رئيس التحرير
خالد مهران

تغطية جنازات الفنانين.. بين «حُرمة الموت» وأحقية عمل الإعلاميين

أحمد السعدني في جنازة
أحمد السعدني في جنازة والده

أحمد السعدني يشتم مصوري جثمان والده.. وأحمد عبد العزيز ينفعل على الحضور في عزاء شيرين سيف النصر

 

نقابة الصحفيين: لا يجب الزج بـ اسمنا في أي مكان.. ونرحب بالتعاون مع «التمثيلية» لحل الأزمة

 

محمود قاسم: الحل هو التنظيم قدر الإمكان.. ويجب مراعاة حزن أهل الراحل على فقيدهم

 

 

مشهد الوداع الأخير في حياة أي شخص، في الغالب، يكون مهيبًا؛ البعض في حالة ترقب، والبعض الآخر في حالة بكاء وحزن، على الراحل. وفي حالة وفاة إحدى الشخصيات العامة من المشاهير، يكون الوضع أصعب، لا سيما وأن حب الجمهور لهذا الشخص، يدفعهم للمشاركة في حضور جنازته أو عزائه، فضلًا عن الصحفيين والمصورين، الذين يسارعون بدورهم لأداء وظيفتهم، وبالتالي، لا يقتصر التواجد على أسرة أو أصدقاء المتوفي فقط.

الفترة الأخيرة شهدت عدة أزمات وتجاوزات، وقعت في جنازات وعزاءات نجوم الفن، وانقسمت الآراء إلى فريقين؛ الأول متمثلًا في الصحفيين والمراسلين، الذين يرون أنه من صميم عملهم التواجد في مثل هذه اللحظات وتوثيقها بالصور التذكارية ولقطات الفيديو، وأنه ليس من الطبيعي تجاهل هذه الأحداث، والثاني هو فريق أهالي الراحلين، الذين يقتنعون أن هذا الوقت، خاص، وله حُرمته، التي يجب مراعاتها واحترامها، وأنه غير مناسب، تمامًا، للتسجيل أو الحديث الصحفي.

حسبة مُربكة للغاية، تكررت مرتين، مؤخرًا، دفعت نقابة المهن التمثيلية ونقابة الصحفيين إلى التدخل، في محاولة لإنهاء حالة اللغط والضجة التي تسود كل جنازة أو عزاء لأي فنان، ووضع خطوط حمراء مُقننة، لمنع حدوث المشاحنات و«الخناقات» في هذه المواقف، خاصة بعد كثرة دعوات نجوم الفن لإعادة النظر في فكرة التغطية الإعلامية للجنازات والعزاءات.

وكان من أحدث هذه المواقف؛ ما فعله الفنان أحمد عبد العزيز في عزاء الفنانة شيرين سيف النصر، الذي أقيم بمسجد الحامدية الشاذلية، إذ انفعل على أحد الشباب، الذين جروا خلفه، أثناء مغادرته للمكان، في محاولة لالتقاط صورة تذكارية معه.

وظهر «عبد العزيز»، وهو يقول لمن تجمهر حوله، بصوت عال وبغضب: «إوعى إيدك يالا»، وخرج سريعًا.

وتعرض أحمد عبد العزيز إلى سيل من الهجوم والانتقادات، على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد هذا التصرف، الأمر الذي دفعه للاعتذار، خاصة وأن الشاب الذي كان يحاول اللحاق به والتصوير معه، من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأوضح «عبد العزيز» أنه لم يقصد أي إهانة لأبناء ذوي الهمم، وأنه يكن كل الاحترام والتقدير لجميع جمهوره.

كما أشار إلى أن مراسم العزاء وساحات الجنازات، باتت فرصة لمن يبحثون عن تحقيق «التريند الزائف»، على حد وصفه، دون مراعاة لحرمة الموت.

وأكد أن الكثيرين أصبحوا لا يحترمون خصوصية الفنان، وأن القيم الأخلاقية اندثرت، وسط فوضى وتطفل، جاوز المدى.

ولم يختلف الحال كثيرًا في جنازة الفنان الكبير صلاح السعدني، التي شُيعت من مسجد الشرطة بالشيخ زايد، إذ ظهر أحمد السعدني وهو يسب ويشتم المصورين، مطالبهم بمغادرة المكان.

وتدخل كل من الفنان محمد إمام والفنان محمد محمود عبد العزيز، في هذا الموقف، وحاولا تهدئة صديقهم، واستأذنا الموجودين بالتوقف عن تصوير «السعدني» أو جثمان والده.

