ثورة غضب بين المواطنين والشركات بسبب حد السحب اليومى من البنوك
بدأت البنوك المصرية، خلال الأيام السابقة، في تنفيذ قرار البنك المركزي الجديد بشأن حدود السحب اليومي من البنوك للأفراد والشركات، والتي تم إقرارها بنحو 150 ألف جنيه لضبط الأسواق، وتنظيم السيولة المالية، في ظل ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء.
كما ذكر البنك المركزي أنه فيما يخص الاستثناءات المرفقة في حدود السحب اليومي من البنوك للأفراد، في حالة تجاوز مبلغ السحب النقدي اليومي مبلغ 150 ألف جنيه يتم الرجوع لقطاع التطابق والالتزام، للحصول على موافقة البنك المركزي المصري.
وأثار قرار تحديد حد السحب اليومي لـ150 ألف جنيه حالة من الذعر والقلق بين المواطنين، فضلا على أنه يعيق مصالح الشركات والأفراد، ما أحدث ارتباكا شديدا في الأسواق، كما ازدادت الشكاوى، في الفترة الأخيرة، بشأن سحب أكثر من 150 ألف جنيه خاصة أن هناك العديد من الشركات تعتمد على سحب أكثر من المبلغ المحدد بشكل يومي وتنتظر بالأيام لتوفير احتياجاتها.
لا نحتمل أي أعباء
وتحدثت «النبأ» مع بعض المواطنين بشأن هذه القرار، وقال أحد المواطنين إن قرار تحديد حد السحب اليومي لـ150 ألف جنيه يعيق مصالحه الشخصية، مشيرا إلى أنه عند ذهابه إلى أحد البنوك لتسديد ثمن عربية مخصصة لذوى الاحتياجات الخاصة واجه صعوبة في سحب أكثر من 150 ألف جنيه وانتظر أكثر من 3 أيام، مما خسره الكثير من مصروفات في الإقامة، وزيادة مصروفات أرضية الميناء، مطالبا بحل هذه المشكلة في أسرع وقت لأننا لا نحتمل أي أعباء.
وأضاف آخر، أنه تضرر من قرار تحديد حد السحب اليومي في تجارته وخسر كثيرا، فضلا عن انخفاض قيمة الجنيه يوميا وارتفاع الدولار في السوق السوداء، مناشدا المسؤولين بوضع حل لهذه المشكلة والتيسير على المواطنين.
أموال الحجاج موجودة بالبنوك
وفي نفس السياق، قال وائل محمد أحمد صاحب إحدى شركات السياحة، إن قرار تحديد السحب اليومي من البنوك للأفراد والشركات، والتي تم إقرارها بنحو 150 ألف جنيه يؤرق أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة، لافتا إلى أنه يواجه صعوبة كبيرة في سحب نصف مليون جنيه في اليوم، حيث إنه يضطر إلى سحبه في 4 أيام مما يؤجل أعمالا كثيرة ومعاملات.
وأضاف «محمد»، أنه في السابق كان حد السحب قليل أيضا ولكنه كان متروكا لموافقة مديري البنوك، ولكن الآن بات الأمر إجباريا مما يعيق مصالحنا وحياتنا.
وتابع، أن الأزمة حاليًا لا تتمثل في زيادة السعر فقط، ولكنها تتمثل في أن أموال الحجاج موجودة بالبنوك ولا تستطيع الشركات صرفها، لأن حد السحب اليومي 150 ألف جنيه.
وأكد صاحب إحدى شركات السياحة، أن هناك موسم الحج وأعمال أخرى كثيرة مرتبطة بحد السحب اليومي للشركات ستواجه صعوبة شديدة في الفترة القادمة، مشيرا إلى أنه لا يعترض على أن الدولة تأخذ جميع التدابير اللازمة لضبط الأسواق وسعر الصرف ولكنه يطالب بالنظر لبعض الارتباطات الخاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تجد صعوبة بالغة في التنافسية في ظل الوضع الراهن، وعدم الإطالة في هذا القرار.
صعوبة في توفير احتياجاتها اليومية
ومن جانبه، قال على حسين صاحب شركة توريد أجهزة طبية، إن مشكلة حد السحب باتت مشكلة تعيق أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة، مضيفا أن المبلغ غير كاف للمعاملات اليومية.
وأضاف «حسين»، أن هذا القرار الموضوع ليس جديدا، ولكن كان في السابق يتم السحب أكثر من 150 ألفا بعد موافقة مدير البنك ولكن الآن القرار أصبح أكثر تعقيدا بموافقة البنك المركزي، مما يؤثر على العمل وتوفير المتطلبات اليومية، مؤكدا أنه يواجه صعوبة كبيرة في سحب مبالغ كبيرة لسداد طلبيات الأجهزة الطبية مما يكلفه مصروفات أخرى، فضلا عن انتظاره بأكثر من 5 أيام.
