منها استخدام قطع غيار «مضروبة» وسرقة الأجهزة..
حكايات استغلال شركات الأجهزة الكبرى في النصب على المصريين
انتشرت، فى الآونة الأخيرة، العديد من مراكز الصيانة الوهمية التى تخدع المواطنين بإيهامهم بأنهم توكيل معتمد من إحدى الشركات الكبرى الرائدة فى مجالات صيانة الأجهزة الكهربائية كالغسالات، والثلاجات، والبوتاجازات، وغيرها.
ويستخدم هؤلاء أسماء شركات مشهورة في صناعة الأجهزة الكهربائية، مدعين أنهم متخصصون فى أعمال الصيانة، معتمدين على عدم دراية المواطنين بحقيقة الأمر، ويحصدون ملايين الجنيهات شهريًا، من خلال القيام بعمليات النصب والاحتيال الممنهجة، رافعين شعار يحمل الكثير من التبجح «على المتضرر اللجوء إلى جهاز حماية المستهلك» هذا الجهاز الذي يستقبل مئات الشكاوى شهريًا ولكن بلا حل أو إنصاف.
وتعرض الكثير من المواطنين لعمليات النصب والسرقة والاحتيال من هذه المراكز، بجانب سرقة أجهزتهم الكهربائية ظنًا منهم أن تلك المراكز حاصلة على التوكيل الرسمى للجهاز، وفى النهاية يكتشف الضحايا أنه لا وجود للشركة التي تعاملوا معها، بل إنها مصيدة لسرقة الأجهزة الكهربائية وللنصب على المواطنين.
وتقوم هذه المراكز بنشر أرقام تليفوناتها على شبكة الإنترنت والقنوات ومواقع التواصل الاجتماعي، وإلى جانبها أسماء عدد من الشركات الكبرى المتخصصة في إنتاج الأجهزة الكهربائية والمنزلية، لخداع المواطنين بأن هذه الأرقام خاصة بخدمة العملاء للشركات المذكورة، فيقوم المواطنون الراغبون في إصلاح أي جهاز كهربائي مثل الثلاجات والغسالات والتلفزيونات بالاتصال بهذه الأرقام، ليكتشفوا عقب ذلك أنهم وقعوا فريسة لهذه المراكز.
وتعد خطورة هذه المراكز أنها أولا، تستخدم فنيين غير مدربين تدريبا كافيا، وبالتالي يتسببون غالبا في إتلاف الأجهزة وليس إصلاحها، ثانيا، أنهم يستخدمون قطع غيار غير أصلية، تضر الأجهزة، ولا تتحمل فترة طويلة، ثالثا، المبالغة في سعر قطع الغيار، ففي أغلب الأحيان يطلبون سعرا يتعدى عشرة أضعاف السعر الحقيقي لقطع الغيار، وهو ما يضر بالمستهلك.
ولكن الأشد خطورة في عمليات النصب الجديدة هو انتحال صفة إحدى شركات الغاز الطبيعي المسئولة عن غاز المنازل، فقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بإعلانات مضروبة وأرقام تليفونات غير طبيعية للشركات الوهمية التي تعمل في مجال الصيانة للأجهزة التى تستخدم الغاز الطبيعي، ومجرد أن تدخل على «جوجل» وتكتب شركة بتروتريد أو تاون جاس أو غاز مصر أو صيانكو أو حتى كلمة صيانة، تخرج إليك الآلاف من الشركات الوهمية التي تنتحل أسماء هذه الشركات، وما خفي كان أعظم.
بداية رحلة النصب
بداية رحلة النصب من قبل القائمين على مراكز الصيانة الوهمية تكون من خلال استغلال اسم الشركات العالمية الكبرى مثل «زانوسي وكريازي وتوشيبا.. وغيرهم»، وعمل دعاية بأرقام مؤقتة لا تمت بصلة لتلك الشركات لجذب العملاء لهم على أنهم فرق تابعة للشركات العالمية، ويصاحب الإعلان أيضا إغراءات مثل تقليل تكلفة الصيانة لجذب العملاء إليهم أكثر.
ويكون فحوى الإعلانات التابعة للقائمين على مراكز الصيانة الوهمية رسائل مثل: «لو عايز تعمل صيانة لغسالتك أو ثلاجتك أو تلفزيونك اتصل على هذا الرقم يصل فريق توشيبا أو زانوسي أو أي اسم شركة مشهورة في مجال الأجهزة الكهربائية لصيانة أجهزتك في منزلك».