من ناحيته، دخل الإعلامي عمرو أديب على الخط، معلقًا على انفعال أحمد السعدني في جنازة والده، وقال إن ما يحدث، خلال الفترة الأخيرة، في الجنازات، شىء مؤلم وغير أخلاقي.

وأضاف، خلال برنامجه «الحكاية»، على قناة Mbc مصر، أن مصادرة المصورين لجنازات الشخصيات العامة، أمر غير مهذب، وبعيد عن الذوق والرحمة، مؤكدًا أنه يسىء للإعلام وللصحافة.

والتمس «أديب» العذر لـ«السعدني» في انفعاله في جنازة والده، وقال إن تصرفه طبيعي وأقل ما يمكن فعله، مطالبًا المجلس الأعلى للإعلام بسرعة التدخل، والتحكم في ما يجرى بالجنازات أو عزاء أي شخصية عامة.

ووصف عمرو أديب، من يجرون خلف الفنانين في جنازة شخصية، في الغالب، يعملون بمواقع إليكترونية مجهولة، وأنهم يفعلون ذلك من أجل «التريند»، عن طريق استخدام عناوين جذابة، موجهًا إليهم نصيحته، بممارسة الصحافة بأي شكل آخر، بعيدًا عن استغلال مشاعر الناس.

ودعا جميع الصحفيين والمصورين الشباب، وأصحاب المواقع الإليكترونية، إلى مراجعة سلوكياتهم، وتقدير حرمة وهيبة الموت.

ونتيجة ما حدث في جنازة الفنان صلاح السعدني، أصدرت نقابة المهن التمثيلية قرارًا بمنع دخول المصورين أو الصحفيين، عزاء الراحل، موضحة أن الحضور سيكون مقتصرًا على أهل وأقارب وأصدقاء «السعدني» فقط، احترامًا لرغبة أسرته، وتقديرًا لحالة الحزن التي يعيشوها.

كما وجهت النقابة اعتذارها لجميع مراسلي القنوات التلفزيونية، والصحفيين، والمصورين، بسبب عدم دخولهم للعزاء.

في سياق متصل، كشف حسين الزناتي، وكيل نقابة الصحفيين، عن أن من يمارس مهنة الصحافة دون أن يكون مقيدًا بالنقابة، أو منتميًا لجريدة أو موقع مكود ومرخص من نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام، فهو منتحل لصفة صحفي.

وأشار، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، إلى أن ما حدث في جنازة صلاح السعدني لا يمت للصحفيين بصلة، ولا يمثلهم، مضيفًا أنه يجب عدم الزج باسم الصحفيين في أي بيان، وأن عموم الصحفيين لم يكونوا متواجدين في الجنازة، حتى يتم التعميم عليهم بهذا الشكل.

وأبدى «الزناتي» ترحيبه بتعاون نقابة الصحفيين مع نقابة المهن التمثيلية، لوضع ضوابط تقنن طريقة العمل في مثل هذه المواقف.

وأكد أن النقابة تشدد على ضرورة احترام مشاعر المواطنين وأسر وأصدقاء المتوفيين، وأنها، أيضًا، تؤمن بأن تغطية الجنازات والعزاءات عملًا صحفيًا مهمًا، يوثق لحظات وأحداث تهم الجمهور، وربما يكون لها أهمية في المستقبل.

أما الناقد محمود قاسم؛ فـ قال إن الحل الأمثل للخروج من أزمة تغطية الجنازات أو العزاءات، التي تثير جدلًا كبيرًا، من فترة لأخرى، هو التنظيم، وتجنب الفوضى والعشوائية قدر الإمكان.

وأكمل، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه يمكن أن يكون هناك شركات محددة مسؤولة عن التنظيم، مثل التي تنظم حفلات الزفاف الكبرى والعروض الخاصة للأعمال السينمائية.

ونوه إلى أنه في حال مُنعت الجماعة الصحفية من حضور الجنازات أو العزاءات، يجب أن يكون هناك عدة صور من الحدث، يتم إرسالها إليهم داخل وخارج مصر، حتى لا يتعرضون للأذى في عملهم.

وأوضح أنه يجب أن يكون، هناك، أيضًا، أماكن محددة لتواجد المصورين أو الصحفيين في أي جنازة أو عزاء، بعيدًا عن مكان الدفن، احترامًا لحساسية وخصوصية الموقف بالنسبة لأهل المتوفي، وحتى لا يفسدون عليهم لحظات حزنهم على فقيدهم.