رئيس التحرير
خالد مهران

لماذا ننسى بعض الذكريات ونتذكر الأخرى؟

الذكريات
الذكريات

اكتشف سبب نسيان بعض الذكريات وتذكر البعض الآخر، حيث وجد علماء الأعصاب أن أحداث الحياة التي تستغرق وقتًا للتفكير فيها، من المرجح أن تُحفر في دماغك كذاكرة طويلة المدى.

اكتشف الباحثون نمطًا ثابتًا من الخلايا العصبية، أو خلايا الدماغ، التي تطلق سيمفونية صغيرة من الإشارات الكهربائية المنسقة، بعد وقت قصير من الأحداث التي تم حفظها لاحقًا في الذاكرة طويلة المدى أثناء الراحة في تلك الليلة.

في حين أن هذه الانفجارات من النشاط الكهربائي داخل الدماغ - والتي يطلق عليها اسم "التموجات الموجية الحادة" - تكون غير واعية، قال الباحثون إن الشخص يمكن أن يزيد من احتمالية تكوين ذاكرة طويلة المدى ( الذكريات ) من خلال التفكير في حدث ما في يوم وقوعه.

وتقدم النتائج التي توصلوا إليها نصائح سليمة لأولئك الذين يكافحون من أجل تذكر ما شاهدوه على Netflix أو TikTok أو أي منصة أخرى تحتوي على مقاطع فيديو يتم تحميلها تلقائيًا.

وقال رئيس علماء الأعصاب وراء الدراسة الجديدة: "إذا شاهدت فيلما وترغب في تذكره، فمن الأفضل أن تذهب في نزهة على الأقدام بعد ذلك، وتفكر في أحداثه".

ركز الدكتور جيورجي بوزاكي، أستاذ علم الأعصاب في جامعة نيويورك لانغون هيلث، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى جانب أربعة باحثين آخرين في جامعة نيويورك ومحلل بيانات من معهد ميلا كيبيك للذكاء الاصطناعي، على منطقة الحصين في الدماغ بدراستهم الجديدة.

ويقع الحصين في عمق مركز الدماغ، وهو جزء لا يتجزأ من مرور المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى.

تفاصيل الدراسة

استخدم علماء الأعصاب مجسات سيليكون مزدوجة الجوانب لتسجيل ما يصل إلى 500 خلية عصبية في وقت واحد في منطقة الحصين لدى فئران المختبر، حيث حاولت المخلوقات الصغيرة التنقل في متاهة بحثًا عن مكافآت سكرية ووجبات خفيفة.

لاحظ الفريق أنه تم تسجيل "تموجات موجية حادة"، تتراوح ما بين خمسة إلى 20 في كل مرة، عندما توقف الفأر مؤقتًا للاستمتاع بطعامه بعد جولة ناجحة في المتاهة.

تتكون كل "تموجات موجية حادة" من إطلاق متزامن تقريبًا يشبه الموجة بنسبة 15 بالمائة من الخلايا العصبية الحصينية، حيث تنبه بقية الدماغ إلى حدث لا يُنسى.

وتأخذ هذه التموجات الموجية اسمها من الشكل الذي تنتجه عندما يسجل العلماء معلوماتها العصبية من الأقطاب الكهربائية إلى الرسم البياني.

 

وفي وقت لاحق من تجربة متاهة الفأر، سجلت تلك الأقطاب الكهربائية مجموعة متطابقة من التموجات الموجية الحادة في الفئران أثناء نومها.

نفس "خلايا المكان" الحصينية للفئران التي أطلقت بعد أحداث المتاهة أثناء النهار أطلقت واحدة مرة أخرى، وبسرعة عالية، حيث كانت حيوانات المختبر الصغيرة النائمة "تعيد تشغيل الحدث المسجل آلاف [من] المرات في الليلة الواحدة".

وينظر الدكتور بوزاكي وفريقه الآن إلى أن إطلاق "خلايا المكان" في الحصين يحفظ المعلومات الجغرافية في الذاكرة - مثل كل غرفة يدخلها الشخص، أو كل انعطاف ودوران في المتاهة التي يستكشفها الفأر.

وقال الدكتور بوزاكي: "توصلت دراستنا إلى أن التموجات الموجية الحادة هي الآلية الفسيولوجية التي يستخدمها الدماغ "لتقرير" ما يجب الاحتفاظ به وما يجب التخلص منه".

تكوين الذكريات اثناء النوم

وكانت الأبحاث السابقة قد حددت بالفعل أن التموجات كانت جزءًا لا يتجزأ من تكوين الذاكرة أثناء النوم، لكن الدراسة الجديدة، التي نُشرت يوم الخميس في مجلة Science، كانت أول دراسة تربط نشاط الدماغ الليلي بسلوك الحصين أثناء النهار.

والأهم من ذلك، أن الأحداث التي مرت بها الفئران، والتي أعقبتها "تموجات موجية حادة" قليلة أو معدومة، لم تؤد إلى تكوين أي ذكريات صلبة ودائمة.

وتأمل الدكتورة ويني يانغ، قائدة الدراسة الأخرى، وهي طالبة دراسات عليا في مختبر بوزاكي، أن يتم استخدام النتائج الجديدة في علاجات لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في التذكر، أو في حالة أولئك الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، صعوبة في التذكر.