هل تتكرر أزمة إبريل 2022؟..
«فخ» عودة الأموال الساخنة يهدد خطة الإصلاح الاقتصادى
منذ قرار تحرير سعر الصرف ظهر تحسن في الوضع الاقتصادي إلى حد كبير، حيث عادت تحويلات المصريين في الخارج والقضاء على السوق الموازية وانخفاض الدولار ليصل إلى 47 جنيهًا.
ومن بين المؤشرات الجيدة لتحسن الوضع الاقتصادي، عودة الأموال الساخنة مرة أخرى لمصر، بعد خروجها في إبريل 2022 على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
وتسبب خروج الأموال الساخنة في إحداث ضرر لسوق الصرف، حيث خرجت أموال للمستثمرين الأجانب العاملين في الدين الحكومي المصري بما يتراوح بين 18 و20 مليار دولار.
وبحسب تصريحات سابقة، للدكتور محمد معيط وزير المالية، فإن «الدرس الذي تعلمناه أنه لا يمكن الاعتماد على الأموال الساخنة، لأنها تأتي من أجل العائد الكبير فقط، لا يجب أن تعتمد على تلك الأموال، ولكن إذا جاءت مجددا فليس لدينا مشكلة».
والأموال الساخنة هي أبرز صور الاستثمارات غير المباشرة، حيث تأتي لتشتري أذونا وسندات تخص الديون الحكومية، سعيا وراء سعر فائدة أعلى في سوق ما، دون غيره من الأسواق، لتستفيد من فرق سعر الفائدة.
وعادة ما تتسم بسرعة الدخول والخروج من الأسواق، وهو ما يحدث حالة من الإرباك، وخاصة عند خروجها، لما تحدثه من ضغط على الطلب على النقد الأجنبي.
وتوجد كذلك في سوق الأسهم والسندات التي لا تشترط مددا زمنية لعمليات البيع والشراء، وقد تتسع الدائرة لتشمل وجود الأموال الساخنة في مجال المضاربات التي تتسم بالسرعة مثل الذهب أو النقد الأجنبي، أو بورصات السلع.
وحسب وكالة بلومبرج، فإن مصر تعد ثالث أعلى عائد من أذون الخزانة والسندات بالعملة المحلية من بين 23 دولة نامية يتم متابعتها من قبل الوكالة.
وقالت بلومبرج، إن مصر باعت في السابع من مارس أذون خزانة بنحو 87.8 مليار جنيه (1.78 مليار دولار) بسعر فائدة 32.2%، وإن كبار مؤسسات الاستثمار العاملة في الديون المحلية ساهمت في شراء أذون ومن بينهم (جولد مان ساكس، وسيتي بنك، ومورجان ستانلي).
ويرى خبراء الاقتصاد، أنه رغم مزايا عودة الأموال الساخنة إلى السوق المصري، إلا أنه يظل هناك فخ أمام الحكومة يجب الابتعاد عنه، وهو استخدامه في تثبيت سعر الصرف، - على حد قولهم -.
وفي هذا السياق، قال هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، إن الأموال الساخنة فى طريقها للعودة إلى مصر لاستغلال فرق سعرى الفائدة على الجنيه والدولار.
وأضاف: «أن الأموال الساخنة ليست شرًا بالضرورة، إلا إذا تم تكرار أخطاء السابقة، وهي استخدام الحصيلة الدولارية لتثبيت أو تخفيض سعر الصرف لفترات طويلة أو تمويل مشروعات غير إنتاجية وطويلة الآجل!، ويصبح صاحب الأموال الساخنة فى هذه الحالة قد دخل وخرج من مصر بأرباح تعتبر هدايا مجانية، حيث لم يدفع أثناء خروجه ثمن تدهور سعر الصرف، وبما يعكس فرق التضخم أو سعر الفائدة بين مصر وأمريكا».
وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة حصر الأموال الساخنة فى صندوق مستقل له سقف محدد لتسيير حركة الصناعة والتشغيل، وفصلها عن احتياطى البنك المركزى تمامًا.
وأشار إلى أن أفضل استخدام للأموال الساخنة يكون في منح تسهيلات قصيرة الآجل للشركات لتحفيز الاستثمار ولتنشيط الإنتاج، وتشغيل العمالة، والتصدير، وخفض دوري تدريجي في قيمة الجنيه تماشيًا مع التضخم، وتلافي أخطاء الماضى.
ومن ناحيته، قال الدكتور إيهاب الدسوقي، الخبير الاقتصادي، ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، إن الأموال الساخنة ستعود مرة أخرى للاستفادة من سعر الفائدة العالية.
وأضاف «الدسوقي»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه بالرغم من مزايا دخولها إلا أنها تحمل كثيرا من المخاطرة عند خروجها، وخاصة إذا كانت دفعة واحدة مثلما حدث في عام 2022.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن الأموال الساخنة يجب استخدامها بشكل سليم ورشيد في مشروعات إنتاجية تصديرية؛ لتكون عائدا أساسيا للدولار نستطيع من خلاله تسديدها.
وبدوره، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن الأموال الساخنة هي أدوات مالية معروفة سهل الدخول فيها وسهل الخروج منها، لأنه ليس مصنع أو شركة أو استثمار مباشر.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه في السابق كانت تستخدم الحكومة جميع مواردها من الدولار وأيضًا الأموال الساخنة في تثبيت سعر الصرف وهو أمر خطأ، متابعًا: «أكبر غلط للحكومة هو تثبيت سعر الدولار لمدة سنة».
وأشار «الإدريسي»، إلى أن الأموال الساخنة يعتمد عليها بشكل مستمر فهي جزء من مصادر النقد الأجنبي للاقتصاد، لذلك يجب توجيهها في سداد الديون وأقساط الديون أو استيراد احتياجات مصر الأساسية من السلع الاستراتيجية.
وتوقع، أن يصل حجم الاستثمارات في أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى أكثر من 20 مليار دولار الأيام المقبلة.
وتابع: «الحكومة طرحت سندات وأذون خزانة بمليارات الدولارات، خلال الفترة الماضية، ومع كل طرح ستجذب الحكومة مستثمرين بأكثر من قيمة الطرح؛ لأن سعر الفائدة عال جدًا ومن أعلى 5 دول في العالم، حيث ارتفعت خلال عامين بقيمة 19%».
وأكد الخبير الاقتصادي، أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وإتمام المراجعة الأولى والثانية لبرنامج مصر يعطي ثقة أكبر للمستثمرين سواء كان «استثمار مباشر أو غير مباشر».