رئيس التحرير
خالد مهران

كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق فى حوار لـ«النبأ»: باق 90 ثانية على نهاية العالم حسب ساعة يوم القيامة النووية

الكاتب الصحفي على
الكاتب الصحفي على الهواري يحاور الدكتور يسري أبو شادي

واشنطن وراء تأخر مشروع مصر النووى لأكثر من خمسين عاما

يحيى المشد عالم فذ.. وهذا سبب اغتياله فى باريس

علاقتي بـ«البرادعى» وصلت لطريق مسدود

الإعلام مشغول بـ«الكورة» ولا يهتم بالعلماء

هذا سر استعانة مصر بروسيا لبناء مفاعل الضبعة

إسرائيل تمتلك أكثر من 100 قنبلة ذرية جاهزة و6 مفاعلات نووية سرية 

إيران تستطيع تصنيع 6 قنابل ذرية خلال شهرين

مفاعل الضبعة وضع مصر على الخريطة النووية العالمية 

يحسب للرئيس السيسي إصراره على تنفيذ مشروع الضبعة النووي

تجربة جنوب إفريقيا الحل الوحيد لتفكيك البرنامج النووي الإسرائيلى 

كنت أتمنى أن تستفيد بلدى من علمى

كل خبراتي فى المجال النووى «هتترمي فى الزبالة»

هذا هو سبب استقالتي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووضعي فى «البلاك ليست»

فى حرب 1973 كان لدى إسرائيل 11 طائرة فانتوم محملة بـ11 قنبلة ذرية

لهذه الأسباب..كارثة «تشيرنوبيل» لن تتكرر

تقنيات الذكاء الاصطناعى ستدير مفاعل الضبعة النووى

محطة واحدة فى مفاعل الضبعة تعادل ما ينتجه السد العالى من الكهرباء

لهذه الأسباب.. لا يستطيع الإرهابيون تفجير المفاعلات النووية الجديدة 

 

قال الدكتور يسري أبو شادي، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق وأحد كبار خبراء الطاقة النووية بالأمم المتحدة وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الولايات المتحدة الأمريكية تحارب البرنامج النووي المصري، مشيرا إلى أن تعطيل البرنامج النووي المصري كان من أهم أهداف ثورات الربيع العربي.

وأضاف «أبو شادي»، في حوار لـ«النبأ»، أن مفاعل الضبعة وضع مصر على الخريطة النووية العالمية، وأنه يحسب للرئيس عبد الفتاح السيسي إصراره على تنفيذ هذا المشروع، لافتا إلى أن مصر أبرمت أفضل اتفاق نووي دون أن تدفع مليما واحدا.. وإلى تفاصيل الحوار

في البداية ما تعليقكم على قيام الرئيس السيسي ونظيره الروسي بوتين بالمشاركة في مراسم عملية الصبة الخرسانية الأولى التي سوف تستخدم كأساس للوحدة النووية الرابعة من محطة الضبعة للطاقة النووية وماذا يعني ذلك؟

أنا سعيد جدا بهذا الحدث، وهو حدث هام جدا، وهذا يعني أن هناك 4 مفاعلات نووية تحت البناء، وهذا وضع مصر على الخريطة النووية العالمية، ومشاركة الرئيسين السيسي وبوتين يدل على أهمية هذا الحدث وأهمية التعاون المصري الروسي في بناء هذا المشروع، وهذا المشروع سوف يدخل مصر في مجال آخر جديد، وسوف يغير كل الموازين، رغم أن هذا المشروع تأخر، لكن الحمد لله تم تدارك الأمر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

البعض يقول إن الطاقة النووية لم تعد المصدر الرئيسي للطاقة وأن هناك مصادر أخرى نظيفة واقتصادية.. تعليقكم على ذلك؟

عدد المفاعلات النووية في العالم انخفض الشهور الماضية من 450 إلى 414 مفاعلا، لكن في المقابل هناك ما يقرب من 70 مفاعلا نوويا تحت الإنشاء في العالم الآن، وبالتالي الذين يزعمون أن الطاقة النووية تتلاشى أو تقل مخطئون، الطاقة النووية في الدول الغربية وصلت لمرحلة التشبع، أمريكا كان لديها نحو 130 مفاعلا نوويا، الآن أصبح لديها نحو 93 مفاعلا نوويا، وألمانيا أوقفت المفاعلات الخاصة بها، وبالتالي الغرب بعد أن وصل لأرقام عالية جدا في بناء المفاعلات النووية بدأ يتوقف لأسباب مختلفة، لكن بالنسبة للشرق والجنوب هناك تزايد في الاهتمام بالطاقة النووية، فالصين أصبح لديها الآن ما يقرب من 56 مفاعلا نوويا، وعلى وشك أن تصبح الدولة الثانية بعد أمريكا في عدد المفاعلات النووية، وبعد عشر سنوات سوف تصبح الأولى في عدد المفاعلات النووية في العالم، وفي الشرق الأوسط هناك تركيا ومصر والإمارات والمملكة العربية السعودية وإيران، ومن الدول الإفريقية هناك نيجيريا وجنوب إفريقيا، بدأت الدخول بقوة للمجال النووي، وبالتالي الطاقة النووية قادمة وبصورة كبيرة جدا في الشرق والجنوب، الطاقة الأحفورية التي تعتمد على الفحم والبترول والغاز طاقة شديدة التلوث للبيئة، والكل يعاني من هذه الطاقة الملوثة، والكل يسعى إلى التقليل من الطاقة الملوثة للبيئة من خلال الطاقة النظيفة والمتجددة، وهي طاقة الرياح والشمس والمياه والطاقة النووية، والطاقة النووية هي طاقة غير ملوثة، ولا يصدر عنها أي غازات سامة ولا ثاني أكسيد الكربون، حتى الإشعاعات التي تخرج من المحطة النووية لا تذكر بالنسبة للوضع الطبيعي لتشغيل المفاعل.

لكن البعض دائما يستدعي حادثة أو كارثة مفاعل تشيرنوبيل؟

كارثة تشيرنوبيل لن تتكرر مرة أخرى، وهذا النوع من المفاعلات النووية انتهى من العالم، ولا علاقة له بالمفاعلات التي تقوم مصر ببنائها، الطاقة النووية تمثل ثلث الطاقة النظيفة في العالم اليوم، وهي واعدة جدا واقتصادية، تكلفة بناء المفاعلات مرتفعة، لكن على المدى الطويل وقود المفاعلات سيكون أرخص بكثير من مصادر الطاقة الأخرى مثل الغاز والبترول، ومتوسط عمر المحطة النووية نحو 70 سنة، عكس المحطات العادية التي لا تعيش أكثر من 20 سنة، والمحطة النووية اقتصاديا ممتازة.

ماذا عن المفاعلات النووية التي تقوم روسيا ببنائها في محطة الضبعة؟

أنا كخبير نووي أرى أن مصر أبرمت أفضل اتفاق نووي على الإطلاق، قيمة العقد 25 مليار دولار، عبارة عن قرض، يتم سداده على مدار 25 عاما، وسيتم دفع أول قسط من هذا القرض بعد 4 سنوات من الانتهاء من بناء آخر محطة نووية، وبالتالي مصر لن تدفع مليما واحدا من هذا القرض، لأنه خلال ست سنوات سوف يتم تحصيل ثمن المحطة، علما بأن هذه المحطات الأربعة سوف تنتج خمسة آلاف ميجاوات من الكهرباء، وبالتالي هذا المشروع رائع من الناحية الاقتصادية، ونظيف ويحقق كل المواصفات المطلوبة على مستوى العالم.

البعض يقارن هذا المشروع بالسد العالي.. كيف ترون ذلك؟

من المفترض أن القدرة الإنتاجية القصوى من الكهرباء للسد العالي هي 2400 ميجاوات في السنة، لكن الحقيقة أن ما ينتجه السد العالي من الكهرباء أقل 50% من هذا الرقم، بسبب أن إنتاج الكهرباء من السد العالي يعتمد على قوة اندفاع المياه، ومعروف أن مستوى ارتفاع المياه في بحيرة ناصر في السدة الشتوية يكون منخفضا لعدم وجود أمطار، وفي هذه الحالة الكهرباء التي تخرج من السد العالي تقل، لكن المحطة النووية الواحدة تنتج 1200 ميجاوات من الكهرباء سنويًا، وتعمل طول السنة دون توقف، وهذا من أهم ميزات المحطات النووية، ومن ثم الكهرباء التي تخرج من محطة واحدة في مفاعل الضبعة تعادل ما يتم إنتاجه من الكهرباء من السد العالي. 

لكن ما الفرق بين المحطات النووية ومحطات الكهرباء الثلاثة التي قامت شركة سيمنس ببنائها في مصر الفترة الماضية والتي تصل قدرتها الإنتاجية من الكهرباء للمحطة الواحدة إلى 4800 ميجاوات سنويا أي قيمة ما تنتجه المفاعلات النووية الأربعة في محطة الضبعة؟

واقعيا محطات الكهرباء التي قامت شركة سيمنس ببنائها تنتج 50% فقط من قدرتها الإنتاجية، أي أن المحطة الواحدة تنتج 2400 ميجاوات سنويا وليس 4800 ميجاوات، لذلك رأينا الكهرباء تنقطع بصفة مستمرة الفترة الأخيرة؛ بسبب عدم وجود غاز طبيعي أو مازوت كاف لتشغيل هذه المحطات، ومصر ليست لديها القدرة لشراء المازوت أو الغاز الطبيعي لتشغيل هذه المحطات لأنه غال جدا، ويحتاج إلى وجود عملة صعبة، وتكلفة تشغيل محطة الكهرباء الواحدة نحو مليار دولار سنويا، لكن تشغيل المحطة النووية الواحدة يكلف الدولة 50 مليون دولار سنويا، ثمن وقود اليورانيوم، وهذا الوقود يأتي من روسيا، وبالتالي المحطات النووية أفضل كثيرا من الناحية الاقتصادية من أي محطات تقليدية أخرى.

البعض يقول إن مصر لو دخلت عصر الطاقة النووية منذ 1981 لما أصبحت تعاني من أزمة كهرباء الآن.. تعليقكم؟

بالقطع، لم نكن لنصل لمرحلة انقطاع الكهرباء، لأن محطات الكهرباء التقليدية تحتاج كل يوم إلى غاز ومازوت، ومشاكلها كثيرة جدا، لكن في المحطات النووية يتم تغيير ربع الوقود مرة واحدة في السنة، والمفاعل شغال الـ24 ساعة طوال السنة، وبالتالي لم نكن لنعاني من أي مشكلة في الكهرباء أو الطاقة، علمًا بأن حلم المشروع النووي المصري بدأ منذ بداية ستينيات القرن الماضي وليس منذ الثمانينيات.

هل سيتم توظيف التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي في المفاعلات النووية الجديدة؟

بالتأكيد، لا سيما بعد أخطاء مفاعل تشيرنوبيل؛ لأن كارثة مفاعل تشيرنوبيل كانت ناتجة عن خطأ بشري، التكنولوجيا النووية تطورت بشكل كبير جدا، تطورات كبيرة حدثت في صناعة المفاعلات وزيادة الأمان النووي، والمفاعلات التي سوف تستخدمها مصر من الجيل الأكثر أمانا، لأنها من المفاعلات التي تنتمي إلى الجيل الثالث المتطور، وهو أحدث جيل في صناعة المفاعلات النووية، وتدخل العنصر البشري في تشغيل المفاعلات الجديدة ضئيل جدا، حتى أن الإرهابيين أصبحوا لا يستطيعون تفجير هذه المفاعلات، لأن ذكاء هذه المفاعلات أصبح يفوق ذكاء الإرهابيين، وهناك استخدامات أخرى للمفاعلات النووية بدأ التفكير فيها بخلاف الكهرباء مثل تحلية المياه، لا سيما وأن مصر في حاجة شديدة إلى تحلية المياه، والمفاعلات الجديدة تستطيع تحلية المياه، وهذه المياه للشرب وليس للزراعة.

لماذا تستعين مصر بروسيا في المفاعلات النووية رغم وجود الكثير من الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية والصين وغيرهم؟

أنا اقترحت على الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تقوم روسيا ببناء مفاعل الضبعة النووي، من بين خمس دول هي، الولايات المتحدة الأمريكية وهي في النازل في موضوع المفاعلات النووية، وفرنسا ودخلت في مشاكل فنية كبيرة، والصين وهي دولة قادمة في مجال بناء المفاعلات النووية، وأيضا كوريا الجنوبية، وهي التي قامت ببناء 4 مفاعلات في الإمارات، وكانت منافسا قويا لروسيا، وأنا لم أنصح الرئيس السيسي بكوريا الجنوبية لأن معظم تراخيصها من شركات أمريكية، والشركات الأمريكية لا يمكن أن تعطى هذه التراخيص دون موافقة الحكومة الأمريكية، وهذا سوف يدخلنا في لفة كبيرة مع الحكومة الأمريكية التي تسببت في تأخير البرنامج النووي المصري لمدة خمسين عاما أو أكثر، وفي 2011 مصر كانت على وشك بناء محطة الضبعة النووية في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ومصر كانت ستوقع اتفاق بناء محطة الضبعة يوم 25 يناير 2011، لكن جاءت أحداث 25 يناير 2011 وعطلت الموضوع، وأعتقد أن أحداث 25 يناير 2011 كان لها علاقة بتعطيل البرنام ج النووي المصري، وأنا سلمت المهندس إبراهيم محلب حينما كان رئيسا للوزراء كل التفاصيل، وقلت له إن الشركة الروسية «روساتوم» هي أفضل شركة في العالم حاليا في مجال المفاعلات النووية، وأنه لا داع لتضييع الوقت مرة أخرى، والحقيقة أن الرئيس السيسي حسن علاقته جدا مع روسيا والرئيس بوتين، والروس منحوا مصر تسهيلات كبيرة لأن مصر لها وضع خاص لدى الروس، وأمريكا تخشى من المفاعلات النووية المصرية، وتحارب البرنامج النووي المصري، أمريكا وإسرائيل وبعض الدول الأخرى يهمهم جدا عدم دخول مصر في المجال النووي.

هل تقصد أن ثورة يناير 2011 كانت مؤامرة أمريكية لتعطيل البرنامج النووي المصري؟

أمريكا هي التي خططت ودعمت ثورات الربيع العربي، والتي كان من أهم أهدافها تعطيل البرنامج النووي المصري.

وماذا عن البرنامج النووي الإيراني؟

إيران تخطت العتبة النووية لتصنيع سلاح نووي، بمعني أنها تستطيع الآن صناعة الأسلحة النووية، عندها كميات ضخمة جدا من اليورانيوم عالي التخصيب واليورانيوم الخام، إيران تستطيع تصنيع سلاح نووي خلال أسبوعين، تستطيع تصنيع 6 قنابل ذرية خلال شهرين، لأن مستوى تخصيب اليورانيوم عندها وصل إلى 60% وتستطيع رفع مستوى التخصيب إلى 90% خلال شهر، وبالتالي لا بد من التعامل مع إيران على أنها دولة لديها قدرات تصنيع سلاح نووي.

كيف ترى تصريح وزير التراث الإسرائيلي بضرب غزة بقنبلة نووية؟

لا أحد في العالم يشك في أن إسرائيل تمتلك كمية كبيرة من الأسلحة النووية، لكن إسرائيل ترفض تماما التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، أو حتى الاعتراف بامتلاك أسلحة نووية، وبالتالي لا بد من التفكير في حلول أخرى، وأنا اقترحت تكرار تجربة جنوب إفريقيا بين الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل تفكيك السلاح النووي الذي تمتلكه إسرائيل، وذلك من خلال إقامة دولة واحدة على أرض فلسطين التاريخية تضم الفلسطينيين والإسرائيليين، خاصة وأن هناك أكثر من 2 مليون فلسطيني حاصلون على الجنسية الإسرائيلية، بعضهم يحارب مع الجيش الإسرائيلي، فلماذا لا يتم منح باقي الفلسطينيين الجنسية الإسرائيلية وتصبح فلسطين التاريخية دولة واحدة؟، لكن هذا السيناريو تم رفضه من الجانبين، الإسرائيلي والعربي، والرفض كان أكبر من جانب الدول العربية التي تريد إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وأنا هنا أتساءل: أين هي الدولة الفلسطينية؟

