جهود دبلوماسية صينية لمنع اشتعال منطقة الشرق الأوسط
كثفت الدبلوماسية الصينية جهودها في الساعات الأخيرة من أجل تهدئة الوضع ونزع فتيل التوتر في الشرق الأوسط.
وتأتي جهود الصين متسقة مع سياستها المتوازنة التي تتجنب المخاطرة أثناء التعامل مع إيران وإسرائيل، لكنها ترتبط باعتبارات أخرى عدة أيضا.
وخلال الساعات الماضية، أجرى وزير الخارجية الصيني وانغ يي محادثات هاتفية مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان ونظيره السعودي فيصل بن فرحان آل سعود بشأن التوترات بين إسرائيل وإيران.
وتجنب وانغ إدانة ضربة 13 أبريل الإيرانية لاسرائيل، وأكد أن الصين تدين بقوة الهجوم على القسم القنصلي بالسفارة الإيرانية في دمشق، معتبرة إياه انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وغير مقبول.
وأوضح وانغ أن الصين أخذت علما ببيان إيران بأن إجراءها المتخذ كان محدودا ومن أعمال الدفاع عن النفس ردا على الهجوم على القنصلية الإيرانية في سوريا. وأضاف أنه يعتقد أن إيران يمكنها التعامل مع الوضع بشكل جيد وتجنيب المنطقة المزيد من الاضطرابات مع الحفاظ على سيادتها وكرامتها.
وفي حديثه إلى نظيره السعودي، قال وانغ إن الصين تقدّر تأكيد السعودية حل القضايا من خلال الوسائل الدبلوماسية، وإن الصين على استعداد للعمل مع السعودية لتجنب المزيد من تصعيد المواجهة في الشرق الأوسط.
وترى الصين بشكل عام الوضع الحالي المتطور بين إيران والسعودية هو تأثير غير مباشر للصراع المتصاعد في غزة، وتؤكد مرارا أن المهمة الملحة الآن هي تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2728 في أقرب وقت ممكن، وتحقيق وقف لإطلاق النار وإنهاء القتال في غزة، وتوفير الحماية الفعالة للمدنيين ومنع زيادة تفاقم الكارثة الإنسانية.
وترتبط الصين وإيران بعلاقات اقتصادية واستراتيجية وثيقة، حيث اشترت الصين--حسب تقارير-- ما يصل إلى 90 في المائة من النفط الخام الإيراني الخاضع للعقوبات الأمريكية في عام 2023، ما يجعلها أكبر شريك تجاري لإيران.
وفي عام 2023، توسطت الصين أيضا في اتفاق رفيع المستوى بين إيران والمملكة العربية السعودية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بعد سنوات من الأعمال العدائية، حيث تواصل السعي لتحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.
في المقابل، دعت الصين مرارا الولايات المتحدة إلى لعب "دور بناء" في حل الصراع في غزة.
وينطلق الموقف الصيني المتوازن بالأساس من رغبة بكين في الحفاظ على مصالحها السياسية والاقتصادية في المنطقة وعدم تأثرها بشكل مباشر بالصراع المستمر في المنطقة.
وترى بكين إن الولايات المتحدة يقع عليها العبء الأكبر في اقناع إسرائيل لوقف الحرب في غزة لمنع توسع الصراع إقليميا وليس الضغط على طهران كما تحث الولايات المتحدة ودول غربية أخرى الصين على استخدام نفوذها للمساعدة في كبح تصرفات إيران ووكلائها.
ومنذ بداية أزمة غزة، دافعت الصين عن القضية الفلسطينية، مؤكدة أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع بين إسرائيل وفلسطين. وقد دعت مرارا إلى وقف إطلاق النار.
وتملك الصين مصلحة في منع امتداد الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي في غزة لاعتبارات عديدة حسب المحللين، من بينها أن سلاسل التوريد الصينية وواردات الطاقة يمكن أن تكون على تصبح في خطر، إذا كان هناك عدم استقرار أوسع في الشرق الأوسط، مما يضع مزيدا من الضغط على الاقتصاد الصيني وهو وضع تريد بكين تجنبه.
من جانب آخر، ترغب بكين أيضا في الحفاظ على علاقات إيجابية مع الدول العربية وإيران.
وبعيدا عن المدى الذي يمكن أن تؤثر فيه بكين على مجريات الصراع وخاصة فيما يتعلق بالقضايا التي تعتبرها طهران مهمة، إلا إنه من المرجح أن يؤدي استمرار عدم الاستقرار إلى تقليل الاستثمارات الصينية المستقبلية في إيران والعلاقات الاقتصادية مع البلاد، والتي هي مقيدة بالفعل بسبب العقوبات الأمريكية.
وقد نصحت الصين بالفعل الشركات الصينية والمسافرين إلى إيران بتوخي الحذر. وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الضرر والحد من نمو العلاقات بين البلدين حتى لو بشكل مؤقت.
وسر المحللون أن بكين مضطرة أن تمضي على خيط رفيع ومتوازن لأنه إذا وصل امتداد الصراع إلى منطقة الخليج، فقد يؤدي ذلك إلى انهيار ذوبان الجليد الدبلوماسي الذي ترعاه الصين بين إيران والمملكة العربية السعودية خاصة إذا انفلتت الأمور ووصلت إلى حد استهداف إسرائيل للمصالح الإيرانية في مضيق هرمز، أو ضربة أمريكية من قواعدها العسكرية في الخليج يمكن أن تؤدي إلى رد إيراني جديد.