روشتة علي جمعة للاختلاف في الآراء دون جدال
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن من السلوكيات التي تركها لنا رسول الله ﷺ وأمر المؤمن أن يتلبس بها عدم المراء والجدال بغير علم، والله سبحانه وتعالى يقول: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}، {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}.
وسيدنا النبي ﷺ ينهانا عن الجدال والمراء بغير علم؛ لأنه يكون فيه نوع من أنواع البهتان، وفيه نوع من أنواع الكذب، وفيه نوع من أنواع الجهل؛ فعن كعب بن مالكٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِىَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيُمَارِىَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ » [الترمذي] حديث في منتهى القوة « مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِىَ بِهِ الْعُلَمَاءَ» يعني هو لا يريد العلم من أجل منفعة البشرية، وعمارة الأرض، وتصحيح عبادة الله، هو يريد أن يقال عنه إنه عالم حتى يشاغب مع العلماء، حتى إذا جلس في المجالس يُلتفت إليه، إذًا أين الإخلاص؟ أين النية؟ أين خلوص النية لله سبحانه وتعالى؟ ليس هناك لا إخلاص، ولا خلوص، ولا نية صادقة، إذًا هذا يكون مصيره إلى النار.
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله ﷺ: « مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الْجَدَلَ ». ثُمَّ تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- هَذِهِ الآيَةَ (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) [سنن الترمذى] يريدوا المخاصمة، والجدال، والمنازعة، ولا يريدون أن يصلوا إلى الحق الذي هو عند الله، إذًا هناك فرق بين المراء والجدال وبين المناقشة ؛ المناقشة لا بد أن تقوم على علم، ثانيًا: تتغيا الوصول إلى الحق، ثالثًا: تريد الوضوح، وعدم الرياء، وعدم السمعة، بل تريد المنفعة.
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله تعالى عنه قال رسول الله ﷺ: « مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِىَ لَهُ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِىَ لَهُ فِى وَسَطِهَا، وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِىَ لَهُ فِى أَعْلاَهَا » [الترمذي].