ما عدد القنابل الذرية التي تمتلكها إسرائيل؟

إسرائيل تمتلك أكثر من 100 قنبلة ذرية جاهزة، في حرب 1973 إسرائيل كان لديها 11 طائرة فانتوم محملة بـ11 قنبلة ذرية، على أهبة الاستعداد، ولكن لم تستخدمها لأن الولايات المتحدة الأمريكية أمدتها بالسلاح، إسرائيل لديها مفاعلات نووية على رأسها ديمونة، لكن هذا المفاعل استهلك بشكل كبير وأصبح فيه مشاكل، لذلك قيل إن هناك 6 مفاعلات سرية لدى إسرائيل وأنا لا أستبعد ذلك، وإسرائيل تقدمت جدا في مجال التخصيب، إسرائيل لديها علماء كبار جدا في مجال الليزر تكنولوجي، وهم أفضل علماء على مستوى العالم في التخصيب بالليزر، وساعدوا بعض الدول الأخرى ومنها جنوب إفريقيا، أعتقد أن إسرائيل أصبحت تمتلك طرقا أخرى لإنتاج القنابل النووية غير المفاعلات النووية، منها التخصيب، ولا أستبعد أن يكون عندهم قنابل هيدروجينية، كل اليهود في العالم يساعدون إسرائيل، إسرائيل تمتلك التكنولوجيا الخاصة بإنتاج الأسلحة النووية والهيدروجينية.

تحدثت عن نهاية العالم وعن الساعة النووية أو الذرية وعن ساعة يوم القيامة؟

ساعة يوم القيامة تختلف عن الساعة الذرية، الساعة الذرية هي ساعة حقيقية يمكن لأي شخص اقتنائها واستخدامها، وهي موجودة في عدة دول منها مصر، لكن سعرها مرتفع جدا، أما ساعة يوم القيامة فهي ساعة رمزية، علماء مانهاتن الذين اخترعوا القنابل الذرية، ومنهم روبرت أوبنهايمر وأينشتاين، ضميرهم نبهم في 1954 بعد أن شاهدوا الدمار الذي تسببوا فيه، وحاولوا وقف القنابل الذرية، لكنهم فشلوا، فقاموا بعمل مجلة، وقاموا برسم ساعة بها عقارب، وحددوا يوم القيامة بالساعة 12، هذه العقارب تزيد وتقل من الساعة 12 حسب الخطورة، فمثلا في الأزمة الكوبية كان يوم القيامة على بعد 7 دقائق من الساعة 12، وبعد حل الاتحاد السوفيتي وخفض عدد القنابل الذرية من 80 ألف قنبلة إلى 15 ألف قنبلة كانت يوم القيامة على بعد 17 دقيقة من الساعة 12، وبعد حرب أوكرانيا وتصريحات وزير التراث الإسرائيلي وفيروس كورونا، جعلوا يوم القيامة على بعد 90 ثانية، أي دقيقة ونصف من الساعة 12، أو من نهاية العالم، وهذه الساعة يتم تغييرها كل 6 أشهر.

مصر تخطط للتحول إلى مركز إقليمي وعالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.. ما العلاقة بين الهيدروجين الأخضر والطاقة النووية؟

الطاقة النووية تستخدم في إنتاج الهيدروجين الأخضر، والهيدروجين الأخضر المستخرج من الطاقة النووية أكثر نظافة بكثير من مصادر الطاقة الأخرى مثل البنزين والغاز الطبيعي والكهرباء، كما أنه غير ملوث للبيئة مثل مصادر الطاقة الأخرى، من هنا جاء اهتمام مصر والعالم الكبير بالهيدروجين الأخضر.

