رئيس التحرير
خالد مهران

ماذا قال علي جمعة عن رحلة الإسراء والمعراج؟

النبأ

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن رحلة المعراج هي إعجاز فريد خص الله سبحانه به سيد الخلق سيدنا محمد ﷺ دون غيره من الخلائق، ففي لحظة لطيفة خاطفة صعد من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا، ومنها إلى سدرة المنتهى وهو ما يعد كشفا كليا للغيب، وخروجا كاملا عن قوانين الأرض، وتجاوزا لا تستطيع بلوغه حواس الإنسان ومداركه.

ومما يجدر ذكره في هذه المعجزة الكبرى أنها أخذت بيد النبي ﷺ ليتجاوز عوالم الكون ومحددات الوجود، وهي عوالم الزمان والمكان والأشخاص والأحوال.

أما عالم الزمان: فقد طوى الله عز وجل لنبينا ﷺ الزمان بما لا تبلغه العقول ولا تستوعبه الأفهام إلا إذا أدركت تلك العقول نفحات من الإيمان

وأما عالم المكان: فإنه ﷺ تجاوز كل مكان وصله مخلوق، من نبي مقرب أو ملك مرسل، حيث تجاوز السماوات السبع إلى سدرة المنتهى، إلى حيث شاء الله عز وجل بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

وتجاوز أيضا عالم الأشخاص: مع ما لهم من الحب والكرامة عند الله سبحانه، سواء أكانوا أنبياء أم مرسلين أو ملائكة مقربين، بداية من آدم في السماء الأولى مرورا بعيسى وموسى من أولي العزم حتى أبي الأنبياء خليل الرحمن إبراهيم، بل تجاوز الأمين جبريل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فقال له نبينا ﷺ: أفي هذا المكان يفارق الخليل خليله؟، فأشار جبريل إلى قوله تعالى: (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ).

وبخصوص عالم الأحوال: فقد فاق رسول الرحمة ﷺ كل المقامات، وبلغ أعلى الرتب والدرجات، فإنه تجاوز مراتب المرسلين، ومر على أحوال الملائكة المقربين الذين وصفهم الله بقوله: (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ)، وقال ﷺ عن السماوات: (ما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم)، ولم يتحمل سيدنا جبريل أنوار جلال الله تعالى، فترك رسول الله ﷺ يدخل على تلك الأنوار وحده، ويتلقى الوحي والعلم والفضل من الله عز وجل دون واسطة جبريل، ليفضل الجميع بما تلقاه في تلك الحال، ويتحقق تفرده كما قال سبحانه: (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا).

ولقد ظهرت هذه المعاني كلها بعوالمها الأربعة في قوله تعالى: (وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى).