كيف تؤثر حرب غزة المطوّلة على التطبيع بين السعودية وإسرائيل؟
أفاد تقرير جديد لصحيفة فاينينشال تايمز بأن قادة المملكة العربية السعودية يشعرون بالقلق إزاء التهديد الذي يفرضه الصراع المطول في غزة على فرصها في استئناف عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فضلًا عن خططها الطموحة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتماسك المملكة.
وبحسب التقرير دعا المسؤولون في السعودية مرارًا وتكرارًا إلى وقف الحرب وقادوا الدول العربية إلى اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة، كما أنهم يخشون من أن الصور الوحشية التي تظهر من المنطقة الممزقة ستؤدي إلى تطرف سكانهم الشباب.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال اجتماع لمجلس حقوق الإنسان عقد في مقر الأمم المتحدة في جنيف، في فبراير الماضي، إن أي حوار مؤسسي حول حقوق الإنسان لا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد إذا كان يتجاهل الوضع المأساوي في فلسطين، فعن أي حقوق نتحدث وغزة تحت الرماد؟ كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى صامتا وأهل غزة مشردون ويعانون من أبشع صور انتهاكات حقوق الإنسان؟
ومع ذلك، حتى مع انتشار الغضب العام في جميع أنحاء المملكة، فإن الولايات المتحدة تدفع بإمكانية تطبيع المملكة العربية السعودية للعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل كحافز رئيسي لدفع الدولة اليهودية نحو تسوية أوسع لإنهاء صراعها الذي طال أمده مع الفلسطينيين.
جائزة إسرائيل الكبرى
ولطالما اعتبرت المملكة العربية السعودية الجائزة الكبرى لإسرائيل، وباعتبارها أكبر اقتصاد في العالم العربي وموطن الحرمين الشريفين في الإسلام، فإن قرار المملكة بتطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية سيكون له آثار بعيدة المدى.
في الأشهر التي سبقت هجوم حماس المدمر في 7 أكتوبر والذي أدى إلى اندلاع الحرب، كانت المملكة العربية السعودية تتجه نحو صفقة كانت ستستبدل بمعاهدة دفاع أمريكية جديدة واتفاق مع واشنطن لنقل التكنولوجيا النووية مقابل اتفاق تطبيع.
وكان من المقرر أن يسافر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الرياض في أكتوبر للتوصل إلى اتفاق مع الجانب الفلسطيني، لكن هذه الخطط انقلبت رأسًا على عقب عندما شنت حماس هجومها، وقال شخص مُطلع على المحادثات: لدينا بالفعل الخطوط العريضة لاتفاق من السلطة الفلسطينية.
ولم يستبعد قادة السعودية التطبيع من على الطاولة، لكن المحادثات لا يمكن تصورها بينما يحتدم القتال، وقد اتخذت الرياض "خطوات لا رجعة فيها" نحو إقامة الدولة الفلسطينية شرطا مسبقا لأي اتفاق.
كما حذروا الولايات المتحدة من المبالغة في المبالغة في احتمال التوصل إلى اتفاق، مما يؤكد حساسية القضية بالنسبة للرياض وسط حرب غزة.
وقبل بضع سنوات فقط، بدا أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قد تم تهميشه في المملكة العربية السعودية، خاصة مع انتشار شعارات مثل "فلسطين ليست قضيتي" على وسائل التواصل الاجتماعي، كان هناك شعور متزايد بأن القضية لم تعد أساسية للهوية السياسية للشباب في جميع أنحاء المنطقة، حيث تم اعتقال عدة أشخاص في المملكة العربية السعودية لحملهم الأعلام الفلسطينية، بما في ذلك في مدينة مكة المكرمة.