إيصالات مزيفة وأجهزة خارج المنازل
وبعد الاتصال بهم ووصولهم إلى منزل العميل، يبدأ الفريق المتخفي في أنهم تابعين لشركة صيانة عالمية في الإبداع بطريقة إخراج الجهاز الكهربائي من المنزل بأي حجة، مثل عدم توافر قطع الغيار الخاصة به معهم لذا يجب أن يذهبون به إلى مركز الصيانة الرئيسي.
ويمنح فريق شركة الصيانة المزيف صاحب المنزل إيصالا مزيفا مطبوعا عليه شعار الشركة العالمية في محاولة منهم لطمأنة العميل وبعد أن يأخذوا الجهاز ويتركوا المنزل لا يستطع العميل التواصل معهم مرة أخرى بسبب غلق رقم الهاتف المؤقت، وعند الاتصال بالشركة الأم تؤكد أنها لم ترسل فرق صيانة لأحد.
رسائل تهديد
في البداية، يقول محمد حسن «مهندس برمجيات»: «تعطلت الثلاجة في منزلي وقمت بالبحث على «جوجل» وشبكة التواصل الاجتماعي عن خدمة صيانة المنتج فظهر لي رقم 19937، فشرحت المشكلة وبعد ساعات زارنى أحد الفنيين بمنزلي».
وبعد الكشف، قال إن العطل في الثلاجة تكلفته 2500 جنيه، بقطع غيار لا تحمل اسم براند الشركة وتعلل بأن الشركة تستورد القطع الآن من الصين وبعد انتهاء عملية الإصلاح ونزول الفنى عاد العطل مرة أخرى.
وتابع: «وعندما قمت بالاتصال بالشركة مرة أخرى اكتشفت أنهم قاموا بشراء «ويب سايت» باسم «خاطر دوت كوم»، ثم أضافوا «subDomain» بأسماء «البرندات» المشهورة، مثل «توشيبا العربي» أو «فريش» أو «إل جي»، وليس هذا فحسب بل يكتبون الخط الساخن، وطبيعي أن أي عميل يبحث يقوم بالاتصال بهم على أساس أنهم توكيل معتمد ورسمي، ولو لم أكن مهندس برمجيات لما اكتشفت تلك الطريقة الشيطانية للنصب على المواطنين».
وأضاف: «وعندما واجهتهم بذلك ونشرت صور الفنى على مواقع التواصل الاجتماعى للتحذير منه ومن شركته استقبلت مكالمة تهديد واستقواء وعدم مبالاة بالقانون وأن غلق «البيدج» لا يكلف الشركة سوى حصيلة شغل يوم واحد».
قطع غيار غير أصلية
كما تسرد وسام فؤاد، حكايتها مع مندوب لشركة شهيرة للصيانة، حيث قامت بالاتصال بهم وخلال 12 ساعة جاءت الزيارة المنزلية، وبفحص الثلاجة قالوا إنها تحتاج «موتور» بتكلفة إجمالية 2830 جنيهًا، وبعدها اكتشفت أن شركة «الوكيل» وقطع الغيار التي تم استخدامها في التصليح غير أصلية، وصناعة صيني، فقامت بالاتصال بشركة «توشيبا» للإبلاغ عن الشكوى ضد مهندس الصيانة، متابعة: «وعندها علمت أن الشركة التي قامت بفحص الثلاجة، هي شركة صيانة وهمية، وليست تابعة للشركة الأصلية، وأنهم يحتالون بالاسم عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي وإعلانات جوجل والقنوات الفضائية».
وتساءلت «وسام»: «أين دور الجهات المختصة ومركز حماية المستهلك؟، ويجب اتخاذ الإجراءات ضد تلك الشركة الوهمية بشكل جدي، وخاصة مع زيادة عددها على المواقع واستغلال حاجة المواطن وقلة حيلته، وعدم الاستغناء عن تلك الأجهزة وارتفاع أسعار الجديد».
خارج نطاق الخدمة
ومن بين هؤلاء الضحايا منى حسين التي تعطلت غسالتها فبحثت عن أرقام مركز صيانة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفوجئت بإعلانات عن عدة أرقام لمراكز خاصة بماركتها، ولكونها لا تعلم المعتمد من غير المعتمد منها، اختارت رقمًا عشوائيًا، وبالفعل اتصلت به، وتم تحديد موعد وجاء الفنيون وبعد المعاينة أكدوا لها أن العطل لا يمكن إصلاحه بالمنزل لذلك تم نقل الغسالة الكهربائية بعد سداد 100 جنيه مصاريف معاينة، وألف جنيه تحت حساب التصليح وتم إعطاؤها فاتورة بذلك وحددوا لها موعدًا أقصاه أسبوعين للإصلاح.
