رغم إلزام الدستور..
لغز تجميد أجهزة الدولة انتخابات المجالس المحلية 15 عامًا
رغم التطورات، والتحركات الأخيرة، التي بلورتها رؤية الحوار الوطني بلجنة المحليات واتفاق القوى الحزبية، بشأن ضرورة سرعة إجراء انتخابات مجالس محلية، بعدما ظلت متوقفة لمدة تزيد عن الـ12 عاما، إلا أنه حتى الآن لم يتم إحراز أي خطوة تذكر من قبل الحكومة تشير بقرب خروج أو تعديل قانون الإدارة المحلية الحالي، رغم أهميته الكبيرة، والتي تجعله يشكل النواة الأساسية لضبط منظومة المحليات وضمان تنفيذ جميع القوانين الخاصة بالمحليات التي صدرت مؤخرًا.
اللافت للأمر، أن تصريحات البرلمان، وخاصة أحمد السجيني رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، بشأن موقف الحكومة تزيد الأمر ضبابية حول مستقبل القانون، ونية الحكومة تجاهه.
وكشف «السجيني»، في تصريحات صادمة، عن أن مشروع قانون انتخابات المجالس المحلية لا يزال مجرد مقترحات تم تقديمها ومناقشتها خلال الحوار الوطني، مع التوصية بإصداره، كما أن الحكومة لم تتقدم حتى الآن بمشروع قانون لمجلس النواب بخصوص انتخابات المجالس المحلية.
وأضاف، أنه من غير المعلوم متى تعتزم الحكومة التقدم بمشروع القانون الذي انتظرناه كثيرا، ونأمل أن يكون ذلك في أقرب وقت ممكن.
ولفت إلى أن التأخير في إصدار قانون الإدارة المحلية يعود إلى أهمية التوافق على النظام الانتخابي، موضحا أن القائمة النسبية والفردي على أرض الواقع تواجه صعوبات كثيرة، خاصة وأن ملف المحليات محكوم بنصوص دستورية حددها الدستور في 9 مواد، وأن المواد الدستورية بدأت بتقسيم الجمهورية لوحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية يقابلها مجلس محلي منتخب.
وتابع: «الدستور أعطى لأعضائه الكثير من الصلاحيات، ومنع تدخل السلطة التنفيذية، ومنع إصدار قرار بالحل وفق قرار إداري شامل، وأعطى صلاحيات واسعة لأول مرة، وهذا يتطلب منا جميعا عند إحداث أي مقاربات أن ندرك نصوصا رشيدة لنحقق المبتغى من هذه الصلاحيات وهي حوكمة الإدارة المحلية».
وبالنظر لدستور 2014، نجد أن المادة «242»، أكدت على استمرار العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه فى الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه، ودون إخلال بأحكام المادة «180» من الدستور، وتحقق المحليات، غرضين أحدهما رقابى وفقا للدستور، وآخر قائم على التدريب وإعداد كوادر جديدة لإعداد جيل جديد قادر على القيادة.
إشكالية القضاء على الفساد
وفي السياق ذاته، قال الدكتور رشدي عبد العظيم، أستاذ الإدارة المحلية، إن دستور 2014 به 9 مواد، بداية من المادة 175 وحتى المادة 183، تتناول النظام المحلي، مشيرا إلى أنه عمل انتخابات محليات يستلزم تعديل قانون الإدارة المحلية، الصادر منذ عام 1943.
وأضاف، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن تعطل القانون، يعود إلى وجود مادة تنص على أن جميع الأدوات المتاحة للبرلمان هى نفسها صلاحيات المجالس المحلية المنتخبة والتي حددت أن يكون من ضمن شروط الترشيح في انتخابات المجالس المحلية أن يكون عمر العضو 21 سنة، وأن يكون حاصلا على الابتدائية، متسائلًا: «كيف يسحب الثقة الحاصل على الابتدائية من صاحب قرار وهذه تعد إشكالية أخرى».
وتابع، أن الحكومة ما زالت تعمل وفق القانون 1943، ومنذ عام 2008 لا يوجد مجالس شعبية، مشيرا إلى أنه كان من المفترض أن تكون أول خطوة هو عمل تعديل تشريعي لقانون الإدارة المحلية، وبناء عليه نستطيع عمل انتخابات فعلية وتشكيل مجالس شعبية محلية، حتى تتمكن من تفعيل سلطات سحب الثقة والاستحواذ وتقديم الثقة، مشيرا إلى أنه برلمان مصغر على المستوى المحلي.
وأشار أستاذ الإدارة المحلية، إلى أن الحكومة تعتبر لم تبدأ بعد في أي ملفات مرتبطة بالمحليات ما دام لم يتم تعديل قانون الإدارة المحلية، معقبًا: «للأسف انشغلنا بمشاكلنا الاقتصادية، وحرب غزة وكذلك الانتخابات الرئاسية»، مضيفًا: «أتوقع أنه لن يخرج القانون قبل عام 2025».
وأرجع «عبد العظيم»، فشل تطبيق قوانين المحليات أبرزها المحال التجارية والسايس، لعدم صدور قانون الإدارة المحلية، وعدم وجود مجالس شعبية منتخبة تكون مهمتها الرقابة والمتابعة، خاصة في ظل فساد بعض الموظفين في المحليات، مشيرًا إلى أن هذه الإشكالية كانت سبب صدور مواد تشكيل المجالس المحلية في الدستور.
بدوره، قال الدكتور صبري الجندي، خبير الإدارة المحلية، إن هناك نصا دستوريا، ينص على أن يكون هناك مجالس محلية، ابتداء من مستوى القرية، وحتى مستوى المحافظة، بحيث يكون هناك مجلس محلى وكذلك في القرية، والمدينة، والمحافظة، بحيث يتراوح عدد أعضائهم من 56 لـ57 ألف عضو على مستوى الجمهورية، وهذا رقم كبير.
وأضاف، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أنه لم يتم عمل انتخابات المجالس المحلية منذ أكثر من 10 سنوات، رغم أن الدستور ألزم بتشكيل هذه المجالس.
وأشار إلى أن غياب المحليات تسبب في قيام أعضاء مجلس النواب بدور أعضاء المجالس المحلية، وأصبح من دوره أن يبحث عن إيصال الخدمات، متابعًا: «بقى بيلف على مجلس المدينة ويقولوهم دخلوا صرف صحي ودي مش شغلانته لأن الدور الأساسي لعضو البرلمان هو التشريع وإصدار القوانين».
وأشار إلى أن الدولة ستضطر في نهاية المطاف إلى تنفيذ النص الدستوري؛ لأن هذا الإلزام هو آخر ما تبقى لتنفيذه، مضيفا أنه على الرغم أن انتخابات المجلس المحلية تكبد الدولة ملايين الجنيهات، إلا أنه ليس السبب الحقيقي للتأجيل لأنه تم عمل مجلس الشيوخ على الرغم أنه أقل أهمية منه.