اللواء محمد الدويري: قرار مجلس الأمن يتيح مناخًا أفضل لحل أزمة غزة
أكد نائب مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، اللواء محمد إبراهيم الدويري، أن تبني مجلس الأمن الدولي قرارًا بوقف فوري لإطلاق النار داخل قطاع غزة خلال شهر رمضان يتيح مناخًا أفضل للتحرك نحو حل تلك الأزمة شديدة التعقيد.
وأضاف اللواء الدويري، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الاثنين، أن القرار الذى اتخذه مجلس الأمن بالمطالبة بوقف إطلاق النار فى غزة يعد خطوة إيجابية وغير مسبوقة منذ بدء الحرب، قائلًا: "وبالتالي من الضرورى اعتباره مجرد خطوة في طريق طويل وصعب لا بد من استثمارها من أجل إنهاء الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة."
وتابع: "بالنظر إلى جوهر البيان الصادر عن مجلس الأمن، لم تستخدم الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" واكتفت بالامتناع عن التصويت، وذلك لأول مرة منذ بداية الحرب في اكتوبر الماضي، رغم أنها استخدمت "الفيتو" في عدة قرارات سابقة"، منبهًا إلى أن المطالبة بوقف إطلاق النار اقتصر على شهر رمضان فقط الذي لم يتبق منه سوى أقل من أسبوعين.
وأشار إلى عدم النص في القرار على كلمة "دائم" ارتباطًا بوقف القتال بمعنى أن وقف إطلاق النار سيكون بصفة مؤقتة فقط، بجانب النص على المطالبة أيضًا بالإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع الرهائن، أى أن وقف إطلاق النار مقترن أيضًا بالإفراج عن الرهائن الموجودين بحوزة فصائل المقاومة الفلسطينية.
ولفت إلى المطالبة باحترام كافة الأطراف لهذا القرار وبما يؤدي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار، وهو مايعني أن مجلس الأمن اعتبر القرار مجرد مرحلة مؤقتة يمكن أن تقود إلى مرحلة وقف دائم للقتال، علاوة على المطالبة بوصول كافة المساعدات الإنسانية للقطاع وتوسيع نطاق تدفق المساعدات إلى القطاع بأكمله وتعزيز حمايتهم، وبالتالى فإن القرار يعنى ضرورة وصول المساعدات إلى جميع أنحاء غزة دون استثناء.
وسلط الضوء على إشادة القرار في ديباجته بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل إلى وقف القتال وإطلاق سراح الرهائن وزيادة توفير المساعدات الإنسانية، إذ إن هذا القرار يعد جزءا من منظومة الجهد المكثف الذي تبذله مصر والأطراف الأخرى لحل أزمة غزة.
وتابع: "من الواضح أن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت يأتى أساسًا فى ظل توتر العلاقة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وهو ما أدى إلى التأثير السلبي على وضعية الرئيس الأمريكي الإنتخابية، ومن ثم حرصت واشنطن من خلال امتناعها عن التصويت على إيصال رسالة واضحة إلى الحكومة الإسرائيلية بعدم رضاها عن سياساتها وعدم تجاوبها مع المطالب الأمريكية المتكررة لتهدئة الوضع فى القطاع".
ورأى أنه بالرغم من هذا الإجراء الأمريكي في مجلس الأمن، إلا أن البيت الأبيض كان حريصًا على أن يحاول موازنة موقفه من خلال التأكيد على أنه لا يوجد تغيير فى السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، وأن واشنطن امتنعت عن التصويت ولم توافق على القرار نظرًا لعدم تضمينه إدانة حماس.
وأبرز اللواء محمد إبراهيم حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن يبدى اعتراضه على القرار ويعلن على الملأ غضبه من الموقف الأمريكي، وذلك من خلال القرار العاجل الذى اتخذه بعدم إرسال الوفد الأمني والسياسي الإسرائيلي الذي كان من المقرر أن يتوجه إلى واشنطن للتباحث حول الخطة الإسرائيلية لاقتحام مدينة رفح الفلسطينية.
وقال إن هذا القرار أدى إلى ترحيب العديد من الأطراف به من بينها مصر التى أشارت إلى أنه يعد خطوة أولى وهامة رغم ما يشوبه من عدم توازن نتيجة إطاره الزمني المحدود وكذا الإلتزامات الواردة به وأن مصر مستمرة في جهودها، كما رحبت حركة حماس بالقرار على أمل أنه يؤدى إلى وقف دائم لإطلاق النار وحل المشكلة كلها.
واعتبر أنه وبالرغم من أن قرار مجلس الأمن لايعتبر تغيرًا درامتيكيًا فى الوضع الحالي ككل خاصة وأنه يتحدث عن وقف إطلاق نار لعدة أيام فقط، إلا أن المسئولية أصبحت تقع بشكل كبير على الولايات المتحدة التي سمحت بتمرير هذا القرار وعليها أن تستكمل جهودها وتتحرك خلال الأيام المقبلة من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية تسمح بإنجاز صفقة تبادل أسرى كمقدمة نحو حل أزمة غزة بصورة نهائية.
وأكد في الوقت ذاته ضرورة أن تبدى أيضًا أطراف التفاوض الأخرى بعض أوجه المرونة الممكنة التي من شأنها أن تؤدي إلى نجاح العملية التفاوضية التي استغرقت وقتًا طويلًا ولا يدفع ثمنها سوى السكان الفلسطينيون في غزة الذين يعانون من أكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث، وبالتالي على الأطراف أن تتخذ المواقف الضرورية لإنهاء هذه المأساة.
ونبه اللواء الدويري إلى أن أهم العقبات التي سوف تقف أمام تنفيذ هذا القرار تتمثل في الموقف الإسرائيلي الذي يتضح منذ الآن اعتزامه عدم الالتزام به بل واستمرار العمليات العسكرية في غزة حتى بعد اتخاذ مجلس الأمن قراره مع التهديد بدخول مدينة رفح الفلسطينية، وإن كان فى رأيي أن عملية رفح ترتبط بحسابات إسرائيلية مع كل من الولايات المتحدة ومصر أكثر من كونها مجرد عملية يتم الإقدام عليها في لحظة غضب.
واختتم بأننا أمام فرصة قد لاتكون ثمينة ولكنها تتيح مناخًا أفضل للتحرك لحل أزمة شديدة التعقيد وهو ما يتطلب التحرك العاجل من كافة الأطراف المسئولة وأن يكون لديها قدر من الموضوعية والعقلانية من أجل وقف تلك الكارثة الحالية في غزة والتي اتضح مدى تأثيراتها السلبية على استقرار وأمن المنطقة بأكملها.