوا أن دوائر صنع القرار في مصر تعي هذه المخططات، وتقف لها وتعمل على اجهاضها في مهدها.
يأتي الاسم الأبرز في تلك العقوبات صلاح قوش، مدير جهاز المخابرات السوداني الأسبق، وهو من قبيلة الشايقية بشمال السودان ويعود إلى قرية ضمن منطقة نوري تسمى البلل، تولى «قوش» منصب رئيس الأمن القومي السوداني، ومستشار الرئيس السوداني، واتهم بمحاولة انقلاب فأودعه الرئيس البشير على إثرها في السجن، وأفرج عنه عام 2018 ليعود مرة أخرى لمنصبه كمدير لجهاز المخابرات، حتى أقيل بعد الثورة السودانية.
يستقر اللواء صلاح قوش في القاهرة، رغم أنه ملاحق بقضايا جنائية في السودان، وأقام في عام 2022 حفلا كبيرا لزفاف ابنه بموائد ضخمة في أحد الفنادق الراقية بالقاهرة، وبعد اندلاع الحرب في الخرطوم بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع لم تتوقف تسجيلاته الصوتية، والتي كان آخرها بعد قرار العقوبات الأمريكية ضده، وتحدث فيه عن تغيير ساعة الصفر 3 مرات لما أسماه بانقضاض الدعم السريع على قيادة الجيش السوداني.
ويليه في القائمة الفريق محمد العطا مولى، وهو الذي خلفه بقيادة المخابرات السودانية وأقيل عند عودته مرة أخرى للجهاز، وانتقل للعمل كسفير فوق العادة للسودان في واشنطن وأوكلت إليه مهمة رفع اسم السودان من قائمة العقوبات الأمريكية، وأصبح آخر سفير لنظام البشير بالولايات المتحدة، حيث غادر منصبه عام 2019، وذهب عطا بعد سقوط نظام البشير إلى تركيا لقيادة الحركة الإسلامية السودانية هناك.
واتهمت وزارة الخزانة الأمريكية كل من «عطا» و«قوش» بالعمل على إعادة عناصر النظام السابق إلى السلطة وتقويض الجهود الرامية إلى إنشاء حكومة مدنية.
بينما جاء الاسم الثالث هو طه عثمان مدير مكتب البشير الذي ولد عام 1964 في منطقة كبوشية بولاية نهر النيل، ثم حصل على البكالوريوس بكلية الآداب جامعة القاهرة فرع الخرطوم، ثم عمل بجهاز الأمن السوداني، وفي عام 2012 اكتشف محاولة انقلاب صلاح قوش على البشير، وعام 2015 عين مديرًا لمكتب البشير ووزير دولة.
اختلف «عثمان»، مع نظام البشير وسافر إلى السعودية وهو يقيم حاليًا في الإمارات، ويعمل على تسهيل إيصال الدعم العسكري وغيره من الدعم المادي من مصادر خارجية إلى قوات الدعم السريع.
وكشف إسماعيل حسن، القيادي بتجمع المهنيين السودانيين، أن كل من صلاح قوش وعثمان طه متورطين في جرائم كبيرة، مبينًا أن صلاح قوش قام بعمليات تعذيب متوحشة ضد المعارضين لنظام الحركة الإسلامية أو نظام الإنقاذ حينما كان يشغل منصب مدير جهاز الأمن.
ووصف «حسن»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، صلاح قوش بأنه أغرب شخصية في التاريخ؛ لأنه بدأ عامل «طرمبة» ومن ثم إلى جهاز الأمن، ومن ثم مسؤول داخل بيت الرئيس فهو على احتكاك بزوجتي عمر البشير.
وأضاف القيادي بتجمع المهنيين السودانيين، أن الفريق عثمان طه هو الآخر يمتلك معلومات حساسة وأسرار الدولة والتنظيم في السودان، وعندما اختلف معهم ذهب إلى السعودية كمستشار للملك وقدم له معلومات من ذهب، وهو الآن متورط في هذه الحرب باعتباره داعمًا لميليشا الدعم السريع.
وبين «حسن»، أن أمريكا امتلكت معلومات مدهشة عن الشخصيتين وقامت بحظرهما لكن بالطبع تأثير الحظر فقط داخل أمريكا، مشيرا إلى أنه غير مؤثر لأنهما يتحركان بحرية، لافتا إلى أن العقوبات على «قوش» لن تؤثر على مصر باعتباره موجودًا بها.
وأوضح القيادي بتجمع المهنيين السودانيين، أنه ليس لمصر أي علاقة بوجود صلاح قوش، لأن النظام المصري برغم معرفته لرموز الحركة الإسلامية السودانية، إلا أن كل القرارات التي تصدر في حق هؤلاء ليس لمصر دخل بها، إلا بتدخل الإنتربول، وفي هذا العصر لا يمكن أن تتحقق العدالة الدولية لكل المجرمين الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية.
وأردف «حسن»، أن الدليل على هذا أنه لو كانت هنالك إشارة لمصر لكان من السهل اعتقاله أو توقيفه أو إبعاده من الأراضي المصرية.
بينما كشف محمد حسن حلفاوي، الصحفي والإعلامي السوداني من الخرطوم، عن أن صلاح قوش وطه عثمان ومحمد عطا هم من يقفون وراء الصراع الحالي في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، رغم أنهم ليسوا في السلطة.
وأكد «حلفاوي»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن كلا من مدير المخابرات الأسبق صلاح قوش والفريق محمد العطا الذي خلفه في المنصب إسلاميان.
وأضاف الصحفي والإعلامي السوداني من الخرطوم، أن طه عثمان مدير مكتب البشير السابق، لديه علاقات مع الإمارات والدعم السريع، وذلك حسب العقوبات الصادرة التي استندت على هذه المعلومات.
وبين «حلفاوي»، أنه لا تزال الشخصيات الثلاثة صلاح قوش، ومحمد العطا، وطه عثمان، تحرك الأمور؛ وذلك لأن العقوبات لم تأت من دون توثيق معلومات بالنسبة للولايات المتحدة.
كما تطرق الصحفي والإعلامي السوداني من الخرطوم، إلى تأثير تلك العقوبات على الثلاث الشخصيات، مشيرا إلى أن التأثير المباشر لا يمكنهم دخول الولايات المتحدة ويحد من طموحهم السياسي، موضحا أن العقوبات الاقتصادية ضدهم وبخاصة ضد صلاح قوش المقيم في العاصمة المصرية القاهرة ولديه استثمارات بها لا تتأثر، لأن الاستثمارات في مصر قد تكون محمية من شبكة من المستثمرين المصريين هناك، ما دام استضافت مصر «قوش» فلا مانع من حماية استثماراته.
بينما وصف اللواء رضوان أبو قرون، القائد الميداني لقوات درع السودان التي تقاتل مع الجيش السوداني، العقوبات الاقتصادية الأخيرة على بعض الشخصيات بأن ليس لها معنى، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تروج عبر تلك القرارات للحاضنة السياسية المتعاطفة مع الدعم السريع مثل أحزاب قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ورئيس الوزراء المقال عبد الله حمدوك المتواجد في الإمارات حاليًا في الحرب النفسية ضد الجيش السوداني، بأن من يدير المشهد هم فلول النظام السابق.
وأكد «أبو قرون»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن تلك العقوبات الأمريكية هي سلم لتفكيك الجيش السوداني عبر ترسيخ صورة أنه جيش الفلول والكيزان، مبينًا أن تلك الطريقة الأمريكية هي سلم وطريقة مجربة لتفكيك الجيوش النظامية العربية لتستخدم في أبجديات الإعلام الغربي، فمثلًا تم إطلاق على الجيش العراقي «جيش البعث» قبل تفكيكه، وعلى الجيش الليبي ميليشيات القذافي، وعلى الجيش اليمني ألوية عبد الله صالح، فهي آلية ليست جديدة لاستهداف الجيوش.
وأضاف القائد الميداني لقوات درع السودان التي تقاتل مع الجيش السوداني، أن واشنطن تستخدم كروت ضغط؛ من أجل ضغط الجيش والشعب السوداني وجعلهم ينبطحون أمام مخططاتها، مشيرًا إلى أن الأمريكيين مثلهم مثل الروس هدفهم حكم السودان على طريقتهم الخاصة، وأن من يأتي إلى السلطة في البلاد ينفذ أجندتهم.
وأوضح «أبوقرون»، أن فرض عقوبات على مدير مكتب البشير الفريق طه عثمان باعتباره هو المخطط للدعم السريع، وهو واحد من المشاركين في مطبخ الإمارات لمساندة الدعم السريع سياسيًا وعسكريًا، ولكن تأتي العقوبات ضده على نفس طريقة قوش والعطا للتغطية الإعلامية؛ لأن أمريكا لم تدن الميليشيات أو تقوم بالتحقيق في الجرائم المرتكبة على يديها ضد الشعب السوداني، أو حتى تفرض عليها الخروج من بيوت المواطنين، وهو السر في استمرار وبقاء قوات الدعم السريع.
وبين القائد الميداني لقوات درع السودان التي تقاتل مع الجيش السوداني، أن كل من الإمارات وإسرائيل هما من الداعمين الرئيسيين لقوات الدعم السريع، وأمريكا توفر الغطاء اللازم لتلك القوات عبر وصف الجيش بأنه جيش الكيزان والفلول، رغم أن الفلول يقاتلون في قيادة الدعم السريع وهي قوات في الأساس من صناعة نظام البشير.
وأردف القائد الميداني لقوات درع السودان، أن المخطط الغربي يستهدف مصر والحدود المصرية، بل والجنوب المصري والمخابرات المصرية تعي ذلك، لأن نجاح تجربة الدعم السريع في الاستيلاء على الحكم في السودان قد يسمح لتلك الميليشيات بمد مخططاتها نحو مصر واستغلال الجنوب المصري «الصعيد» المشابه للدعم السريع من وجود قبائل عربية داخله، وذلك بعد توفير غطاء ودعاية غربية مفادها أن تلك المنطقة مهمشة ومهملة على غرار ما حدث في السودان.