بعد مرور المدة المحددة لم تستطع «منى» التوصل لمقر مركز الصيانة وحاولت كثيرًا الاتصال بهما لتجد أرقامهم أصبحت خارج نطاق الخدمة، ومن ثم دخلت بدوامة تحرير الشكاوى التي لم تجد معها في النهاية أي نفع.
حماية المستهلك
من جانبه، قال أمير الكومى، رئيس جمعية المراقبة والجودة لحماية المستهلك، إن الجمعية استقبلت عددًا كبيرًا من شكاوى المواطنين ضد مراكز الصيانة الوهمية التي تدعي أنها شركة الوكيل المعتمد، وهي في الحقيقة شركات وهمية.
وأكد أن مواقع السوشيال ميديا والإعلانات عبر القنوات الفضائية والبحث على جوجل سهلت عمليات النصب والادعاء باسم «براند مشهور»، فمن السهل إنشاء صفحة وهمية باسم أي شركة مشهورة ليقع المواطن في عملية نصب كاملة باسم شركات شهيرة.
وأوضح «الكومى»، أنه يوجد قانون لحماية المستهلك، وينص على التزام الشركة صاحبة المنتج بتوفير مراكز الخدمة والصيانة المعتمدة، وتوفير قطع غيار أصلية، وعندما يتم التبليغ بشكوى يتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية ضدهم، كما أن مالك «البراند المشهور» عليه مسؤولية في متابعة تلك الشكوى ورصد كل من يحاول استغلال اسم شركته.
وقدم رئيس جمعية المراقبة والجودة لحماية المستهلك، نصيحة للمواطنين المتعاملين مع شركات الصيانة قائلا: «عند حدوث أي عطل أو شكوى يجب التأكد من الأرقام الخاصة بالشركة المنتجة، ولا بد للرجوع إلى الشركة عندما أشك في الأمر».
موقف القانون
فيما قال أيمن محفوظ، الخبير القانوني، إن بعض الجناة يدعون زورا كونهم موظفين للشركات سواء عامة أو خاصة للدخول إلى منزل الضحية ويتم الاستيلاء على أموال أو أجهزة ملك المجني عليه، وقد يتعدى الأمر إلى إزهاق روح الضحية.
وعن العقوبة التي تنتظر القائمين على شركات الصيانة الوهمية، أوضح أيمن محفوظ، أن ذلك يعد انتحال صفة، وانتحال الصفة هو الظهور أمام الغير بمظهر الذي تم انتحال شخصيته بحيث الناظر إليه والمتعامل معه يعتقد دون شك أنه يتعامل مع صاحب الشخصية الأصلية فيرى الجاني كأنه موظف حقيقي خلاف الواقع.
واستطرد: «العقوبة القانونية طبقا لما نصت عليه المواد من 155 وحتى المادة 159 من قانون العقوبات تقضي بالحبس والغرامة وتأمر المحكمة بنشر الحكم بالإدانة في الجرائد على نفقة المحكوم عليه، وحينما يتم الاستيلاء على أموال أو أجهزة للمواطن فإن ذلك يمثل جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 والتي تعاقب على استخدام الطرق الاحتيالية والكذب لسلب أموال الضحايا بعقوبة الحبس لمدّة تصل إلى 3 سنوات».
وتابع: «ولكن قد يتعدى الأمر في انتحال الصفة أو انتحال الشخصية التلازم مع جرائم أخرى مثل التحرش، أو الاغتصاب، أو هتك العرض، وأحيانا القتل وهنا جهات التحقيق تكون أمام جرائم متعددة وفي تعدد الجرائم تكون العقوبة للجريمة الأقصى عقوبة طبقا لنص المادة 32 من قانون العقوبات، حيث يكون المعيار هو أن كل تلك الجرائم كانت لهدف إجرامي واحد فإن العقوبة تكون للجريمة الأشد».
وبالانتقال إلى النصائح التي يمكن أن يوجهها للمواطنين، قال المستشار أيمن محفوظ الخبير القانوني: «ننصح المتعاملين مع كافة الوظائف وخاصة التي تتعلق بحياة المواطن أو الدخول إلى منزله أن يتحرى الدقة ويسأل عن حقيقة الشخصية التي يتعامل معها الضحية بكل الوسائل الممكنة، حيث تكون الضحية في أغلب الأحوال مشاركة في الأفعال الإجرامية التي ينتهي بها الجاني باستسلام الضحية له فيجب التيقن من شخصية المتعاملين معهم بكافه الوسائل الممكنة حتى لا نقع ضحايا لمثل هؤلاء المجرمين».