فساد أم إهمال.. لغز تكرار اندلاع الحرائق في نواحي الجمهورية
شهدت الدولة، في الآونة الأخيرة، اندلاع الكثير من الحرائق في شتى محافظات الجمهورية، مما أثار تساؤلات عديدة وحالة من الجدل والذعر بين المواطنين حول انتشار تلك الحرائق بكثرة وبتوقيت متقارب، وخاصة بعد حريق جزء من استوديو الأهرام، إلى جانب حوادث أخرى، منها التهام النيران لمزرعة من 5 أفدنة في مدينة الإسماعيلية وصولا إلى حريق هائل نشب داخل مزرعة على طريق مصر إسكندرية الصحراوي بدائرة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة.
ومن بين تلك الحرائق، الحريق الذي اندلع في مقر مصنع أنابيب بترول بالقطامية في القاهرة الجديدة، مسببا خسائر مادية كبيرة وإصابات في صفوف العمال.
وحريق محطة الصرف الصحي، الذي حدث بعد انفجار نتيجة تسرب مواد بترولية لنفق الصرف الصحي بمحافظة القليوبية؛ الأمر الذي أدى لإشعال الحريق في خمسة مواقع أخرى في النطاق ذاته، وجميعها تتبع «الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي».
وفي السطور التالية تكشف «النبأ» أسباب نشوب الحرائق بكثرة في جميع أنحاء الجمهورية.
تكرار حدوث الحرائق
وفي السياق، قال اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن الإهمال المتكرر وعدم قيام بعض الموظفين بواجباتهم إلى جانب استفادة محتملة لدى البعض من الحرائق أمور تجعل هناك ضرورة لاتخاذ مزيد من الإجراءات التي تمنع وقوع الحوادث.
وأضاف "نور الدين"، أنه يجب على الحكومة تشكيل لجان فنية متخصصة بكل محافظة على مستوى الجمهورية تتولى المرور على جميع المؤسسات والمنشآت الحيوية والجماهيرية داخل مختلف المدن والمراكز والأحياء؛ للتأكد من توافر جميع وسائل الحماية والسلامة والأمن الصناعي لحمايتها من نشوب حوادث الحرائق بداخلها.
وتابع، أن تكرار حدوث الحرائق لا يشكل ظاهرة حتى الآن لكن يدفع لإعادة النظر في الإجراءات المطبقة ومراجعة المنشآت والتفتيش عليها بشكل أكثر صرامة، خاصة أن هناك أماكن يفترض أن يفعل بها الإطفاء الذاتي فور اشتعال الحرائق، لكن للأسف لا تجري متابعة تفعيل هذا الإجراء بعد الحصول على تصاريح التشغيل.
وأردف أنه يجب أن يلزم القانون المحلات التجارية بتوفير أجهزة إطفاء بالبودرة الكيميائية حسب مساحة المحل، كما يلزم باستخدام نظام إنذار آلي للحريق مع وجود مضخة تتيح ضخ المياه من النوع المصمم لأغراض الحريق، مع إجراء عمليات الصيانة بشكل دوري كل 3 أشهر.
وأشار مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى أنه وفقا لإحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن البلاد سجلت 45 ألفا و435 حادث حريق في عام 2023، و49 ألفا و341 حادث في عام 2022.
وأكد مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن هذه ظاهرة أو الحرائق ليست مدبرة، لافتا إلى أنه يجب المتابعة واتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة على المخالفين.
التقلبات الجوية وتغير المناخ
من جانبه، قال المقدم محمود خضر، مسؤول وحدة المخالفات والتراخيص بالدفاع المدني، إن السبب الرئيسي في انتشار الحرائق في الآونة الأخيرة هو التقلبات الجوية وتغير المناخ، كما أنها أثرت بشكل كبيرعلى الكابلات الكهربائية والخراطيم وأنظمة امتدادها للمباني المختلفة.
وأضاف " خضر "، أننا نلاحظ في الفترة الأخيرة حدوث مجموعة من الظواهر الجوية المختلفة أتربة وأمطار وارتفاع وانخفاض في درجات الحرارة؛ مما أثر على تآكل وتضرر الكابلات والمواسير ويكون من السهل جدا حدوث ماس كهربائي بسبب قطع أو شروخ في تلك الكابلات.
وتابع، أن هناك كارثة كبرى- أيضا- تحدث من قبل المواطنين وخاصة في المولات والمحال التجارية أو الأماكن الكبيرة وعقارات تكون قيد الإنشاء وهي زيادة حجم الأحمال على كابلات موجودة في المباني دون مراعاة حجم تلك الكابلات وقدرة احتمالها، لأنه عند زيادة طاقتها أو قطع كابل وتوصيله بآخر جديد ليصبح الحمل والجهد عليه متضاعف، فإن ذلك يزيد احتمالية حدوث ماس كهربائي وانفجاري يؤدي لكارثة لا يحمد عقباها، لذا من الضروري أن تكون الكابلات قطعة واحدة من المصدر للجهاز المراد تشغيله ومراعات حجم الجهد وقدرة الكابل للتوصيل.
وأكد أن بعض الأماكن لا تراعي وضع كابلات كهربائية مطابقة للمواصفات، بل تلجأ للأسلاك والكابلات المضروبة والمقلدة؛ نظرا لانخفاض سعرها ضاربة بذلك القدرة والجهد المراد الحصول عليه من تلك الأسلاك وبتلك الطريقة نعجل بالكارثة والخسارة ستكون أكبر.
وأشار إلى أن معظم المحال التجارية والمولات لا تجري أي عمليات صيانة دورية على كابلات الكهرباء والمواسير التي تمتد بها الكابلات؛ للتأكد من وجود أي شروخ أو قطع بتلك الكابلات وعلاجها أولا بأول قبل وقوع الكارثة.
وشدد على ضرورة تطبيق المواصفات الفنية اللازمة في حال إنشاء المباني أو الشقق السكنية واستخدام كابلات أصلية غير مقلدة ومناسبة تلك الكابلات للجهد وضرورة الحزم من قبل الحماية المدنية في تطبيق الكود المصري بكامل تفاصيله، وخاصة جزء الكابلات الكهربائية وعدم التراخي فيه.
ونصح مسؤول وحدة المخالفات والتراخيص بالدفاع المدني، بضرورة إخضاع جميع المباني المرخصة لفحص دوري وفصلي من قبل الحماية المدنية؛ للتأكد من سلامة الكابلات الكهربائية ومداخلها ومخارجها، وضرورة التأكد من حجم الجهد ومطابقة تلك الكابلات للمواصفات الفنية حتى نتجنب حرائق تأكل الأخضر واليابس وراءها.
كما يجب على الدولة والحماية المدنية تنفيذ كل الاشتراطات الأمنية وعدم إعطاء أي تصاريح دون الرجوع إلى الحماية المدنية ومعاينتها، وعلى من يخالف يكون هناك قرار رادع له وتغليظ العقوبات على المخالفين لان العواقب ستكون وخيمة.