وناشد المسؤولين النظر في هذا الأمر، موضحا أن السوق في حالة صعبة حاليا بعد ارتفاع سعر الدولار، متمنيا أن هذا القرار لا يدوم لأن الشركات تواجه صعوبة كبيرة في توفير احتياجاتها اليومية.
مكافحة غسيل الأموال
من جهته، قال السيد خضر الخبير الاقتصادى ومدرس الاقتصاد بمعهد الجزيرة العالى بالمقطم، إن قرار البنك المركزي في تحديد الحد الأقصى للسحب من البنوك في مصر يأتي بهدف تنظيم السيولة المالية في البلاد وضمان استقرار النظام المالي من خلال ضبط السيولة، حيث يساعد تحديد الحد الأقصى للسحب في ضبط كمية النقد المتداول في الاقتصاد، ويمكن لعمليات السحب الكبيرة أن تؤدي إلى نقص في السيولة وتعريض النظام المالي للضغوط، ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأضاف «خضر»، أن الحد الأقصى للسحب يعمل على تشجيع استخدام الوسائل الإلكترونية والتكنولوجية في العمليات المالية، مما يعزز الكفاءة والتطور التكنولوجي في النظام المالي، كذلك التحكم في التضخم من خلال تقييد عمليات السحب النقدية الكبيرة، ويمكن للبنك المركزي أن يساهم في الحد من التضخم النقدي والحفاظ على استقرار الأسعار، كما يحد من احتمالات حدوث أزمات مصرفية.
وأشار إلى أن القرار سيؤثر على الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث قد يكون لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة اعتماد أكبر على السحب النقدي لإدارة تشغيلها اليومي، لذلك يواجهون صعوبة في الحصول على التمويل النقدي اللازم للاستمرار في عملياتهم ونموهم.
وتابع «الخبير الاقتصادى»، أن عملية تحديد الحد الأقصى للسحب يكون له تأثيرات سلبية على الاقتصاد، ومنها قلة السيولة، حيث إذا تم تحديد الحد الأقصى للسحب بشكل صارم ومنخفض جدا فقد يؤدي ذلك إلى نقص السيولة في الاقتصاد، حيث يواجه الأفراد والشركات صعوبة في الحصول على النقد اللازم لتنفيذ المعاملات التجارية وتلبية احتياجاتهم اليومية، وتباطؤ النمو الاقتصادي، ويقلل من الاستثمارات والنشاط التجاري ويعوق قدرة الشركات على توسيع أعمالها وخلق فرص عمل جديدة، وخلق ضغوط على الشركات والأفراد إذا كان لدى الشركات والأفراد حاجة ملحة لسحبات نقدية كبيرة، فقد يتعذر عليهم تلبية احتياجاتهم المالية قد يتعرضون لضغوط مالية ويجدون صعوبة في سداد الديون أو تمويل أنشطتهم، حيث يتأثر قطاعات مختلفة مثل التجزئة والسياحة والضيافة بشكل سلبي، إذ يعتمدون بشكل كبير على التدفقات النقدية.
رصد مخالفات عديدة
وفي سياق متصل، قال محمد عادل نائب بالبنك المركزي، إن هذا القرار يأتي لحرص الدولة على ضبط الأسواق من الممارسات الخاطئة من الأفراد، مضيفا أن الحدود القصوى للسحب النقدي اليومي من فروع البنوك بقيمة 150 ألف جنيه ليست جديدة ومطبقة من 2022 على الأفراد والشركات، ولكن إلزام المركزي بالحصول على موافقته عند تجاوز العميل الحد الأقصى للسحب بدلا من سلطة مدير الفرع جاءت بعد وجود مخالفات عديدة من بعض العملاء.
وأضاف «عادل»، أنه تم رصد مخالفات عديدة من العملاء للتعليمات الصادرة من فترة ولذلك أعاد البنك المركزي التأكيد على التعليمات وأن تكون الموافقة على تجاوز العميل الحد الأقصى للسحب النقدي اليومي من خلاله وليس من خلال مدير الفرع.
وأكد أن هذا القرار لا يحد من احتياجات العملاء على توفير السيولة المعقولة لمواجهة متطلباتهم اليومية للعميل سواء الفرد أو الشركة الواحدة، ولكن ما يزيد عن ذلك الحد يمكن تسوية المعاملة من خلال التحويلات الإلكترونية وعلى رأسها الشبكة القومية للمدفوعات اللحظية عبر تطبيق «إنستاباي» وفق الحدود القصوى اليومية والشهرية.
وتابع «نائب في البنك المركزي»، أنه في أقرب وقت بعد ضبط الأسواق والقضاء على السوق السوداء وحل المشكلة التى تؤرق الجميع سوف يعود حد السحب إلى سابق عهده.