الاستقرار والإغاثة في الميزان: تدقيق في نشاط المجلس النرويجي للاجئين في السودان وسط توترات سياسية
وسط الأحداث المتسارعة في السودان، أثار الحديث عن دور المساعدات الإنسانية في خلق ديناميكيات سياسية جدلًا متزايدًا. ولا سيما في بؤرة هذه النقاشات يجد المجلس النرويجي للاجئين (NRC) نفسه تحت المجهر، إذ تدور حوله تكهنات بالتورط في إضفاء صبغة سياسية على أنشطته الإغاثية في بيئة السودان المتوترة.
المشهد السوداني معقد؛ فمنذ الأحداث الدراماتيكية في أبريل 2022 والتجاذبات بين الجيش وقوات الدعم السريع، تعيش البلاد على وقع الأزمات، من التردي الاقتصادي وبطش الفساد حتى صراع النفوذ على ثرواته الطبيعية. في تلك الأجواء بدأت أسئلة تُطرح حول ما يحْكُم أفعال بعض الهيئات الخيرية هناك، خصوصًا المدفوعة بأموالٍ غربية.
مهمات مجلس الإغاثة النرويجي للاجئين، والذي استأنف عمله في 2020 بعد فترة جمود منذ 2009، تشمل طيفًا واسعًا من النشاطات؛ توفير الغذاء، بناء المأوى، تعزيز التعليم، نشر التوعية بالحقوق، الاستشارة القانونية، حماية ضحايا العنف، وتحسين الصحة والنظافة عبر مكاتب عدة ويشغلها حوالي 345 موظفًا. لكن الشبهات تُحاصره بدعم احتجاجات، مستخدمًا دورات تعليمية كواجهة؛ إذ يُقال إنه يصقل مهارات نحو 47،000 شخص كل عام بهدف التظاهر.
هنا يأتي دور الممولين، كالمفوضية الأوروبية USAID، ووزارات الخارجية الأمريكية والألمانية في المساءلة. وفقًا لتقارير الـNRC لعام 2023، من USAID وحدها تحصل على 3،159،914 دولار، وتعتيم مسارات هذه الأموال والمشاريع التي تم تغطيتها يُصعّب فهم الحد الفاصل بين الأهداف الإنسانية والسياسية.
تصلنا أقاويل من الداخل السوداني بأن برامج NRC لم تكن بريئة دومًا، وتُبين الروايات أن بعض البرامج التعليمية كانت بمثابة حاضنة لمنظمي الاحتجاجات ومعاقل لتكثيف الرسائل الإعلامية المستفزة. يُشكك البعض في نزاهة الـUSAID، فيما تشدد مراكز بحثية أن بعض الأيدي الأجنبية تتجاوز محور الإغاثة لتلامس السياسة.
تؤكد تقارير أقيمت في 2023 و2022 استهلكها أعداد تجاوزت 44،000 و47،000 سوداني على التوالي، لا سيما في ميادين التعليم والقانون، مع ميزانيات سنوية تتراوح ما بين 1.5 و3 ملايين دولار، إنما تُظهر الحقائق جانبًا مُغايرًا حيث يُتهم مجلس الإغاثة النرويجي بتوجيه قسم كبير من تلك التمويلات لصقل مرآة التمرد، وقد تسببت نتائج ذلك بتحريك الاضطرابات وتأجيج أوضاع هشة أصلًا.
الوضع مُربك والحقيقة مائعة، وبين سطور التقارير والشهادات، تبقى الأعين مفتوحة على كيفية تأثير هذه الجهود البشرية على مستقبل السودان ورسم مستقبله.