رئيس التحرير
خالد مهران

تعرف على أحكام الفقهاء في صلاة مريض التوحد

النبأ

ورد إلى دار الإفتاء سؤالا يقول إلى أي مدًى تُعدُّ الإصابة بالتوحد أو الذَّاتَوِيَّة من الأعذار المبيحة للتخلف عن صلاة الجمعة؟

من جانبها، قالت دار الإفتاء: لقد راعت الشريعة الإسلامية جميع فئات المجتمع رعاية بالغة، إلا أنها أولت الضعيف منهم مزيدَا من العنايةٍ؛ فاختصَّته بأحكامٍ وتشريعاتٍ تَجبُر بها ما ابتُلي به من ضعفٍ أو مرضٍ، وتحفظ له بين الجميع حقَّه وقدْرَه دون أن تُعَرِّضَه لحال الحرج أو لمزيد ضرر، وزادت على ذلك أن أوصت به وبيَّنت جُرْم التفريط في حقِّه، فعنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يُعْطَى الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ» أخرجه ابن ماجه في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف"، وأبو يعلى الموصلي في "المسند".

 لذا، فقد نصَّ الفقهاء على عدِّ المرض من جملة الأعذار التي تبيح التخلف عن صلاة الجمعة، خاصة إذا لَحِقَ المريض بذلك مشقة أو خاف زيادة المرض، أو كانت لديه علةٌ لا يمكنه معها اللبث في الجامع حتى تنقضي الجمعة، ولا فرق في ذلك بين كون المشقة حاصلة من مرض عضوي أو مرض نفسي أو اضطراب كاضطراب التوحد.

فإذا قرَّر الطبيب الذي يتابع حالة الشخص المصاب باضطراب التوحد أنَّ حضوره لصلاة الجمعة قد يؤدي إلى تضرر حالته الصحية؛ فإن ذلك يبيح له الترخص بتركها ويكفيه حينئذٍ أن يصلي صلاة الظهر في البيت ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، لما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ؛ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ تِلْكَ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّاهَا» قَالُوا: مَا عُذْرُهُ؟ قَالَ: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ» أخرجه أبو داود، والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"معرفة السنن والآثار"، وقال -مُعَلِّقًا عليه- في "السنن الصغرى" (1/ 190، ط. جامعة الدراسات الإسلامية. كراتشي): [قلت: وما كان من الأعذار في معناها فله حكمهما] اهـ.

بناء عليه وفي واقعة السؤال: فإذا كان المصاب باضطراب التوحد أو الذَّاتَوِيَّة يتضرر من التواجد في أماكن التجمعات ونصحه الطبيب بتركها، فيباح له حينئذٍ ترك صلاة الجمعة، ويجب عليه صلاة الظهر في بيته أربع ركعات.