وهل ترى أن الدول العربية تأخرت في الدخول للعصر النووي؟

الأنظمة العربية السابقة ارتكبت خطأ جسيما في تأخيرها الدخول لعصر الطاقة النووية السلمية لأهميتها البالغة، وهذا التأخير كان لأسباب سياسية وليس اقتصادية، لكن الآن تم تدارك هذا الخطأ، فالكثير من الدول العربية وعلى رأسها مصر والإمارات بدأت الدخول بقوة في هذا المجال، ويحسب للرئيس السيسي إصراره على تنفيذ هذا المشروع. 

هل هناك برنامج نووي سوري؟

البرنامج النووي السوري كان سبب استقالتي من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسبب اختلافي مع محمد البرادعي والأمريكان، وبسببه تم وضعي في «Blacklist» أو القائمة السوداء حتى اليوم، لأنني كنت مقتنع تماما وعلى يقين علمي وفني أنه لا يوجد برنامج نووي سوري، وأنها أكذوبة خلقتها المخابرات الأمريكية من أجل ضرب سوريا، وقد حدث، وحتى الآن هذا الاتهام لا يزال موجودا رغم أن الأمريكان يسيطرون الآن على منطقة الكبر في وادي الزور، وهي المنطقة التي ادعى الأمريكان أن فيها مشروعا نوويا سوريا، وهذا يثير الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام. 

هل ما زالت علاقتك بالدكتور محمد البرادعي مقطوعة؟

نحن نسكن في مدينة واحدة في النمسا، والعلاقات بيننا لا تزال مقطوعة تماما، أنا كاشفه كويس وعارف تاريخه، لذلك هو رفض مواجهتي أمام الإعلام، ورفض إجراء أي مناظرات بيني وبينه، لأنه يعلم أنه سوف يخسرها مليون في المئة.

لكن إذا طلبت الدولة الاستفادة من خبراتك وخبراته في المجال النووي فهل  من الممكن أن تجلس معه؟

هو راجل محامي وحاصل على الدكتوراه في القانون البحري ولا علاقة له بالنووي، الأمريكان هم اللي جابوه الوكالة، وأنا أرفض أن تستعين به مصر في أي شيء، عندما تم تعيينه نائب لرئيس الجمهورية رفضت. 

ما علاقتك بالعالم المصري يحيى المشد وما قصة اغتياله؟

الدكتور يحيي المشد أفضل عالم عربي نووي في الشرق الأوسط، عاشرته وعملت معه، وحصلت على الماجستير والدكتوراه معه من فرنسا، هو عالم فذ عنده فكر كامل متكامل، وكان مسئولا عن المفاعل النووي العراقي، تم اغتياله في باريس لأنه اختلف مع الفرنسيين عندما حاولوا تغيير مواصفات المفاعل وخاصة التخصيب.

لماذا لم نعد نسمع عن علماء مصريين في المجال النووي؟

لأن الإعلام المصري مشغول بالكورة، هناك علماء مصريون في أمريكا وأوروبا وكندا، لكن الإعلام المصري لا يهتم بهم، أنا مثلا أستطيع عمل مفاعل نووي من الألف للياء مع بعض المساعدة، وعندي مشاريع كثيرة جدا لكنها لم تكتمل، رغم أنني قدمتها في أكثر من مكان، وعملت نموذجا لمفاعل نووي مصغر من الألف للياء، للأسف أولادي وأحفادي لم يدخل أحد منهم المجال النووي، وبالتالي كل الخبرات والمتريال اللي عندي في المجال النووي وهي كثيرة جدا هتترمي في الزبالة، أنا حزين جدا لأنني كنت أريد أن أساعد بلدي وأعطي لها الكثير، وكنت أتمنى أن تستفيد بلدي من علمي.

كلمة أخيرة؟

أنا متفائل جدا بالبرنامج النووي المصري، وخاصة بعد البدء في بناء 4 مفاعلات نووية، ووصولنا لمرحلة لم نصل لها من قبل، أتمنى أن نستمر حتى تحقيق هذا الحلم الذي طال انتظاره، أتمنى أن تكون علاقتنا مع الروس قوية واحترافية، لأن الروس ساعدونا في أشياء كثيرة، أنا ضد مقولة أن 99% من أوراق اللعبة في يد الأمريكان.